ألغت محكمة القضاء الإدارى بشكل نهائى قرار الهيئة العامة للرقابة المالية بالموافقة على بيع الشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول «موبينيل» إلى شركة فرانس تليكوم. وبينما لم تحدد بعد الشركة الفرنسية موقفها من الحكم أو الكشف عن الخطوات المنتظر اتخاذها بشأن نزاعها على ملكية الشركة مع شريكها الرئيسى أوراسكوم تليكوم المصرية، فإن هيئة الرقابة المالية رهنت تقدمها بطعن على الحكم بالانتهاء من دراسة حيثيات صدوره. وقالت دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة فى حيثيات حكمها، أمس، إن قرار هيئة الرقابة المالية الصادر فى ديسمبر الماضى والمؤيد بقرار آخر من لجنة التظلمات فى يناير الماضى، بالموافقة على عرض الشراء المقدم من فرانس تليكوم، جاء مخالفا لمبادئ الشفافية والإفصاح والمساواة وتكافؤ الفرص. ويعد هذا الحكم تأييدا لحكم تمهيدى سبق أن أصدرته محكمة القضاء الإدارى مطلع يناير الماضى بشأن النزاع بين الشريكين فى شركة المحمول. وأضافت المحكمة أن قرار هيئة الرقابة المالية بقبول عرض فرانس تليكوم غاير بين سعر العرض الإجبارى البالغ 245 جنيها للسهم والسعر المشتق من التحكيم الدولى وقدره 273 جنيهاً، دون مبرر من الواقع والقانون، وهو ما يضر بالمساهمين ويجعل للسهم الواحد سعرين ويخالف مبدأى المساواة وتكافؤ الفرص المقررين باللائحة التنفيذية لقانون سوق المال. وأشارت إلى أن تقرير المستشار المالى المستقل (شركة برايم كابيتال) المعتمد من هيئة الرقابة المالية، أظهر أن العرض المقدم من فرانس تليكوم يقل عن التقييم المعد بواسطة المستشار المالى المستقل، الذى رأى أن البيع بالسعر المعروض (245 جنيهاً) لا يحقق المصلحة العادلة لصغار المساهمين. كان تقرير المستشار المالى لتقييم عرض شركة «فرانس تليكوم» للاستحواذ على كامل أسهم «موبينيل»، قد جاء أعلى من العرض الفرنسى المقدر بنحو 245 جنيها، ليتراوح سعر السهم بحسب التقييم ما بين 263 و337 جنيها. كما طعنت المحكمة فى مبررات تقدم فرانس تليكوم بعرض شراء إجبارى بسعر 245 جنيها للسهم، كسعر مغاير للسعر المشتق من حكم التحكيم الدولى بذريعة وجود أرباح نقدية محتجزة لم يتم توزيعها على مساهمى موبينيل. وأوضحت أنه ثبت للمحكمة أن الأرباح قد حجبت فى تاريخ لاحق لحكم التحكيم الدولى، فضلا عن كونها لم تنشئ أى حقوق جديدة سواء ل«فرانس تليكوم» أو لغيرها يمكن معها أن تكون عنصرا فى تقييم سهم شركة موبينيل. وأكدت المحكمة أن تحديد السعر المشتق من سعر التحكيم الذى اعتدت به الهيئة وجميع أطراف الخصومة سندا لإعمال مبدأى المساواة وتكافؤ الفرص كأساس للسعر العادل، هو واقعة سابقة على نشوء الأرباح المحتجزة غير الموزعة، ومن ثم فلا يجوز الاعتداد بها للتغيير من السعر المشتق المعتمد كأساس لقبول عرض الشراء. وتعد الأحكام الصادرة عن القضاء الإدارى أحكاما واجبة النفاذ، لا يوقف الطعن عليها أمام المحكمة الإدارية العليا تنفيذها، فيما قال أحمد الصيرفى ممثل هيئة الرقابة المالية، إنه سيقوم بدراسة أسباب الحكم كاملة، ويعد بشأنها مذكرة إلى رئيس الهيئة للبت فى مسألة الطعن على الحكم من عدمه أمام المحكمة الإدارية العليا التى تعد آخر درجات التقاضى. وفى هذا السياق، كشف الدكتور خالد سرى صيام، نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية فى تصريح ل«المصرى اليوم»، أن الهيئة ستحدد اتجاهها وتدرس عددا من البدائل القانونية، بناء على الحكم وأسبابه. وقال سرى صيام إن البدائل المتاحة، منها الطعن على قرار المحكمة أو الاكتفاء بتنفيذه، مع الانتظار لأحداث جديدة «قد تطرأ على النزاع بين الشركتين». كانت «الرقابة المالية» قد تقدمت قبل أسبوعين بمذكرة تعرض فيها موقفها بالكامل أمام المحكمة للاطلاع عليها، تستعرض فيها جميع المسببات القانونية التى دفعتها لقبول عرض «فرانس تليكوم» لشراء كامل أسهم «موبينيل» والتى استندت فيها إلى قانونية العرض ومدته. وفى سياق متصل، أكد الدكتور زياد بهاء الدين رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية أن الهيئة ملتزمة بتنفيذ حكم المحكمة بشأن الطعن. وأضاف بهاء الدين فى تصريح خاص ل«المصرى اليوم» أن ما يترتب على الحكم حددته المحكمة فى نهاية حكمها، وهو ما ستتم دراسته. ويعد الحكم، حسب خبراء اتصالات وأسواق مال، بمثابة نقطة جديدة للخلاف القائم بين الشركتين، متوقعين إما تقديم عرض استحواذ جديد بسعر أعلى تتقدم به «فرانس تليكوم» إلى «الرقابة المالية» أو التقدم بالطعن سواء من هيئة الرقابة المالية أو الشركة الفرنسية. لكن شركة فرانس تليكوم الفرنسية لم توضح بعد موقفها من الحكم الصادر أمس من المحكمة الإدارية. وقال المهندس هشام العلايلى، نائب رئيس فرانس تليكوم للشرق الأوسط، عبر اتصال هاتفى مع «المصرى اليوم» من باريس إن الشركة لم تطلع بعد على حيثيات الحكم، ومن ثم فإنها لن تصدر أى تعليق لحين الحصول على تلك الحيثيات. ورفض العلايلى بشكل قاطع توضيح ما إذا كانت الشركة تعتزم الطعن فى الحكم أمام أى من الدوائر المصرية أو الدولية، مكتفيا بالإشارة إلى أن فرانس تليكوم تسعى الآن للحصول على حيثيات الحكم لتقرر الخطوة التالية. من جانبها، رحبت شركة أوراسكوم تليكوم بالحكم الصادر لصالحها، وقالت منال عبدالحميد الناطق الرسمى باسم الشركة، إن الشركة بصدد إصدار بيان صحفى لتوضيح موقفها من الحكم. بدأ الخلاف بين «فرانس تليكوم» و«أوراسكوم تليكوم» على الشراكة فى «موبينيل» فى التصاعد منذ صدور قرار تحكيم دولى فى أبريل 2009 يتيح للشركة الفرنسية شراء حصة «أوراسكوم» فى «موبينيل القابضة للاتصالات» المالكة نحو 51% من المصرية لخدمات التليفون المحمول، والذى يترتب عليه تقديم الشركة الفرنسية عرض شراء إجبارياً لحصة الأقلية وفقاً لقانون سوق المال المصرية. وقدمت الشركة الفرنسية أكثر من عرض لشراء حصة الأقلية، وصل فى أقصاه إلى 245 جنيها للسهم، غير أن أوراسكوم تليكوم تمسكت بتكافؤ العرض مع السعر المشتق من التحكيم الدولى البالغ 273 جنيها، لكن هيئة الرقابة المالية وافقت على العرض الأخير لفرانس تليكوم، بناء على عدد من المبررات التى دفعت بها الشركة الفرنسية وتتعلق بالأرباح المحتجزة، لكن شركة أوراسكوم تليكوم لجأت إلى القضاء الإدارى، بعد أن رفضت هيئة الرقابة المالية التظلم المقدم منها بشأن موافقة الهيئة على عرض «فرانس تليكوم» بسعر 245 جنيها لكل سهم. ورأى خبراء أن الحكم الأخير لمحكمة القضاء الإدارى ، قد يدفع شركتى «فرانس تليكوم» و«أوراسكوم تليكوم» الشريكين الرئيسيين فى موبينيل إلى إعطاء أولوية أكبر للمفاوضات التى بدأت قبل فترة بينهما لمحاولة التوصل إلى تسوية ودية بشأن النزاع الحالى. وسبق أن أبدت الشركتان اهتماما بهذه المفاوضات، لكنهما لم تكشفا عن حدوث تطورات لافتة بشأنها.