تعليقًا على هجمات لبنان.. بوريل: لا أحد قادر على إيقاف نتنياهو وأمريكا فشلت    اليوم.. جامعة الأزهر تستقبل طلابها بالعام الدراسي الجديد    نحو 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت خلال ساعتين    آخر تطورات لبنان.. الاحتلال يشن 21 غارة على بيروت وحزب الله يقصف شمال إسرائيل    «أنا وكيله».. تعليق طريف دونجا على عرض تركي آل الشيخ ل شيكابالا (فيديو)    التحويلات المرورية الجديدة بعد غلق الطريق الدائري من المنيب تجاه وصلة المريوطية    طعنة نافذة تُنهي حياة شاب وإصابة شقيقه بسبب خلافات الجيرة بالغربية    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    بحضور مستشار رئيس الجمهورية.. ختام معسكر عين شمس تبدع باختلاف    وزير الخارجية: تهجير الفلسطينيين خط أحمر ولن نسمح بحدوثه    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى بالقاهرة 33    «مرفق الكهرباء» ينشر نصائحًا لترشيد استهلاك الثلاجة والمكواة.. تعرف عليها    مع تغيرات الفصول.. إجراءات تجنب الصغار «نزلات البرد»    ضياء الدين داوود: لا يوجد مصلحة لأحد بخروج قانون الإجراءات الجنائية منقوص    المتحف المصري الكبير نموذج لترشيد الاستهلاك وتحقيق الاستدامة    الحكومة تستثمر في «رأس بناس» وأخواتها.. وطرح 4 ل 5 مناطق بساحل البحر الأحمر    إيران تزامنا مع أنباء اغتيال حسن نصر الله: الاغتيالات لن تحل مشكلة إسرائيل    حكايات| «سرج».. قصة حب مروة والخيل    تعرف على آخر موعد للتقديم في وظائف الهيئة العامة للكتاب    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    عاجل - "الصحة" تشدد على مكافحة العدوى في المدارس لضمان بيئة تعليمية آمنة    وزير الخارجية: الاحتلال يستخدم التجويع والحصار كسلاح ضد الفلسطينيين لتدمير غزة وطرد أهلها    المثلوثي: ركلة الجزاء كانت اللحظة الأصعب.. ونعد جمهور الزمالك بمزيد من الألقاب    جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    صحة الإسكندرية تشارك في ماراثون الاحتفال باليوم العالمي للصم والبكم    حياة كريمة توزع 3 ألاف كرتونة مواد غذائية للأولى بالرعاية بكفر الشيخ    عمر جابر: تفاجأنا باحتساب ركلة الجزاء.. والسوبر شهد تفاصيل صغيرة عديدة    مصراوي يكشف تفاصيل إصابة محمد هاني    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    الوراق على صفيح ساخن..ودعوات للتظاهر لفك حصارها الأمني    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    تجديد حبس عاطل سرق عقارًا تحت الإنشاء ب15 مايو    التصريح بدفن جثمان طفل سقط من أعلى سيارة نقل بحلوان    بدءاً من اليوم.. غلق كلي للطريق الدائري من المنيب اتجاه المريوطية لمدة شهر    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 28 سبتمبر 2024    أمريكا تستنفر قواتها في الشرق الأوسط وتؤمن سفارتها بدول المنطقة    فلسطين.. إصابات جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي برفح الفلسطينية    أحمد العوضي يكشف حقيقة تعرضه لأزمة صحية    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    «عودة أسياد أفريقيا ولسه».. أشرف زكي يحتفل بفوز الزمالك بالسوبر الإفريقي    "الصحة اللبنانية": ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإسرائيلي على ضاحية بيروت إلى 6 قتلى و91 مصابا    استعد لتغيير ساعتك.. رسميا موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2024 في مصر وانتهاء الصيفي    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    جوميز: استحقينا التتويج بكأس السوبر الإفريقي.. وكنا الطرف الأفضل أمام الأهلي    5 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع جثامين ضحايا حادث صحراوي سوهاج - فيديو وصور    "المشاط" تختتم زيارتها لنيويورك بلقاء وزير التنمية الدولية الكندي ورئيس مرفق السيولة والاستدامة    الشروع في قتل شاب بمنشأة القناطر    «زى النهارده».. وفاة الزعيم عبدالناصر 28 سبتمبر 1970    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تحرك جديد.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    الأزهر للفتوى: معتقد الأب والأم بضرورة تربية الأبناء مثلما تربوا خلل جسيم في التربية    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدير بالمعاش يشترى اللحوم «العجوز» والفراخ البرازيلى.. ويحذف كل بنود الترفيه من أجل الطعام
نشر في المصري اليوم يوم 03 - 09 - 2010

بجلباب منزلى أبيض اللون، جلس المهندس أحمد الصياد، يتصفح جرائد الصباح كعادته اليومية، يتابع باهتمام أخبار أزمة المعاشات، يحاول أن يلتقط خيطاً من هنا أو طرفاً من هناك، يؤكد أن الأزمة التى يعانى منها شخصياً بحكم خروجه على المعاش منذ 4 سنوات على وشك أن تُحل، يعتبر الأمر معركته الشخصية ويدافع عنها بقوة رجل يبلغ من العمر 64 عاما.
بالطابق الرابع فى أحد مساكن الخزف والصينى بشبرا الخيمة، يسكن المهندس أحمد الصياد منذ عشرات الأعوام، تُشبه بنايته معظم «العمارات» المتوسطة التى بنتها الدولة خلال فترتى الستينيات والسبعينيات، إذ يلقى الزمن بظلاله على دهانات الحوائط المتساقطة ودرجات السلم المتهالكة، التى لا يشكو الصياد أبداً من صعوبة صعودها رغم عمره المتقدم.
فى منزله كل سمات الأسرة، التى تجاهد للحفاظ على انتمائها إلى الطبقة المتوسطة، فعدا جهاز تليفزيون حديث، يبدو كل ما فى المنزل من عمر المهندس الصياد شخصياً، غرفة طعام خشبية محافظة على تماسكها رغم ما بدا عليها من ملامح زمن ينتمى إلى قرن مضى، غرفة جلوس بسيطة توفر فقط الراحة، وعلى أحد مقاعدها وُضعت مروحة قديمة أدار الصياد زرها على أعلى مؤشراته، فى محاولة لتفادى ارتفاع درجات الحرارة وهو يدعو الله ألا تنقطع الكهرباء مرة أخرى كما كان يحدث بشكل شبه يومى خلال الأسبوعين الماضيين. أما الجزء المفضل بالنسبة له فى منزله فهو المكتبة الصغيرة التى رص بها عشرات الكتب المختلفة والتى تتنوع موضوعاتها بين السياسة والاقتصاد والعلم والدين جنبا بجنب.
بين المتابعة والاشتراك فى الشؤون السياسية من ناحية، والمعركة اليومية فى الحفاظ على مستوى اجتماعى مناسب لوضعه كمدير إدارة المشروعات بشركة النصر، وهى الدرجة الوظيفية التى خرج منها إلى «المعاش» من ناحية أخرى، يعيش الصياد ساعات يومه الطويلة، بمعاش لا يزيد على 1000 جنيه شهرياً، يتحسر على الرقم وهو يتحدث بانفعال عن نقل أموال المعاشات إلى خزانة الدولة، ولولا ذلك لكان من المفترض ألا يقل معاشه عن 3 آلاف جنيه شهريا.
يحلل ويدبر ويخطط ويتحايل للعيش ب «معاشه»، ويستعين بمعاش زوجته المتوفاة الذى يبلغ 800 جنيه شهرياً، ليصبح إجمالى دخله الشهرى 1800 جنيه مصرى، يعيش بها هو وابنتاه تغريد وداليا: «تصورى لما اتنين معاهم شهادات عليا من الطبقة المتوسطة معاشهم ما بيحصلش 2000 جنيه على بعض، أنا مهندس ومراتى، الله يرحمها، كانت موجهة تعليمية، وبرغم كده معاشنا إحنا الاتنين على بعض 1800 جنيه»، ويتساءل مستنكرا «مش دى تبقى كارثة؟»
كيف يعيش؟ هو السؤال الذى استفاض «الصياد» فى الإجابة عنه ليعبر عن حياة الطبقة المتوسطة: «أتعامل مع دخلى الشهرى بمنطق تكلفة الفرصة البديلة، وهو منطق اقتصادى يحدد الأولويات ويستغنى عن غيرها، يعنى أنا الأولوية بالنسبة لى هى الأكل، اللى بياخد أكتر من 80% من الدخل الشهرى».
400 جنيه شهرياً يخصصها «الصياد» بشكل ثابت للمصروفات الأساسية من كهرباء ومياه ومصروف لابنته الصغرى، التى لاتزال بعد تدرس فى كلية هندسة بإحدى الجامعات الخاصة التى تبلغ مصروفاتها 7 آلاف جنيه سنوياً، يقتطعها الصياد من المكافأة التى حصل عليها فى نهاية خدمته. أما ما يتبقى من معاشه فيذهب إلى توفير الطعام المناسب له ولأسرته الذى يحرص على ألا يكون «أورديحى» مهما كلفه ذلك من عناء وتعب، فعلى مائدة سفرته، وتحديداً خلال شهر رمضان، لا يخلو الإفطار من وجبات الدجاج أو اللحم، أما الدجاج فيشتريه الصياد «برازيليا» من المجمعات الاستهلاكية، وبالنسبة للحم فله شأن آخر، فبخلاف اللحوم الطازجة التى يزيد ثمن الكيلو منها على 80 جنيها، يشترى الصياد اللحم «العجوز» الذى يصفه بأنه «بياخد 3 ساعات فى النار علشان يستوى»، حيث يبلغ ثمن الكيلو منه 38 جنيها فقط، يزيد الرقم مع دخول شهر رمضان ليصل إلى 40 جنيهاً، ليرتفع كغيره من السلع الأساسية التى زاد ثمنها منذ الأيام القليلة التى سبقت دخول شهر رمضان كالأرز والسكر والخضروات- كما اكتشف عند نزوله للأسواق، وهو ما جعله لا يزيد ميزانية «الياميش» على 100 جنيه فقط، بالكاد اشترى بها تمراً وزبيباً، مع الابتعاد التام عن كل أنواع المكسرات.
يعود «الصياد» بالزمن إلى الوراء قليلاً، وتحديداً عام 1978، مع بداية تخرجه وانتقاله إلى العيش من مدينته المنصورة إلى القاهرة، حيث كان راتبه وقتها 25 جنيهاً: «المعايير الاقتصادية مش بتتحسب فقط بكام جنيه الموظف بيقبضهم، لكن السؤال هو المرتب ده بيجيب لى كام كيلو لحمة، لما كنت بقبض 25 جنيه كنت أقدر اشترى بيهم 25 كيلو لحمة، لأن الكيلو كان بجنيه، لكن دلوقتى مع زيادة التضخم ما بقيتش أقدر أشترى بمعاشى نفس اللى كنت أقدر أشتريه سنة 78».
«فقه الأولويات» بالنسبة للصياد، لا يشمل ما كان يراه أمراً أساسياً فى السابق، حيث يضطر فى الوقت الحالى، إلى الاستغناء عن الكثير فى مقابل توفير الطعام، مثل بند الترفيه الذى يعتبر ملغياً تماماً من ميزانية الأسرة، بالإضافة إلى دخول السينما والمسرح، اللذين يبنيان الشخصية المصرية وتحديداً الطبقة المتوسطة التى كانت معروفة مسبقاً بثقافتها- على حد كلامه، هذا غير مصاريف الانتقالات: «أنا بركب ميكروباص أو أتوبيس زحمة، وبأفضل واقف فيه طول الطريق، لأن الميزانية لا تحتمل استخدام تاكسى أو شراء سيارة جديدة».
لا يخفى الصياد خوفه من الانتقال بأسرته من الطبقة الوسطى، إلى الطبقة الفقيرة، وبسبب اهتماماته بالسياسة، فهو يتوقع أن ذلك سيحدث خلال الأعوام الخمسة المقبلة إذا استمر النظام الحاكم على حاله: «لو حال البلد ما اتغيرش الطبقة المتوسطة هتختفى، وهتنزل إلى الطبقة الفقيرة، أنا بقيت بشوف ناس بتبيع عفش بيتها علشان تعرف تشترى احتياجاتها».
50 ألف جنيه هى المكافأة التى حصل عليها الصياد، أثناء خروجه على «المعاش»، يستعين بها كلما ضاق به الحال، وتساعده فى «تجهيز» ابنتيه، حتى الآن لا يعرف ما العمل فى حال نفاد رصيده، لكن الأمل لايزال لديه قوياً بأنه سيحصل على نصيبه من باقى أموال المعاشات، وبلغة ثائرة يؤكد أن الانفراجة قريبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.