مع اقتراب الذكرى الثالثة لانفصال قطاع غزة وتقطيع أوصالها السياسية عن الضفة الغربية، رصد المواطنون ما وصفوه بالتحول الكبير، الذى طرأ على مضامين الخطب والدروس فى مساجد القطاع، منذ سيطرت عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فى منتصف يونيو 2007. واشتد الجدل فى الآونة الأخيرة بين مدافعين عن «حماس» ومنتقدين لها، يرون أن ثمة «انحرافاً» فى المساجد عن أداء دوره الدعوى إلى التنظير الحزبى للحركة الإسلامية، من خلال الترويج لمواقفها السياسية، ضد السلطة الوطنية الفلسطينية فى رام الله. شعبياً، انعكس الجدل الكلامى فى جنوح عدد كبير من المواطنين إلى أداء الصلاة فى مساجد مختلفة عن تلك التى كانوا يصلون بها. وأصبح البعض يفضل المساجد التى لا تشرف عليها حركة «حماس» أو حكومتها، جراء ما يعتبرونه «تحول تلك المساجد إلى أماكن للسباب على طرف فلسطينى بعينه (السلطة الفلسطينية)». الحكومة الفلسطينية المقالة فى غزة نفت من جانبها تلك «الادعاءات»، ورفضت اتهامها باستخدام منابر المساجد للتنظير أو التكفير أو السباب. وقال الدكتور طالب أبوشعر، وزير الأوقاف فى الحكومة المقالة، إن السياسة العامة للخطباء فى الوزارة تسير تجاه الموضوعات التى تعيد الوحدة للشعب الفلسطينى، والابتعاد عن الموضوعات مثار الخلاف والجدل السياسى، لافتاً إلى وجود حرص كبير على تخصيص منابر المساجد لتعليم الناس شؤون دينهم وعدم الإغراق فى الخطب السياسية. وقال أبوشعر ل«المصرى اليوم»: «نحن لا نلزم الخطباء بالحديث عن حماس أو غيرها، لكننا نحثهم على توجيه الناس إلى رص الصفوف وتعريفهم مقتضيات دينهم». وأوضح أن وزارة الأوقاف تعقد الدورات والبرامج التأهيلية للوعاظ والخطباء، لتوجيههم إلى الدعوة بلين ولطف دون المس بأحد، لافتاً إلى أن التعامل مع ظاهرة تعليق رايات «حماس» على كل المساجد تحتاج إلى روية، حتى لا تحدث أى فتن بين المصلين. فى المقابل، أكد الدكتور محمود الهباش، وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينىبرام الله، أن حركة «حماس» تستغل المساجد للتحريض بصورة غير مقبولة شرعاً وقانوناً على أطراف فلسطينية تختلف معها سياسياً، لافتاً إلى استخدام مضامين «التخوين والتكفير والتفسيق وبث الكراهية على منابر مساجد القطاع». وقال ل«المصرى اليوم»: «المساجد بغزة أصبحت مراكز تنظيمية لحماس، ومهمتها تبرير كل مواقفها وتصرفاتها، بما يتناقض مع رسالة المساجد وغاياتها فى توحيد الأمة وتعليم الناس أمور دينهم». وأضاف: «المسجد أصبح للون سياسى واحد، بهدف التحريض والدعوة إلى العنف وإجازة الخروج عن ولى أمر المسلمين فى فلسطين». ودعا الهباش إلى عودة المساجد إلى الدعوة الإسلامية وليس الحزبية، إذ لا يمكن لأحد اعتبار نفسه ممثلاً للإسلام دون غيره، لافتاً إلى أن انحراف المسجد عن أداء دوره ساهم فى زيادة الانقسام الفلسطينى. بدوره، أوضح الداعية الإسلامى الدكتور إبراهيم ماضى أنه علم بتوجيهات حقيقية لخطباء وزارة الأوقاف بغزة، بالدعوة إلى الوحدة وجمع الصفوف، والابتعاد عما من شأنه بث الفرقة. وشدد ل«المصرى اليوم» على أن ضرورة مراجعة بعض الأخطار التراكمية الخاصة باستخدام منابر المساجد لجهات بعينها، مطالباً بمعالجة قضية رفع الرايات الحزبية التى تفرق بين الفلسطينيين على المساجد.