بعد توقيع اتفاقية خفض الأسلحة النووية بين روسيا والولايات المتحدةالأمريكية، تقدمت دول أوروبية فى مقدمتها ألمانيا- بطلب سحب وخفض مخزونها من مئات الرؤوس النووية المكدسة على قواعد فى أراضيها، خصوصا الرؤوس النووية الأمريكية. وأوروبا على وجه التحديد توصف بأنها قارة قابلة للانفجار، لأنها تحولت إلى ترسانة ضخمة لتخزين الأسلحة النووية الأمريكية والسوفيتية منذ سنوات الحرب الباردة، ما بين عامى 1950 و1960، إذ حوت منذ ذلك التاريخ 7 آلاف قنبلة نووية. أما الرقم القياسى لأكبر دولة أوروبية تستضيف القدر الأعظم من الخطر النووى، فتحققه ألمانيا لاحتوائها على 2750 قنبلة نووية. ورغم انتهاء الحرب الباردة، بقيت أوروبا تستضيف مخزون الرؤوس النووية الأمريكية، لذا طلبت بلجيكاوألمانيا وهولندا والنرويج رسميا من حلف الأطلنطى خفض هذا المخزون من أراضيها، أو سحبه بالكامل. وبينما التزمت إيطاليا الصمت، هللت لخطوة توقيع الاتفاقية النووية بين روسيا والولايات المتحدة. فبعد سقوط الستار الحديدى، وتوحيد الألمانيتين، ودخول دول شيوعية سابقة كانت مهمة فى حلف وارسو، إلى الاتحاد الأوروبى، كبولندا والمجر والتشيك، انتزعت إيطاليا من ألمانيا الأهمية الإستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة وحلف الأطلنطى، لإطلالها على حوض المتوسط، بما يمثله من مخاطر كامنة للغرب. ونتيجة لذلك، من المستبعد أن تحذو إيطاليا حذو الدول الأوروبية الأربع، بل إن مراقبين يرون أن ترسانة الأسلحة النووية الأمريكية فى قواعدها على الأراضى الإيطالية، لن تكون حتى موضع نقاش. ويصعب التكهن بعدد القنابل والرؤوس النووية الأمريكية، المكدسة فى القواعد العسكرية الرابضة على الأراضى الإيطالية، سواء التابعة للولايات المتحدة، أو تلك التابعة لحلف الأطلنطى، وتتضارب المعلومات الرسمية الإيطالية حول العدد الفعلى. مع ذلك، تقول مصادر إن الرقم بدأ بالعشرات، ووصل إلى 30 قنبلة ورأس نووية مع نهاية عام 2005. لكن التكديس تواصل بعد ذلك، لتغير موازين النظرة الإستراتيجية الأطلسية والأمريكية، واعتبار إيطاليا ذات أهمية أكثر فى الأمن النووي. وارتفع مخزون القنابل والرؤوس النووية فى إيطاليا تبعا لذلك إلى نحو 90 وحدة نووية، مخزونة فى عدد من القواعد العسكرية المهمة، فى أفيانو وبيزا وبريشيا.. وربما أيضا فى مادلينا. وكما يقول متحدث باسم وزارة الدفاع الإيطالية، فإن حجم مخزون القنابل والرؤوس النووية الأمريكية فى إيطاليا لا يعرف حجمه أى مسؤول إيطالى، ولكنه سر مدفون لدى أمريكا.. فالأمريكان وحدهم الذين يعلمون عدد القنابل والرؤوس النووية المخزونة فى القواعد الإيطالية. وأدت الاتفاقية الجديدة لخفض الترسانة النووية لروسيا والولايات المتحدة، إلى جانب قمة الأمان النووى فى واشنطن إلى تفتيح العيون على معالم خريطة الترسانة النووية المخزونة على أراضى دول أوروبية، أو بحر أوسطية.. رغبة فى إخضاعها هى الأخرى لخطوات خفض القنابل والرؤوس النووية المخزونة فى مخازنها.. وبعضها دول تحرص على بقائها خارج نطاق الاتفاقية الدولية للطاقة النووية، وفى مقدمتها إسرائيل.