«النواب» يوافق نهائيا على مشروع قانون إنشاء المجلس الوطني للتعليم    ارتفاع سعر الدولار في 9 بنوك بنهاية التعاملات اليوم    "الزراعة" تواصل طرح بيض المائدة للمواطنين بسعر 150 جنيهًا للطبق -صور    دون المأمول.. «صندوق النقد» يتوقع استقرار النمو العالمي    وزير الزراعة يبحث نتائج البعثة الإشرافية لمشروع الاستثمارات الزراعية وتحسين سبل العيش (SAIL)    نيويورك تايمز: التحول في الشرق الأوسط جارٍ ولكن دون إسرائيل    نجم ريال مدريد مطلوب في الدوري السعودي    بينهم شيكابالا وإمام عاشور.. 15 صورة لنجوم الأهلي والزمالك دعموا أحمد فتوح في أزمته    المحكمة التأديبية: فصل المدرس المتحرش بتلميذاته في الجيزة    محمد قناوي يكتب : آمال وأحلام وطموحات عربية في مهرجان الجونة    3 مشروبات يومية تسرع طريقك نحو السكري وأمراض القلب.. احذرها    النائب العام يلتقي نظيره الإسباني لبحث التعاون المشترك    بعد تحريك أسعار البنزين.. هل أتوبيسات المدارس الخاصة تتجه للزيادة؟    ظل كلوب يخيم على مواجهة ليفربول ولايبزيج    غادة عبدالرحيم: الاستثمار في بناء الإنسان وتعزيز الابتكار أهم ما تناولته جلسات مؤتمر السكان    قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية.. إيلون ماسك يتحدث عن إفلاس الولايات المتحدة    نائب محافظ المنيا يستعرض خطط وأنشطة المديريات لتفعيل مبادرة "بداية"    وزيرة التضامن ب«المؤتمر العالمي للسكان»: لدينا برامج وسياسات قوية لرعاية كبار السن    موجز الحوادث .. الحكم في قضية مؤمن زكريا.. والتصالح في قضية فتوح    مقابل 3 ملايين جنيه.. أسرة الشوبكي تتصالح رسميا مع أحمد فتوح    "العمل" تشرح خدماتها في التشغيل والتدريب المهني بدمياط    وزير التعليم العالي يبحث مع سفير الأردن دعم التعاون الأكاديمي والبحثي بين البلدين    «سترة نجاة ذكية وإنذار مبكر بالكوارث».. طالبان بجامعة حلوان يتفوقان في مسابقة دبي    حبس سيدة تخلصت من طفلة بقتلها للانتقام من أسرتها في الغربية    رئيس القومي للطفولة والأمومة: 60%؜ من المصريات يتعرضن للختان    وزير التعليم العالي: بنك المعرفة ساهم في تقدم مصر 12 مركزًا على مؤشر «Scimago»    الفنون الشعبية تستقبل تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني بأسوان    لقاءات تثقيفية وورش فنية متنوعة للأطفال بثقافة الإسماعيلية    حركة حماس: ما تشهده جباليا وبيت لاهيا انتهاك صارخ لكل القوانين    بوتين يدعو للارتقاء بمجموعة بريكس وتعزيز التعاون    جامعتا بنها ووسط الصين الزراعية تبحثان تعزيز التعاون المشترك    ذوي الهمم في عيون الجامع الأزهر.. حلقة جديدة من اللقاء الفقهي الأسبوعي    لهؤلاء الطلاب بالأزهر.. إعفاء من المصروفات الدراسية وبنود الخدمات - مستند    طلقت زوجتي بعد خيانتها لي مع صديقي فهل ينفع أرجعها؟.. وعضو الأزهر للفتوى تجيب- فيديو    رسالة غريبة تظهر للمستخدمين عند البحث عن اسم يحيى السنوار على «فيسبوك».. ما السر؟    كلاب ربتها أمريكا.. شقيقة زعيم كوريا الشمالية تسب الجارة الجنوبية وأوكرانيا    ترسيخ التعاون ..تفاصيل اجتماع وزراء صحة مصر وقبرص واليونان    ألمانيا تسجل أول حالة إصابة بفيروس جدري القرود    حقيقة الفيديو المتداول بشأن إمداد المدارس بتطعيمات فاسدة.. وزارة الصحة ترد    السجن المشدد 6 سنوات ل عامل يتاجر فى المخدرات بأسيوط    رئيس لجنة الحكام يحسم الجدل.. هل هدف أوباما بمرمى الزمالك في السوبر كان صحيحيًا؟    إيران: جيراننا أكدوا عدم سماحهم استخدام أراضيهم وأجوائهم ضدنا    برغم القانون الحلقة 28.. فشل مخطط ابنة أكرم لتسليم والدها إلى وليد    فيفي عبده تتصدر تريند جوجل بسبب فيديو دعم فلسطين ( شاهد )    الرئيس الإندونيسي يستقبل الأزهري ويشيد بالعلاقات التاريخية بين البلدين    بث مباشر.. وزير التربية والتعليم يلقي بيانا أمام الجلسة العامة لمجلس النواب    رومانو يكشف عرض نابولي لتجديد عقد كفاراتسخيليا    القدس للدراسات: قوات الاحتلال توجه رسالة للفلسطينيين من خلال قتل مزارعي الزيتون    رئيس الوزراء الباكستاني يوجه بإرسال مواد إغاثية فورًا إلى غزة ولبنان    أمين الفتوى: احذروا التدين الكمي أحد أسباب الإلحاد    وزير الزراعة يطلق مشروع إطار الإدارة المستدامة للمبيدات في مصر    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    انعقاد مجلس التعليم والطلاب بجامعة قناة السويس    بعد إعلان التصالح .. ماذا ينتظر أحمد فتوح مع الزمالك؟    حريق هائل بمخزن شركة مشروبات شهيرة يلتهم منزلين فى الشرقية    البيت الأبيض: ندعو جميع الأطراف للتعاون فى توزيع المساعدات الإنسانية بغزة    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    ثروت سويلم: قرعة الدوري ليست موجهة.. وعامر حسين لا يُقارن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثمار رحلة لجنوب السودان بعين مصرية

تحت رعاية عمرو موسى، أمين عام الجامعة العربية، قطعنا المسافة من القاهرة إلى الخرطوم فى ثلاث ساعات تقريباً، ثم المسافة إلى «جوبا» عاصمة جنوب السودان فى ساعتين تقريباً. أقلعنا مجموعة من المستثمرين والصحفيين والأكاديميين المصريين من القاهرة والتقينا فى الخرطوم بطائرة أخرى تقل أمثالنا من الدول العربية.
 انطلقت الطائرتان إلى الجنوب تنفيذاً للقرار الذى اتخذته القمة العربية فى دمشق 30/3/2008، الذى دعا الدول والصناديق ومؤسسات التمويل والاستثمار العربية إلى مواصلة الجهود الفاعلة لعقد مؤتمر للتنمية والاستثمار فى جنوب السودان. إن الغاية العربية هنا هى جعل خيار الوحدة بين الجنوب والشمال خياراً جذاباً لأهل الجنوب فى الاستفتاء الذى سيجرى بينهم لتحديد مصيرهم العام المقبل، فإما أن يختاروا الاستقلال أو البقاء فى السودان الموحد.
 ما إن حطت الطائرة الأولى وهبط منها عمرو موسى حتى ملأت الأجواء تلك الإيقاعات الأفريقية المحببة وانطلقت فرق الرقصات الشعبية فى شحن المكان بطاقة عالية من الحفاوة وسط الألوان الزاهية للملابس المحلية. غادرنا المطار فى سيارة أقلتنى مع محمود، مراد صاحب ندوة الأهرام وأحد كبار خبراء مصر فى الشؤون السودانية، ومع علاء دياب، ممثل شركة بيكو للزراعة والصناعة والبترول، وسعد هجرس الشهير فى الصحافة الاقتصادية.
 قررنا القيام بجولة فى مدينة جوبا قبل اجتماعات المؤتمر، وهو الرابع الذى تعقده الجامعة العربية لنفس الهدف، طلبنا من سائقنا جون أن يقلنا إلى مجرى النيل شريان القربى بيننا وبين إخواننا فى الجنوب. أثناء الرحلة تبينا معالم المدينة التى كشفت عن مدى الحاجة إلى التحديث والعمران. معظم المنازل من النمط الأفريقى على هيئة أكواخ يكسوها سقف من الزعف والأغصان، والشوارع فى حاجة إلى تسوية ورصف، والكنائس والمساجد فى حاجة ملحة للتجديد والعناية.
 رحنا نوجه الأسئلة إلى السائق، وفهمنا أن البنية الأساسية من كهرباء وصرف صحى قد أنشئت حديثاً بعد اتفاق السلام منذ ثلاث سنوات لكنها لا تغطى كل البيوت وأن المياه لم تصل بعد. وصلنا إلى شاطئ النيل الحبيب بعد صعود وهبوط فى نقر الشوارع، حيث قال لنا السائق إننا قد دخلنا الميناء النهرى الذى يمد جوبا بالبضائع الرئيسية. لاحظت أن مجرى النيل منخفض عن الضفتين تماماً كما تراه فى أسوان.
بعد ذلك عندما قابلت مثقفة من الجنوب تعمل فى هيئة الاستثمار بحكومة جنوب السودان فهمت أن رفع المياه من المجرى لأغراض الزراعة يتم بواسطة سيارات فناطيس تقوم بتوزيع الماء على المزارع، وهو ما يرفع تكلفة المنتجات الزراعية.
عندما دخلنا الفندق، الذى أقيم فيه المؤتمر، استقبلتنا مضيفات من أهل المدينة فى ملابس عصرية تناسب المرأة العاملة فى احتشام، وعلى الفور بدأت أجوم وزميلتها أبوجو فى محادثتنا باللهجة المصرية فى ود عميق. عندما سألنا من أين يتعلمون اللهجة؟! قالت إحداهما: من التليفزيون. قلت لمراد: هل تلاحظ أن قوة مصر الناعمة الممثلة فى الثقافة والمعرفة العلمية واللهجة والدراما مازالت فاعلة فى هذا العمق الأفريقى على الرغم مما يقال إنها ضعفت فى الأقطار العربية الثرية، وتساءلت: يبدو أن من يرددون أن قوة مصر الناعمة قد ضعفت مخطئون، أليس كذلك؟!
فصدق «مراد» على انطباعى قائلاً: إن من يقولون هذا الهراء لا يعرفون الواقع. أثناء تجوالى مع سعد هجرس ونحن فى انتظار وصول الرئيس الجنوبى سيلفا كير إلى الفندق، لاحظ سعد وجود لافتة تحمل اسم العيادة الطبية المصرية، دفعته حاسته الصحفية إلى دق الباب فخرج لنا طبيبان شابان، سألنا: هل هى عيادة خاصة بالفندق؟!
 فقالا إن العيادة الأصلية موجودة فى المدينة، وأنهما جاءا لخدمة أعضاء المؤتمر، وتبين من حديثهما أن العيادة تضم عشرة أطباء فى جميع التخصصات ماعدا الجراحة وإنها تقدم العلاج والدواء مقابل مبلغ زهيد خمسة جنيهات سودانية، بعد ذلك قرأنا فى أوراق الحكومة الجنوبية إشادة بالغة بالعيادة المصرية باعتبارها أهم البعثات الطبية فى المدينة.
 تأكدت مرة أخرى أن القوة الناعمة المصرية مازالت قادرة على النفاذ بالثروة البشرية المصرية المؤهلة علمياً فى التخصصات المختلفة رغم جهادنا فى الداخل لتطوير وتحديث هذه الثروة التى تمثل رأس المال المصرى الأهم والأكبر. مازلت أعتقد أن علينا أن نطلق نهضة فى جامعاتنا ومدارسنا إذا أردنا أن نعود إلى الأيام الخوالى عندما كان المعلم والطبيب والمهندس والضابط والقاضى والأسطى الصنايعى والعامل الزراعى يسيطرون على سوق العمل العربية ولا يجسر على منافستهم أحد. على أى حال، مازلنا قادرين بمستوانا الحالى على التواجد القوى فى جنوب السودان بثروتنا البشرية.
من المهم أن أذكر هنا أن بعض مثقفى الجنوب قد أكدوا لنا أن محبتهم لمصر عميقة سواء اختار الشعب هناك الاستقلال أو البقاء داخل السودان. إن هذه المحبة جسر شديد الأهمية يجب أن نبنى عليه قوافل من البشر إلى العمق السودانى، فأهل الجنوب فى حاجة شديدة إلى التعلم من القوى البشرية المصرية واكتساب الخبرات الأساسية التى تساعدهم على المنافسة فى سوق العمل المحلية، حيث يأتى العاملون من الدول المجاورة خاصة كينيا وأوغندا.
إننى أنادى على المصريين الباحثين عن فرص الاستثمار المغرية أن ينطلقوا إلى بناء مشروعاتهم الصناعية والزراعية والتعدينية والخدمية فى جنوب السودان، وأن يحملوا معهم القوة البشرية المصرية الباحثة عن فرص العمل فى مصر بلا جدوى. هناك يمكن بقليل من التدريب أن نحول المصريين إلى مستوى مهنى أعلى مما هم عليه هنا، ليصبحوا معلمين وأسطوات لأشقائنا الجنوبيين. طبعاً لا نخفى على القراء أن النيل الأبيض مصدر حصة مهمة من مياهنا يأتى من الجنوب، وبالتالى فإن وجوداً بشرياً ناعماً ومؤثراً وبناء هناك يعنى الكثير من عالم التنمية المصرية والحفاظ على الثروات المصرية المتدفقة على مر التاريخ قادمة من الجنوب إلى الشمال.
 إن من حق المستثمرين أن يبحثوا عن فرص الربح الكبير وهى موجودة هناك، ولكن من واجب الدولة المصرية أن تحفزهم على التوجه إلى السودان بكل أقاليمه، فالمصالح العليا الحيوية التى تعنى إمدادات المياه والغذاء إلى مصر وحمايتها من أى تأثيرات لقوى أجنبية فى السودان مصالح ملزمة للكافة.
بعبارة أخرى أكثر وضوحاً إن من حق مصر على أبنائها المستثمرين الذين وفرت لهم فرص الثراء فى الداخل أن يوجهوا جانباً من أموالهم نحو المواقع التى تمثل أهمية خاصة للأمن القومى المصرى بمعناه الشامل. دعوني هنا أقل لكم ما هى فرص الاستثمار فى الجنوب.. لقد حددت حكومة الجنوب القطاعات التالية كأولية للاستثمار.
1- الزراعة والاستثمار الزراعى. 2- البنى التحتية. 3- البنيات الاجتماعية. 4- التعدين والطاقة والكهرباء والصناعات البترولية والغاز.
5- الغابات. 6- أبحاث تحديد الموارد للاستخدامات الاقتصادية. 7- الصناعات المتوسطة والثقيلة. 8- البنوك التجارية والتأمينات. 9- الصيدلة والصناعات الدوائية والكيميائية. 10- السياحة والفندقة. 11- التنقيب عن المعادن.
أخيراً.. لابد من كلمة تقدير للقمة العربية لعنايتها بوحدة السودان عبر تنمية الجنوب، ولعمرو موسى للجهد المستبسل الذى يبذله فى هذا المجال، وشكراً للسفير سمير حسنى لدعوتى إلى المؤتمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.