عند مدخل كوبرى مبارك السلام، الذى يجتاز قناة السويس بأجزائه الضخمة المعلقة، ينتابك شعور غريب، طابور طويل من الانتظار الدائم، وإجراءات أمنية استثنائية، توحى بأنك أمام نقطة مرور حدودية، تقول الجهات الأمنية إن التفتيش الدقيق يهدف لمنع عمليات التهريب المنظمة إلى غزة عبر الأنفاق، لكن هذه الإجراءات كان لها وقع آخر على تجار العريش من أعضاء الغرفة التجارية لشمال سيناء. يحكى عصام قويدر تاجر قطع غيار سيارات جانبا من المشكلة، ويقول: اكتملت فرحة أبناء سيناء بإنشاء كوبرى مبارك السلام، خاصة أنه أنشئ بهدف توفير الوقت واختصار المسافة، إلا أن الفرحة سرعان ما تلاشت، بسبب ما يعانيه المواطنون والتجار على حد سواء من مشكلات فى المعاملة والانتظار لأوقات طويلة للتفتيش، وأحيانا يتفاقم الأمر إلى حد فرض رسوم جمركية على البضائع المتجهة إلى مدينة العريش، ويضيف عصام أنه أحضر شحنة من قطع الغيار قبل أسبوعين، إلا أنه فوجئ باحتجاز السيارة على الكوبرى ومصادرة البضائع على الرغم من تقديم جميع الفواتير والسجل التجارى الخاص به، ويضيف أن الإجراءات الأمنية على الكوبرى تخنق حركة التجارة فى محافظة شمال سيناء، وتفشل فى الوقت نفسه فى منع التهريب الذى يشهد ازديادا فى معدلاته، أما حسين أبو محمد تاجر أخشاب فيقول «بضاعتى تنتظر على الكوبرى منذ أكثر من أسبوع ولا أعلم سبباً محدداً لذلك، فذهبت إلى أقسام الشرطة والنيابة، وكان الرد واضحا من أجهزة الأمن، وهو خشية أن نهربها إلى قطاع غزة»، ويوضح حسين أن التجار الشرعيين المسجلين لدى مصلحة الضرائب هم المتضررون من التصرفات الأمنية، ويطالب بالتأكد من وجهة البضاعة قبل اتخاذ قرار بتعطيلها أو مصادرتها. ومع تفاقم الأزمة عقد المجلس المحلى لمحافظة شمال سيناء، برئاسة سالم العكش وحضور السيد مراد موافى محافظ شمال سيناء جلسة شهدت مناقشات حول الإجراءات الأمنية على كوبرى مبارك، وإنزال البضائع من السيارات على الأرض، لحين السماح لها بالعبور الى مدينة العريش، وأكد عبد الله قنديل، سكرتير الغرفة التجارية بالعريش، أن هذه الإجراءات أدت إلى عزوف العديد من السائقين عن تحميل بضائع للتجار، وتأثر السوق المحلية للمحافظة بسبب النقص فى بعض السلع وارتفاع أسعار سلع أخرى، ومن جهته، أكد اللواء مراد موافى تفهمه لمشكلة التجار وسعيه لحلها من خلال مخاطبة وزارة الداخلية ومديرية أمن شمال سيناء والإسماعيلية. الوضع الاستثمارى فى المحافظة ليس أفضل حالاً، ورغم أن سيناء تعتبر أكثر المحافظات غنى بثرواتها التعدينية، فإن معدلات الإستثمار فيها بطيئة تماماً، وتشير تقارير المحافظة، إلى أن عدد المصانع، التابعة للقطاع الخاص اثنان هما مصنع الأسمنت الذى أنشأه رجل الأعمال حسن راتب وسط سيناء، ومصنع الرخام فى العريش الذى يديره رجل الأعمال محمد درغام، وبخلاف ذلك تعمل عدد من الشركات العامة فى مجال التعدين والملاحات، ويعمل فى المحافظة 103 محاجر للرخام تنتج أفضل الأنواع. ويقول محمود درغام، مدير مصنع الرخام، عضو اتحاد الصناعات، إن مشكلات عمل القطاع الخاص فى سيناء تتلخص فى الروتين الشديد، الذى يعوق مد الكهرباء والمياه لمنطقة المحاجر، ويتابع محمود: هناك مشكلات فى الإقراض والتمويل، تعوق التوسع فى الاستثمار الصناعى فى شمال سيناء، ونتيجة لذلك، تخلفت المحافظة عن برنامج الرئيس مبارك الذى كان يستهدف إنشاء 1000 مصنع. أما شقيقه محمد حسن درغام، فيروى تجربة تعثره فى استصلاح ألفى فدان غرب مدينة العريش من خلال دعوة أطلقها لزراعة مليون شجرة زيتون، يقول درغام إن تربة سيناء صالحة للزراعة، خاصة الزيتون لأنها شجرة لا تحتاج إلى رى كثير وأى مكان نقوم بزراعته بأشجار الزيتون تفاجئنا نتيجة الحصاد المذهلة، وبناء على ذلك، أطلقت دعوة لزراعة مليون شجرة على نفقتنا الخاصة لتصبح سيناء من كبرى محافظات مصر فى تصدير الزيتون، وزيته المطلوب بدرجة كبيرة من الدول الأجنبية، إلا أننى فوجئت برفض المسؤولين بحجة أنهم لن يتمكنوا من تركيب محول لكهرباء الآبار ووضعوا عراقيل أمام استخدامها فى الرى.