بعد مباراة الجزائر وما حدث، خرج المصريون بكرامتهم وبضيق صدرهم مما حدث، وصرخ الجميع -كل حسب طريقته- لكن اجتمع الكل حول الغضب مما حدث، وكادت المطالب تتفق حول حفظ الهيبة المصرية، وقال بعض من الكتاب الصحفيين ماذا يحدث لو اتفق الجميع حول القضايا السياسية المهمة والمطالبة بالحقوق وأن يكون بيد الشعب تغيير الدفة؟ سؤال طرح ولم نجد له رداً!! بل إن الناس ركبت موجة الغضب ضد ما حدث وكما توقع البعض «هوجة لكام يوم»، والآن قل الحديث وانتهى الموضوع بهدوء.. هذا يدعونا لنتساءل ماذا فعلنا نحن المصريين لتحقيق مطالبنا سوى الصراخ والترويح عن صدورنا المضغوطة والمكبوتة؟.. أذكر ما قاله الأستاذ مجدى الجلاد فى مقاله «أيها النسر.. حان وقت النوم» أن هذا الشعب فى مقدوره الكثير لكن ما الهموم التى تؤرق نومه وتجعله يفعل ما فعل؟.. وتجعله يصعد إلى القمر.. نفس الأمر حدث مع قصة ظهور القديسة مريم.. خرج آلاف المسيحيين إلى الشوارع.. تجمع رهيب أمام الكنائس فى الوراق والزيتون وغيرهما.. عندما ذهبت فى الليلة الثانية «الخميس» كانت الجماهير كثيرة.. لكن ما فكرت فيه ماذا يمكن للمسيحيين أن يفعلوا وما الذى يخرج له المسيحيون المصريون؟.. ولماذا خرج كل هؤلاء الناس؟.. هل يحملون هموم هذه البلاد؟.. هل تهمهم همومهم كمسيحيين؟.. الإجابة من وجهة نظرى «لا»!! سكوت معظم المسيحيين عن الدور السياسى فى مصر، وعدم المشاركة لا أقول الكل أو سكوت كامل، لكن ليس لهم دور فعال كمصريين، بل نصرخ كمسيحيين «المسيحية»، ونخلط الأمر بين الدين وما يخص الوطن.. والسؤال هو ماذا فعلت هذه الجموع لأجل المطالبة بحقوقهم فى مصر بصورة فعالة متحضرة وبطرق سليمة؟.. لا شىء.. تجمعات لأجل الغيبيات.. لأننا لا نملك فى أيدينا شىء.. ونحن قليلو الحيلة كمصريين، وبالتالى نهرع إلى شخص بطل.. تخرج صرختنا من كبت صدورنا.. إذا طلبنا أن نتفاعل فى العمل الوطنى لم نجد من يعطى وقته ولا سمعه لمناقشة بعض الأمور!!.. منذ خرجت هذه الجماهير ورنات الهواتف المحمولة لا تتوقف وانشغل الناس عن أشغالهم وتصدر ظهور القديسة مريم الأحاديث.. وللأسف لم تتصدر وسائل الإعلام النصوص الانجيلية عن مواقف العذراء مريم مع السيد المسيح لتكون قدوة حسنة لنا ونفعل مثلها.. فبدل الصلوات والتأملات الإنجيلية كانت الحوارات حول ظهور جديد.. وتصديق وتكذيب الظهور!! فهل جاءت العذراء للمسيحيين أم للمصريين؟ وماذا تقول لهم؟ وهل رجع كل واحد لأعماقه وفكره حول حياته ومسيرتها حتى الآن؟ المشكلة هى فى الهروب.. نهرب من الحقيقة.. نهرب من فراغ مفزع.. نهرب من مواجهة ذاتنا.. توجد بداخلنا أمراض لا نريد الاعتراف بها.. فنهرب لنختبئ فى مواضيع الجزائر وظهور القديسة مريم.. نعم الاختباء!!