من خلال مشهد شهدته حقبة السبعينيات من القرن الماضى، ورصدته أروقة المكتب البيضاوى.. عندما تشرفت بلقاء السيد الدكتور عبد الحليم محمود، شيخ الأزهر، والإمام الأكبر مع الرئيس الأمريكى جيمى كارتر.. وفى هذا اللقاء أهدى الإمام الأكبر مسبحته إلى جيمى كارتر، وذلك بعد أن أبدى إعجابه بها، إلا أنه بعد قبولها سأله عن ثمنها! فقال له الإمام «يا سيدى.. ليس بيننا حساب»، فقال كارتر «ولكنه القانون عندنا يا سيدى»، فتبسم الإمام قائلاً «وهل للهدايا قانون عندكم؟!» فقال كارتر «نعم.. إن الهدية إذا تجاوز ثمنها ثلاثين دولاراً لا يحق لى امتلاكها، وهنا تكون الدولة أولى وأحق بها!!» فقال الإمام «إذن يحق لك امتلاكها فثمنها لا يتجاوز حدها». وعموماً هذا هو تقنين وتقييم وتقويم الهدايا عندهم، أما عندنا فلا نعلم شيئاً عن هدايا الكبار!!.. عندهم الرشاوى وإهدار المال العام من الذنوب التى لا تغتفر إلا بالمثول أمام منصة العدالة ليقول القضاء كلمته، وقد قالها للرئيس «نيكسون» وأدانه وجرده من نزاهته ومصداقيته.. واليوم يقولها للسيد «ديتر زيتشى» رئيس مجلس إدارة شركة «دايملر بنز» لإنتاج السيارات المرسيدس، وذلك من جراء قيامه برشوة مسؤول مصرى كبير وآخرين!! يا سيدى.. لقد رصدت السلطات الأمريكية الرشوة ووضعت يدها على الراشى.. أما عندنا فمازال البحث جارياً عن المسؤول المصرى الكبير المرتشى، وأرسلنا أخيراً نستفسر عن اسمه!! ولا أملك لمقالى هذا قولاً أبلغ من قول المصطفى «لعن الله الراشى والمرتشى والرائش».. ولك الله يا مصرنا.. حسبنا الله ونعم الوكيل على كل من نهبنا وضرنا وأضرنا. عميد مهندس متقاعد- محمد محمود سلامة إسكندرية - المندرة البحرية - برج الزهراء