هل تقبل أن تعمل موظفاً إلكترونياً.. قد تستطيع الإجابة عن السؤال السابق مباشرة بالرفض أو القبول، لكنك – بالتأكيد – لن تنفى «فانتازية» الفكرة، على غرار أفلام هوليوود التى قدمت نموذجا للعبقرى «منكوش الشعر»، الذى يجلس طيلة الوقت أمام الكمبيوتر، وربما تظن الأمر حيلة جديدة للنصب، لكنك فى النهاية ستميل بأن ذلك التطور الطبيعى للثورة التكنولوجية. بعيداً عن النموذج الهوليوودى لعبقرى الإنترنت، محترف «الماكونتوش»، لا تبدو الفكرة مغرقة فى الخيال إلى هذه الدرجة، فمع بداية الإنترنت بدأت فكرة العمل من خلاله تراود مستخدميه، خاصة أن الشبكة العنكبوتية وفرت لمستخدميها تكنولوجيا غير تقليدية، كسرت كل قواعد الجغرافيا، وضاعفت سرعة نقل البيانات عن طريق وسائطها الجديدة، بطريقة لم يكن أشد المتفائلين ليتوقعها، مهما شطح به الخيال. والملاحظ أن استغلال البعض لإمكانيات التكنولوجيا الجديدة فى تنفيذ عمليات نصب إلكترونية، سهلها لهم فى البداية انعدام الرقابة على هذا العالم الافتراضى، وصعوبة مطاردة المجرمين الإلكترونيين عبره، وهو ما حول الأمر إلى «كابوس» مرعب بدد أحلام الربح السريع، قبل أن تظهر بعض المواقع الجادة التى تعمل كوسيط للربط بين عملاء لهم مصالح يمكن إنجازها على الإنترنت، ومستخدمين يمكنهم إنجاز تلك المهام بمقابل مادى، وتقوم تلك المواقع «الوسيطة» بالحصول على جزء من المال المتفق عليه نظير الخدمة التى تقدمها للطرفين. طاهر أبوزيد، طالب بكلية الطب، يروى تجربته فى العمل مع تلك المواقع قائلا: «صادفت منذ شهور موقعاً يتبنى فكرة العمل الحر «freelance»، ويتميز بتنوع مجالاته، بدءاً من الكتابة والتدوينات، ومرورا بخدمات الصوت أو الفيديو، مثل تسجيل الكتب بالصوت، أو ما يعرف ب «audio books»، وانتهاء بعمل مونتاج مقاطع الفيديو، وتصميم الإعلانات ثلاثية الأبعاد، أو المقدمات المتحركة عن طريق «Adobe flash»، و«Adobe after effects»، وحرصت على الاتصال بهم للحصول على وظيفة أولى على الموقع لأنها الخبرة التى ترشحك للعمل فى مشاريع كبرى. أضاف أبوزيد: «فى البداية أنشأت ملفاً شخصياً (بروفايل) جيداً يشمل مهاراتى وخبراتى، وبعد ذلك تصفحت قائمة المشروعات المتاحة للعمل، اخترت مشروعاً كان عبارة عن استخراج 600 سؤال من كتاب علمى باللغة الإنجليزية لأحد أساتذة الجامعة الذى فضل دفع المبلغ لشراء وقت استخراج الأسئلة». وتابع: «قمت بتنفيذ المشروع فى الوقت المحدد حتى أحصل على تقدير جيد يضاف لملفى الشخصى، وبعد قبول العميل ما نفذته أبلغنى الموقع بأن رصيدى بلغ 60 دولارا، والقيمة ليست فى المبلغ قدر تسجيلها فى الملف الشخصى لتزكينى للقيام بمشروعات جديدة، وكسب ثقة عملاء جدد، وبالفعل بدأت العجلة تدور ونفذت أكثر من مشروع حتى تراكم رصيدى وأصبح 500 دولار تقريبا خلال شهر واحد». وحول انتشار عمليات النصب فى هذا المجال، لفت طاهر إلى أن العمل على الإنترنت مثل العمل العادى، له عيوبه وصعوباته ومميزاته كذلك، وأوضح أن أول تلك العيوب هو انتشار الإعلانات الكاذبة عن الربح السريع فى حالة دخول موقع معين. ويعد موقع (oDesk (odesk.com/w أشهر المواقع التى تتبنى العمل بهذا الأسلوب، ويقدم الموقع لمستخدميه طريقتين فى العمل، من خلال تنفيذ مشاريع محددة لكل منها تكلفتها، أو العمل بالساعة، والتى يصل مقابلها المادى إلى 10 دولارات، لكنها تختلف حسب خبرة كل شخص. ويضمن الموقع عملك لهذه الساعة فعلياً، عن طريق برنامج يقوم بمراقبة نشاطك أثناء فترة العمل، ويرسل تقارير فورية إلى العميل، كما يمنح المستخدم شهادة بتقديره – بعد انتهائه من العمل على الوجه الأمثل- لكسب ثقة عملاء آخرين. وهناك أيضا موقع (Rentacoder.com) ويختلف أسلوب العمل فى هذا الموقع عن سابقه، حيث إنه يتم بإنجاز مشروع مقابل مبلغ يتم الاتفاق عليه بين العميل والمستخدم، عن طريق ما يشبه المناقصة، إذ يتقدم كل مستخدم بخبراته والمبلغ الذى يريده، وأعماله السابقة، وعلى العميل اختيار من يراه مناسبا لتنفيذ مشروعه. ويضمن هذا الموقع حق المستخدم فى الحصول على المبلغ المتفق عليه عند تنفيذ المهمة، ولا يعطى أمر التنفيذ إلا فى حالة تسلم المبلغ من العميل، وتكون طريقة الدفع عن طريق شركات تحويل الأموال والبنوك الإلكترونية.