العناصر الأولى التى تقوم بهذا الدور هى مجموعة من الموصلات المناعية والعصبية تفرزها الخلايا الأكولة التى تسمى »ماكروفاج«، التى تمثل حائط الصد الأول للدفاع عن الجسم، وتسمى »سايتوكاينز« »Cytokines«، وتشمل »إنترليوكين 1، إنترليوكين 6«، وعامل تليف الأورام ألفاTNF-X، وقد تبين أن هذه المواد المناعية هى التى تنقل الرسائل الأولى من أخبار الهجوم إلى خلايا المخ، فتكون هذه الأعراض المرضية هى رد الفعل المبدئى تجاه ما يحدث، حتى يتبين الجهاز المناعى أيا من الأسلحة المتخصصة لديه التى سوف يستخدمها لوقف هذا الهجوم. وفى إحدى التجارب التى أجريت فى جامعة »كلورادو« الأمريكية تم وقف نشاط هذه المواد المناعية، أو غلق المستقبلات التى تعمل عليها فى خلايا المخ، فلم يظهر أى من تلك الأعراض المرضية على الحيوانات التى تمت التجربة عليها وكانت طبيعية تماماً على الرغم من حدوث العدوى لديها. ولقد أثبت أحدث الأبحاث أن التوتر يسير فى نفس السكة والطريق الذى تسير فيه العدوى، وأن رد فعل الجهاز المناعى المبدئى للعدوى، هو نفس رد فعله عند التعرض للتوتر والانفعال والضغط العصبى، ولقد أثبتت التجارب التى تم إجراؤها على الفئران التى تم تعريضها لضغوط عصبية مختلفة مثل التعرض لصدمات كهربائية، أو التعرض للضوضاء، أو التواجد فى بيئة مزدحمة بها ميول عدوانية، أن هذه الضغوط والتوتر العصبى تزيد إفراز مادة »إنترليوكين 1« فى منطقة الهيبوكامبوس (قرن آمون) فى المخ، التى لها علاقة وثيقة بالذاكرة فى الإنسان أيضاً، مما يعطى الإنسان إحساساً عاماً بعدم التركيز، وقلة المزاج، والإحساس بالضغط العام، وفقدان الشهية، وارتفاع درجة الحرارة أحياناً، إلى جانب ارتفاع عدد كرات الدم البيضاء خاصة الخلايا الأكولة »ماكروفاج« تماماً مثلما يحدث فى حالات العدوى. والنتيجة التى تخرج منها، من خلال هذا البحث، أن مسار التوتر والاكتئاب، ومسار العدوى نتيجة هجوم كائن غريب على الجسم، يسيران فى نفس الاتجاه، ويؤثر كل منهما على الآخر، ويمكن أن ينتج عنهما نفس الأعراض تقريبا، وأن العدوى تسبب التوتر والقلق، وكذلك التوتر- والقلق- يضعف من جهاز المناعة ويحدث أعراضا مشابهة تماماً لأعراض العدوى. ولدراسة العلاقة بين الاكتئاب وتأثيره على الجهاز المناعى، فقد تم عمل الكثير من الدراسات التى أثبتت أن الاكتئاب يؤثر بالسلب على خلايا جهاز المناعة وعلى موصلاته المناعية الهامة، والعكس صحيح أيضاً.
