أشاد تقرير بعثة صندوق النقد الدولى بقدرة الاقتصاد المصرى على اجتياز تداعيات الأزمة المالية العالمية نتيجة للإصلاحات الهيكلية التى اتخذتها الحكومة منذ عام 2004، مؤكدا أن تطوير السياسات المالية والنقدية وتهيئة المناخ الاستثمارى وتفادى عوامل الضعف الخارجية كانت من «أهم» هذه الإصلاحات. وصف تقرير بعثة الصندوق الاقتصاد المصرى بأنه كان «مرناً» إزاء الأزمة الاقتصادية العالمية، موضحاً أنه تم احتواء «عدوى الأزمة المالية» من خلال الهيكلة، بفضل المستويات المنخفضة من الاندماج المالى مع الأسواق المالية العالمية. وأشار التقرير إلى أن الإصلاحات المستمرة وواسعة النطاق منذ عام 2004 «أى منذ حكومة نظيف» أدت إلى الحد من عوامل الضعف المالية والنقدية والخارجية، وعملت على تحسين المناخ الاستثمارى، منبها إلى أن ذلك دعم متانة الاقتصاد ووفر متنفساً للسياسة الملائمة ولحدوث الاستجابات منها. وأكد التقرير أنه تم تخفيف شروط السوق المالية منذ الانكماش الأول فى النشاط التجارى، مشيراً إلى أن تدفقاً حاداً فى رأس المال إلى الخارج حدث فى النصف الثانى من العام 2008، بسبب انسحاب المستثمرين الأجانب من أسواق الأسهم والديون الحكومية. وقال إن ثقة المستثمرين فى مصر و«شهيتهم» للمخاطرة تحسنت فى شهر مارس 2009، بينما عكست البورصة مسارها واستمرت تدفقات رأس المال وأخذت الاحتياطات الدولية الرسمية فى الارتفاع. وأضاف التقرير أن الأداء الاقتصادى كان أفضل مما كان متوقعاً، على الرغم من بقاء ارتفاع مستويات التضخم، مشيرا إلى أن النمو انخفض إلى 4.7% فى العام المالى 2008/2009 لكنه حافظ على إيجابيته استناداً إلى إنفاق المستهلكين والإنتاج فى قطاعات البناء والاتصالات والتجارة. وتابع أن النصف الأول من العام المالى 2009/2010 يقدم دليلاً آخر على انتعاش النمو الاقتصادى والطلب الخارجى. واستطرد: «التضخم تجاوز نسبة ال13% فى الأشهر القليلة الماضية بعد انخفاضه بسرعة من 24%». وقال: «يبدو أن التضخم الأساسى يظل فى نطاق منطقة الراحة غير الرسمية بالبنك المركزى»، وهو التضخم المخصوم منه أثر السلع المسعرة إدارياً والأخرى سريعة التذبذب. وأكد التقرير أن الاستجابات المالية والنقدية الفورية ساعدت فى تحمل تأثير فترة ما بعد الأزمة المالية، موضحاً أن الإنفاق الإضافى على البنية الأساسية – بعضه خارج الميزانية - قدم حافزاً مستهدفاً ومؤقتاً، كما ساعد على الحد من التباطؤ الاقتصادى بينما انخفضت أسعار الفائدة على نحو حاد. ونبه التقرير إلى أن التركيز على السياسات من الممكن أن ينصب مجدداً على الاندماج المالى والإصلاحات التنموية الأخرى، فى الوقت الذى يكتسب الاقتصاد قوته ويتعافى. وأوضح أن الحاجة إلى مزيد من الحافز تتضاءل مع توقع وصول النمو إلى 5% فى العام المالى 2009/2010، و5.5% فى العام المالى 2010 /2011. وفيما يتعلق بالسياسة المالية قال التقرير إن ميزانية العام المالى 2009/2010 داعمة على النحو الملائم، ولكن ينبغى أن يراعى تنفيذها معدل ارتداد النشاط الاقتصادى، أى المخاوف من عودته إلى التباطؤ. وتوقع التقرير أن يتم تحقيق هدف العجز المالى الحكومى لعام 2009/2010 بالوصول إلى 8.4% من إجمالى الناتج المحلى، وذلك استناداً إلى الإدارة المالية الدقيقة. وأضاف: «إذا قدمت مصادر الدخل الحكومى أداء أفضل من المتوقع بسبب تقوية النشاط الاقتصادى، فإنه من الحكمة أن يتم الحفاظ عليها. وتابع: «بينما يمثل الاقتراض الحكومى خطورة محتملة، يجب أن يتم توفير التمويل دون ضغط، ومن ثم تأتى تنمية الأسواق لمواجهة الدين الحكومى الأطول مدى». ونصح التقرير أن تأخذ فى اعتبارها التنوع فى التمويل الأجنبى، ومن ثم تعمل هذه الخطوات على مد أمد استحقاق الدين وتحد من تكاليف التمويل وتقلل من الضغوط على كاهل النظام المصرفى لتمويل الميزانية. وأشار التقرير إلى أن هدف السلطات المتمثل فى الحد من العجز ليصل إلى نحو 3% بحلول العام المالى 2014/2015، حاسم لتحقيق النمو الذى يقوده القطاع الخاص ولتقليل نقاط الضعف. وأكد التقرير أن الحد من إجمالى العجز المالى بنبسة 5% من إجمالى الناتج المحلى على مدار السنوات الخمس المقبلة أمر ممكن تحقيقه وذلك اعتمادا على خبرة الدول الأخرى، كما أنه يؤدى إلى انخفاض بنسبة 15% فى نسبة الدين إلى إجمالى الناتج المحلى، فهذا التعديل سوف يكون حاسما للحفاظ على ثقة المستثمرين واستقرار الاقتصاد الكلى وخلق مجال لسياسة مالية مستقبلية عكس الاتجاه الاقتصادى. وقال إن تثبيت الاستراتيجية فى الإصلاحات لزيادة نسبة الدخل الضريبى المنخفض إلى إجمالى الناتج المحلى ورفع كفاءة الإنفاق العام سوف يساعد على معالجة نقاط الضعف الرئيسية فى مصر بشكل قوى، مشيراً إلى أن الأولويات تشمل تبنى ضريبة القيمة المضافة كلما كان ذلك مبكراً إلى جانب إكمال إصلاح الدعم الحكومى للطاقة مع تحويلها بشكل أفضل للفئات الأكثر احتياجاً واحتواء التكلفة المالية لإصلاحات المعاش والصحة. وأشار التقرير إلى توصية البعثة بأن تستهدف ميزانية العام المالى 2010 /2011 تقليص العجز المالى مقارنة بهذا العام، موضحاً أن تقليل نسبة ال1.5٪ من إجمالى الناتج المحلى سوف يؤدى إلى مؤشر مباشر للمستثمرين بأن التقدم نحو هدف متوسط المدى سوف يتحقق، كما أنه يشجع على استجابة أكثر سرعة من جانب القطاع الخاص لتعزيز الاستثمار الأجنبى المباشر والنمو. كما أشار إلى أن بعثة صندوق النقد الدولى تشجع السلطات على الاستمرار فى اتخاذ إجراءات مثل تدعيم الامتثال للضرائب وخفض التكلفة الناجمة عن سوء استخدام الدعم الحكومى إلى جانب مقاومة الضغوط الرامية إلى مزيد من الإنفاق.