يسعى رئيس الوزراء التركى أردوجان إلى تعزيز حكم حزب «العدالة والتنمية» تحت قيادته بإعلانه عن حزمة من الإصلاحات والتعديلات الدستورية التى سيتم طرحها أمام البرلمان بنهاية مارس الجارى، حيث أكدت الحكومة التركية أن التعديلات مطلوبة لكبح سلطة القضاة والمدعين وهددت بالدعوة إلى استفتاء على الإصلاحات. وقال أردوجان: «نحن لا نتحدث عن تغيير من الألف إلى الياء فى الدستور.. والتغييرات ستركز على موضوعات مثل القضاء والمواد ذات الصلة بالأحزاب السياسية». ومن المعروف أن تركيا تبنت دستوراً وضعه الجيش عام 1982 بعد سنتين من انقلاب قامت به القوات المسلحة ويسمح هذا الدستور للمحكمة الدستورية العليا بحظر الأحزاب السياسية التى ترى أنها تهدد الهوية العلمانية للدولة التركية علماً بأن حزب العدالة والتنمية الذى يتزعمه أردوجان نجا بصعوبة من محاولة لحظره عام 2008، بينما استخدم الدستور فى أحدث الحالات لحظر الحزب الوحيد المؤيد للأكراد فى البرلمان فى ديسمبر الماضى. وجاء الحديث عن «التعديلات الدستورية» فى وقت تصاعدت فيه الأحداث مع توجيه الاتهام لضابطين آخرين بالجيش فى قضية التآمر للإطاحة بالحكومة عام 2003 ليرتفع عدد المتهمين بالتواطؤ ضد السلطة الشرعية للبلاد إلى 35 ضابطاً بينهم جنرالان متقاعدان، وتزامن ذلك مع لقاء جمع أمس الأول بين رئيس الوزراء أردوجان وقائد القوات المسلحة ورئيس الأركان العامة الجنرال إيلكر باسبوج فى أنقرة استغرق حوالى 75 دقيقة لبحث تطورات الأزمة. وفجرت حملة الاعتقالات انقسامات فى الرأى العام وبين نخبة المثقفين، وعلق جنكيز وهو واحد من أخطر الكتاب الأتراك قائلاً: «نجتاز حقاً فترة تاريخية، لم يسبق أن واجهت سلطة الجيش تحدياً مماثلاً فى هذا البلد، ولم تحاسب القوات المسلحة على ما تقوله أو تفعله حيث تجرى محاسبتها لأول مرة. ويعتقد معظم الأتراك أن الجنرالات لن يقدموا بشكل مباشر على تحدى حزب العدالة والتنمية الحاكم الذى يملك أغلبية هائلة فى البرلمان وتدمير الثقة التى تولدت حديثاً فى الديمقراطية إلا أن هناك شكوكاً هائلة تحيط ب«العدالة والتنمية » خشية أن يكون لديه أجندة إسلامية يتاح له تنفيذها دون معارضة إذا ما ضعف الجيش والقضاء. وأكد بعض المعلقين أن استمرار خطوط الاتصال مفتوحة بين الجانبين دليل على أن العلاقات لن تتدهور مرة أخرى للمستويات المتدنية التى بلغتها فى العقود الماضية، وقال هيو بوب من المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات، «ثمة صراع بين الجانبين وهو يدور فى العلن منذ عام 2007 رغم أنه كان دائراً فى الخفاء قبل ذلك»، وأضاف: «لا ينبغى أن يجر أى طرف الآخر إلى هذا الأمر فى وقت توشك فيه تركيا على الوصول إلى تصنيف يشجع على الاستثمار فى سنداتها والذى يتعين عليها فيه القيام بتحرك حيوى لإحياء عملية الانضمام للاتحاد الأوروبى».
