■ تتلاحق الأحداث بوتيرة متسارعة على الساحة الفلسطينية فى الآونة الأخيرة، خاصة أن العالم العربى على أعتاب استقبال القمة العربية فى ليبيا نهاية هذا الشهر، وأكثر ما يشغل الوجدان العربى وبالذات الفلسطينى، هو المعضلة المستعصية فى المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وتداعيات الانقسام الفلسطينى، والاستيطان الإسرائيلى اللاهث لتغيير ملامح المدن الفلسطينية وبالذات فى مدينة القدس لطمس ملامح الهوية العربية فيها بقصد تهويدها. ولأن الأمور خرجت عن السيطرة، ومضى أكثر من عام حتى الآن على دخول الرئيس أوباما إلى البيت الأبيض، وعلى بدء مبعوثه المخضرم السيناتور جورج ميتشل مهامه كمبعوث لعملية السلام قيل فى قدراته الكثير والمثير، لكنه بدلاً من أن يوفر شروط استئناف المفاوضات وفر شروط اندلاع الصراع، ولم يكن خافياً على أحد السلوك الإسرائيلى المتواصل فى وضع الكثير من العبوات القابلة للانفجار، وكان ميتشل يعرف ذلك، غير أنه راهن بشكل خاطئ على ضعف السلطة الفلسطينية وما يجعلها أكثر استعداداً للتراجع تلو التراجع أمام الانفجارات الإسرائيلية. ولأن الوضع كذلك كان لابد أن يأتى اليوم لتصل الأمور إلى نقطة النهاية، وتصل القناعة إلى نسبة كبيرة من الشعب الفلسطينى بعدم جدوى المفاوضات، فيما دعا مفكرون وأكاديميون وسياسيون فلسطينيون السلطة إلى أن تتحول إلى سلطة مقاومة باعتبار ذلك الطريق الوحيد لمواجهة التحديات والمخططات الإسرائيلية الساعية إلى منع إقامة الدولة، وخلق وقائع جديدة على الأرض وطالب نخبة من المفكرين فى مؤتمر تحت عنوان «مواصد» بضرورة اعتراف السلطة بفشل المفاوضات بعد 18 عاما. ومن هذا المنطلق فإن الرئيس محمود عباس يقوم بجولة عربية ذات أهداف محددة يزور فيها القاهرة ويلتقى الرئيس حسنى مبارك، وسيحضر اجتماعات لجنة متابعة مبادرة السلام على هامش اجتماعات الدورة العادية لوزراء الخارجية العرب، ليتخذ قراره النهائى فى شأن المفاوضات غير المباشرة مع الإسرائيليين، بعد مشاوراته مع الرئيس حسنى مبارك ووزراء الخارجية العرب، وأغلب الظن أن عباس سيوافق على مفاوضات غير مباشرة خصوصاً فى ضوء وجود حكومة إسرائيلية، إذ لا يمكن الانتظار أربع سنوات أخرى تظل خلالها السلطة مكتوفة الأيدى فى ظل حكومة متطرفة برنامجها توسعى استيطانى. وفى حال تواصل الجمود السياسى وفشل هذه الخيارات، وفشل القمة العربية المقبلة فى التوصل إلى إجابات وحلول قاطعة على أسئلة طال انتظار تحقيق إجاباتها، فإن هناك بدائل أخرى يستعد الفلسطينيون لطرحها، فقد وضع الدكتور صائب عريقات، كبير المفاوضين، أخيراً «وثيقة شاملة» تناولت الخيارات التى قد يلجأ إليها الفلسطينيون فى حال تواصل الجمود السياسى، أبرزها تحويل المعركة من أجل إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل إلى معركة لإقامة دولة واحدة ثنائية القومية فى «فلسطين التاريخية»، وإلغاء اتفاقات أوسلو، وتتناول الوثيقة أيضاً تهديد الفلسطينيين بوقف التعاون الأمنى مع إسرائيل فى حال واصلت الأخيرة رفضها العودة إلى طاولة المفاوضات، أما الخيار الثالث وهو المقلق إلى حد بعيد من وجهة نظر إسرائيل فهو تحويل الصراع إلى المطالبة بدولة واحدة ثنائية القومية من البحر إلى النهر، ويبدو أن الخيار الثالث سيكون خيار اللامفر فى حال لم تستأنف المفاوضات على أساس التفاهمات التى تمت بين الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلى السابق إيهود أولمرت. والأهم أن الوثيقة تدعو إلى قطع العلاقة مع إدارة الرئيس باراك أوباما وبدء حملة دبلوماسية تدفع بأوروبا والأمم المتحدة إلى الضغط على الأمريكيين لتغيير سياستهم فى الشرق الأوسط.