يسعى بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، إلى خفض لهيب الأزمة فى العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والولاياتالمتحدة، والتى تفاقمت بقرار المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط، جورج ميتشل، إلغاء زيارته المقررة إلى المنطقة لإطلاق المفاوضات غير المباشرة. كانت الأزمة قد تفجرت بسبب قرار بناء 1600 وحدة سكنية استيطانية فوق أراضى حى شعفاط فى القدسالشرقيةالمحتلة خلال زيارة نائب الرئيس الأمريكى، جو بايدن، لإسرائيل الأسبوع الماضى. نتنياهو الذى يدرك حجم الأزمة مع البيت الأبيض يراهن على اضطرار الإدارة الأمريكية إلى التراجع عن حملتها ضد السياسة الإسرائيلية، فى وقت قريب، وذلك على أمل أن تمارس قوى اليمين الأمريكية وقادة يهود ومن كبار المتبرعين للحزب الديمقراطى الأمريكى ضغوطاً على الرئيس باراك أوباما وإدارته، لذا فإن الأمر يحتاج للصبر، فنتنياهو الذى يدرك حجم الأزمة مع البيت الأبيض باشر اتصالات مكثفة مع قادة المنظمات اليهودية فى أمريكا لحشد تأييدهم، وأنصار إسرائيل فى الكونجرس فى مواجهة البيت الأبيض، وأمعن فى ذلك بإجرائه اتصالات مع قادة ألمانيا وفرنسا وإيطاليا ليشتكى أن الإدارة الأمريكية تتعامل معه بشكل مغاير لتعاملها مع أسلافه. غير أن نتنياهو أخطأه غروره وتقديراته بأن الأمريكيين غفروا له بسرعة «البصقة» فى وجه نائب الرئيس، كما أطلق عليها معلقون إسرائيليون فى إشارة إلى إعلان استئناف البناء فى المستوطنات أثناء زيارة بايدن لإسرائيل ومن هنا فإن المحادثة التى أجرتها هيلارى كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية، مع نتنياهو تعتبر بحسب مراقبين درساً لنتنياهو فى الإهانة العلنية، فالأخير بلغ نقطة الحسم بين عقيدته الأيديولوجية، وشراكته السياسية مع اليمين وبين حاجته لدعم أمريكى وهى المعضلة الشائكة.. فى حال أعلن تجميد الاستيطان أو حتى تقييده فى القدس لأن ائتلافه سيتفكك، وإذا سار نحو مواجهة مع واشنطن أملاً فى أن يناصره أصدقاؤه فى الكونجرس، والطائفة اليهودية فى الولاياتالمتحدة، فإنه سيعرض للخطر التعاون الأمنى مع الإدارة فى شأن إيران وهو الذى يعرف أيضاً أن الوقود وقطع الغيار لطائرات سلاح الجو الإسرائيلى ومنظومة رصد إطلاق صواريخ فى اتجاه إسرائيل تأتى من الولاياتالمتحدة، وأنه لا حليف آخر لإسرائيل فى مواجهة تهديدات الرئيس الإيرانى لإسرائيل. وفى الوقت الذى يراهن فيه نتنياهو على لوبى الضغط اليهودى الأمريكى على الإدارة الأمريكية فإن تقارير إسرائيلية تستبعد أن تتراجع حدة الأزمة مع الولاياتالمتحدة، والمجتمع الدولى، خاصة فى ضوء الاحتفالات بإعادة تدشين كنيس يهودى قديم فى الحى اليهودى فى القدس، بينما تجرى صلوات يهودية على حائط المبكى. ويبدو أن الإدارة الأمريكية تريد أن تبرهن لإسرائيل بالفعل، لا بالقول، على التزامها بعملية السلام فى الشرق الأوسط، ويأتى على رأس ذلك إعلان إسرائيل وقف البناء الاستيطانى فى القدس وأن تتناول المفاوضات غير المباشرة مع الفلسطينيين القضايا الجوهرية وهذا فى حد ذاته مثار شكوك وتشاؤم لدى الفلسطينيين والمجتمع الدولى والإدارة الأمريكية ككل؟!