منذ أثيرت أوائل فبراير الماضى، وعلى صفحات «المصرى اليوم»، فضيحة ال228 ألف فدان التى اشتراها الوليد بن طلال فى توشكى بسعر الفدان مع توصيل المياه والمرافق (50 جنيهاً) يدفع منها فقط 10% والباقى على عشر سنوات، ثم تركها سيادته بوراً بلا استصلاح.. منذ أثيرت الفضيحة وحتى اليوم، لم يتحرك أحد فى هذه الدولة النائمة، وكأن الأمر لا يعنينا، وكأنه جرى فى دولة أخرى، حتى عندما تفضل الأمير بالقول إنه سيقوم مستقبلاً ببيع بعض هذه الأراضى إلى المصريين، وإنه قد يستصلح عدة مئات منها فى السنوات القادمة، لم يكلف أحد نفسه فى وزارة الزراعة بمتابعة هذه الوعود، التى اضطر هذا الأمير لقولها تحت الضغط الإعلامى ليس إلا، وليس احتراماً للمسؤولين المصريين الذين تعامل معهم ، كما سبق أن تعامل معهم أركان الأسرة المالكة عبر التاريخ الطويل من العلاقات باستهانة وأحيانا باستعلاء قديم ومتوارث للأسف. ■ ما علينا.. بعودة إلى جريمة الأراضى البور للوليد بن طلال فى توشكى، تناقلت الأنباء أن الدكتور حامد صديق، المحامى، أقام قبل أيام دعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية بمجلس الدولة يطالب فيها بسحب الأراضى التى تم تخصيصها للوليد بن طلال فى مشروع توشكى، بسبب عدم جديته فى استصلاحها بعد سنوات من صدور قرار التخصيص، وطالب صديق بإلغاء قرار التخصيص الصادر من مجلس الوزراء ووزارة الزراعة الذى نص على تخصيص 2000 كم أى ما يعادل 228 ألف فدان بتوشكى، وذلك لمخالفة قرار التخصيص للقانون المصرى، ومخالفة الوليد بن طلال لنصوص وشرط العقد المبرم مع الحكومة المصرية من حيث وقت التنفيذ وعدد العاملين بالشركة.. ودعا إلى مصادرة جميع الأراضى التى اتهم الوليد بن طلال بالاستيلاء عليها من خلال التحايل والمخالفة للقانون، منها 420 كم2 أى ما يعادل 99 ألفاً و960 فداناً حصل عليها الوليد بن طلال عام 1998 وهى مساحة تعادل 2% من مساحة مصر الكلية وذلك بالمخالفة للقانون. وأكد أن جميع المساحات التى تزيد على 100 فدان، خاصة مع المستثمرين الأجانب، ليست من اختصاص رئيس الوزراء أو وزير الزراعة وإنما تكون باتفاق وقرار رسمى من السيد رئيس الجمهورية، ولا يسرى قرار رئيس الجمهورية إلا بعد عرضه على مجلس الشعب للتصديق عليه وذلك طبقاً لنص المادة رقم 15 من القانون رقم 143 لسنة 1981 والقانون رقم 320 لسنة 1996 وطبقاً لنص المادة رقم 32 من الدستور المصرى التى نصت على حرمة وحماية المال العام. وقال إن شركة المملكة للتنمية الزراعية التى يمتلكها الوليد خالفت بنود العقد المبرم بينها وبين الهيئة العامة للتنمية الزراعية فى أكثر من 20 بنداً مخالفاً للقانون، منها تهرب الشركة من جميع الالتزامات القانونية، خاصة الضرائب بجميع أشكالها مثل ضريبة الدمغة، والضرائب العقارية وضرائب رأس المال المتعلقة بالأرض وكذلك التأمينات، هذا فضلاً عن مخالفتها نصوص العقد رغم بطلانه لعدد العاملين المصريين بالشركة، هذا فضلاً عن سعر الأرض حيث نص عقد البيع على أن قيمة الفدان هى فقط 50 جنيهاً مصرياً لا يتم دفعها إلا على الأراضى التى يتم زراعتها بالفعل رغم أن الحكومة تبيع المتر للمواطنين المصريين فى القرى والنجوع بأكثر من 200 جنيه. واعتبرت الدعوى أن قرار التخصيص الصادر لصالح الوليد بن طلال والعقد الصادر من وزارة الزراعة يتعارض تماماً مع جميع القوانين المصرية، خاصة القانون رقم 8 لسنة 1998، والعقد به مواد تمس هيبة الدولة وسيادتها على أراضيها. ■ ترى هل لدى حكومتنا الغراء ووزير الزراعة الهمام الذى لا يزال يدافع عن الوليد ويصفه بكل ثقة بأنه (جاد)، ولم أعد أفهم معنى الجدية فى كلام هذا الوزير، سوى بالمعنى السلبى لها.. هل لدى هؤلاء علم بهذه القضية، وبالمعلومات المهمة التى احتوتها، وماذا هم فاعلون تجاهها؟ ولماذا لا يتم استثمارها لصالح هذا البلد وشبابه العاطل والباحث عن قطعة أرض يستصلحها ويعمرها، خاصة شباب أسوان، الذين التقيت بهم مؤخراً ووجدتهم يعانون أشد المعاناة من البطالة، ولا يجدون فرصة عمل وحيدة، أو قطعة أرض فى بلادهم يزرعونها، أليسوا هم أولى من (الوليد) وكل المستثمرين الذين تركوا الأرض بوراً لأكثر من عشر سنوات؟ ألا تؤدى هذه السياسات العرجاء إلى انتشار التطرف والإرهاب، لأن ميزان العدل مختل فى وطن حوله بعض المسؤولين للأسف إلى شقة مفروشة تؤجَّر لأراذل الناس، أو سلعة معروضة على قارعة الطريق يتقاذفها اللصوص وناهبو المال العام، لا إجابة لدىّ سوى «لا حول ولا قوة إلا بالله». [email protected]