من المهم ونحن فى خضم الزخم الراهن لدعم الوحدة الوطنية، أن تطرح العديد من المقترحات التى تفى بهذا الغرض. ولعل أحد أسس هذا الدعم هو إعادة النظر فى نظام الانتخاب الفردى لمجلسى الشعب والشورى والمجالس المحلية، إضافة لكوتة العمال والفلاحين للمنتخبين فى المجالس الثلاثة وكوتة المرأة بمجلس الشعب. فهذا النظام يساهم من واقع بيئة التطبيق فى دعم الطائفية بين أفراد الشعب، وذلك فى أكثر من زاوية: فمن ناحية يجعل نظام القوائم كلاً من الأحزاب والقوى السياسية الطرف المسؤول عن وضع برامج انتخابية، وهذه القوى تصبح مسؤولة عن تحديد أسماء مرشحيها، والرقابة على الدعاية لهم. على أن التنبيه الواجب هنا هو أن العودة لنظام القوائم يجب أن يكون متماشيًا مع تحرير نشأة الأحزاب السياسية تحريرًا كاملاً بدلاً من النظام الحالى القائم على الترخيص لا الإخطار، وهو أمر واجب للقضاء على ظاهرة المستقلين فى الحياة السياسية والتى تشغل أكثر من90% من المواطنين. كما يجب أن تكون القوائم المقررة بالقانون قوائم نسبية غير مشروطة بأى شروط تجعل الغلبة لحزب الأغلبية على حساب أحزاب وقوى المعارضة. مقابل ما سبق يطلق النظام الانتخابى الفردى العنان للمرشحين بالدعاية لأنفسهم، ونظرًا لغياب الرقابة على الحملة الانتخابية فور قبول أوراق الترشيح، يستباح استخدام الشعارات الطائفية- ولا نقول الدينية- للحشد والتعبئة، وكلنا هنا نعلم كيف أن مرشحى الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم رفعوا شعارات طائفية فجة فى كل الانتخابات الفردية السابقة لكسب الأصوات للفوز على حساب وحدة الشعب بأسره، وقد تم ذلك على مرأى ومسمع وصمت الإدارة القائمة على العملية الانتخابية. من ناحية ثانية، فإن النظام الفردى وهو بطبيعته نظام الدوائر محدودة المساحة، نظام يغرى المرشحين على التعامل مع الناخبين على أساس شخصى وعصبى، الأمر الذى يجعل هناك فرصاً أكبر للنيل من الحرية الدينية للمواطنين، واللعب على وتر الدين لكسب أصوات الناخبين، خاصة فى مجتمع يعانى من فقر فى الخدمات وزيادة فى نسب البطالة، وهى ظروف تنتعش فيها الانقسامات الأولية لجميع المجتمعات0 من ناحية ثالثة، فإن الأداء المتوقع للنواب المنتخبين على أساس النظام الانتخابى الفردى يسمح لهم بالخوض فى مشكلات الدائرة دون مشكلات الوطن ككل، كما يجعل المناقشات تحت قبة البرلمان ذات طابع جهوى ومحلى، الأمر الذى يعزز من إمكانية قيام النائب بفرز الدائرة على أسس دينية، خاصة فى مجال تقديم الخدمات لأبناء الدائرة، لا سيما ما يتعلق بمشكلة المشاكل وهى التوظيف والتشغيل. أما فيما يتعلق بالكوتة أو نظام الحصص، فإن إعمال هذا النظام يتيح بشكل أكبر تصنيف الناخبين على أسس اجتماعية، صحيح أنها فى النظام الانتخابى المصرى تتم على أساس غير دينى، لأنها تتم على أساس المهنة (عمال- فلاحين- فئات) والنوع (ذكور- إناث)، لكن هذا الأمر مشكلته أنه يغرى الكثيرين بإحداث تصنيف ثالث على أساس دينى، هنا يصبح للطائفة نصيب محتمل، طالما كانت هناك معاملة تفضيلية للبعض دون الآخر. وهذه المعاملة التفضيلية رغم أنها مدعومة بالدستور وفق المادتين 62 و87 اللتين تشير ان لكوتة المرأة وكوتة العمال والفلاحين، فإنها جميعًا تخالف نصوص الدستور فى المواد 1 و8 و40 التى تدعو للمواطنة وتكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين. لكل هذه الأسباب فإن هناك فرصا مازالت متاحة لتعديل النظام الانتخابى قبل بدء الانتخابات الجديدة، صحيح أن الوقت ضيق لتعديل الدستور قبل الانتخابات فيما يخص الكوتة، لكن من الممكن على الأقل تعديل القوانين لتجرى الانتخابات على أساس نظام القوائم، وهو تعديل لا يمس صحيح الدستور الحالى.