كشف خطاب موجه من مكتب الإرشاد فى جماعة الإخوان المسلمين، إلى قيادات الجماعة فى الجزائر عن أول تحرك للجماعة الأم فى عهد الدكتور محمد بديع، المرشد العام الجديد، نحو التنظيم الدولى للجماعة، وإصدار التكليفات واللجان التى ظل عدد كبير من قيادات الجماعة ينفى فعاليات أو وجود التنظيم الدولى للإخوان. كشف الخطاب عن تكليف لجنة خاصة فى الجزائر لإجراء دراسة لحل أزمة الانشقاق الشهيرة التى شهدتها الجماعة هناك قبل نحو عام ونصف العام، على خلفية الصراعات الداخلية لحركة مجتمع السلم التى يرمز لها باسم «حمس»، وهو الاسم الذى تحمله الجماعة هناك، وانشقت منها حركة الدعوة والتغيير وظل الجانبان يمثلان جماعة الإخوان المسلمين دون اعتراف مكتب الإرشاد بأى منهما حتى الآن. يقول الخطاب، الذى حصلت «المصرى اليوم» على صورة منه وموجه من الدكتور محمد بديع، المرشد العام للجماعة، إلى أبوجرة سلطانى، مسؤول حركة مجتمع السلم «حمس»، وعبدالمجيد مناصرة، زعيم الحركة المنشقة باسم حركة الدعوة والتغيير، بعد أن رمز إلى أسماء قيادات الإخوان فى الجزائر: «تعلمون جميعاً أن اللجنة الخاصة ببلدكم الحبيب أيها الأحباب مستمرة فى عملها لدراسة الموضوع، وبعد الاستعانة بالله وحده ثم بتعاونكم معها، نسأل الله أن نصل إلى حل يرضى الله سبحانه وتعالى، ويجمع الشمل ويوحد الصف ويرسى مساراً واضحاً للعمل إن شاء الله». وطلب الخطاب المؤرخ فى 7 أبريل الجارى من طرفى النزاع ما سماه «خطاب نوايا»، بقوله: «لذلك إخوانى الكرام فإن أول الإجراءات التى نطلبها منكم هى خطاب نوايا من كل من الطرفين يصلنا خلال أسبوعين من تاريخه، على أنه يتضمن هذا الخطاب عدة بنود، هى أولاً تتوقف جميع الحملات الإعلامية من كل الأطراف فوراً حتى تُصدر اللجنة قراراتها فى المستقبل، ثانياً موافقة الطرفين على أن قرار يوليو 2008 ذا ال13 بنداً، وكذلك ما كانت عليه الأحوال التنظيمية والهيكلية للحركة فى كل القطر حينئذ، هو المرجعية الأساسية للحل، ثالثاً الموافقة الصريحة على أن تكون هناك مرحلة انتقالية مدتها 6 أشهر تبدأ من التاريخ الذى سوف تحدده اللجنة ثم تجرى بعدها انتخابات داخلية شاملة، رابعاً الالتزام التام من كل الأطراف بتنفيذ قرارات اللجنة المعتمدة من مكتب الإرشاد العالمى، والمرشد العام بخصوص العمل فى القطر بما فى ذلك ما قد يطلب من بعض الأخوة بعدم الترشح لأى مناصب إدارية فى رئاسة الحركة (الرئيس ونوابه)، ورئاسة مجلس شورى الجماعة وكذلك عضوية المكتب الوطنى». وتعود وقائع الانشقاق فى إخوان الجزائر إلى عام 2008 عندما أعلن عبدالمجيد مناصرة، نائب رئيس حركة مجتمع السلم «حمس» انشقاقه على رئيس الحركة أبوجرة سلطانى، اللذين وجه بديع خطابه لكليهما، وأنشأ الأول حركة باسم الدعوة والتغيير ضم فيها عدداً كبيراً من قيادات وأعضاء كوادر الإخوان لرفض الاعتراف بالانتخابات الداخلية التى أجريت داخل الحركة، وجاءت بالمناصرة رئيساً، متهماً إياه بالتزوير، مما جعله يعلن انشقاق الحركة. وأعلن محمد مهدى عاكف، المرشد العام السابق للجماعة، تدخله للصلح بين الجانبين، إلا أن محاولاته باءت بالفشل، رغم اتصالات الطرفين بمكتب الإرشاد فى القاهرة للفوز بشرعية «الإخوان المسلمين» فى الجزائز، ومحاولة تزكية التنظيم الدولى لقيادة الجماعة، وقام الطرفان من خلال قياداتهما بعدد من الزيارات طوال العام الماضى لعدد من مدن العالم لمحاولة فوز كل منهما بالشرعية من التنظيم الدولى، وكانت أبرز هذه الزيارات إلى القاهرة، حيث مقر مكتب الإرشاد والجماعة الأم، إضافة إلى لقاء إبراهيم منير، الأمين العام للتنظيم الدولى فى لندن، وصاحب قرار تجميد انتخابات «حمس» بعد فوز سلطانى برئاسة الحركة فى مؤتمر أبريل 2008، الذى كان سبب الانشقاق الكبير، وهو القرار الذى تردد أن منير اتخذه بالتنسيق مع المشرف العام على الاتصال الخارجى عبدالمنعم أبوالفتوح، لكن مكتب الإرشاد أصدر قراراً بإجمالى الأعضاء بإلغاء هذا القرار واستمرار الأوضاع على ما هى عليه. وفى تعليقه على هذا التحرك، قال الدكتور عمار على حسن الخبير فى شؤون الحركات الإسلامية ل«المصرى اليوم» هذه الواقعة تؤكد أن الإخوان المسلمين لايزالون حريصين على بناء علاقات مستمرة مع أجنحة الجماعة وفروعها فى مختلف أنحاء العالم، الأمر الذى يرد على كل المزاعم التى تتحدث عن اختفاء ما يعرف بالتنظيم الدولى للجماعة. مشيراً إلى أن الجماعة الآن فى مصر ليست ممكنة من تنفيذ إرادتها لدى أفرعها أو الجماعات التى انبثقت عنها، حيث إن الجناحين المتعارضين فى الجزائر لم يمتثلا طوال مدة الانشقاق لكل التدخلات التى حاول بها إخوان مصر إنهاء الخلاف الشديد الذى نشب فى إطار حركة مجتمع السلم «حمس». وأضاف حسن: «الجماعة نفسها لا تحمل رؤية موحدة فى معالجة مشكلات أفرع الجماعة فى الخارج، لأنه بينما انتهى المرشد السابق عاكف إلى التبرؤ التام من فرع الجماعة بالجزائر واعتبرها لا تمت بأى صلة إلى حركة الإخوان نجد أن الدكتور بديع يحاول إحياء محاولة لم الشمل من الفرقاء المتعارضين».