الطفل «محمود»، 5 سنوات، دخل مستشفى خاصًّا لعلاج الأطفال بالتجمع الخامس، يشكو ارتفاع درجة الحرارة وآلام اللوز، وخرج محمولًا على «تروللى» بسيارة إسعاف إلى مستشفى حكومى آخر، حيث أعلن الأطباء وفاته. «ابنك مريض نفسي» وفق «نجوى عبدالوهاب»، والدة الصغير، فإن طبيبًا حقنه بمضاد حيوى وتسبب في مصرعه، وإثر شكوى تلقتها وزارة الصحة قررت إغلاق المستشفى الخاص، وقالت في بيان لها إن المعالجين للضحية لم يتبعوا البروتوكول الطبى الصحيح المتبع في مثل هذه الحالات، فيما تواصل النيابة العامة تحقيقاتها بشأن الواقعة إذ طلبت تحريات أجهزة الأمن بعد سماع أقوال أسرة الضحية. درجة الحرارة المرتفعة، مع معاناة «محمود» من احتقان في «الزور»، أقلقت والدته التي قصدت مستشفى «تبارك» لعلاج الابن، الذي كان قد تحدث إلى والده «فيديو كول» مطمئنًا إياه، وكأنه يودعه، تقول الأم: «الدكتور المعالج طلب تعليق محاليل لابنى، وبعدين قال للممرض، اعمل له اختبار حساسية، وبعدين إيد ابنى احمرت شوية، فلما نبهناه إلى ذلك، وجه الممرض بأن يعطيه حقنة مضاد حيوى». صاحب السنوات ال5 تبدل حاله في ثوان، حسب والدته «لقيته بيطلع رغاوى بيضاء من بوقه، بقيت أفوق فيه وأقول له: (قوم يا محمود يا حبيبى).. وابنى بقى يبص لى ويقولى: (يا ماما..)، فجأة راح في دنيا تانية منى»، تكمل الأم: «الدكتور قالى أنا عالجت لكِ ابنك، اللى بيعمله ده لأنه مريض نفسى!». «اتصلي بالشرطة» انتابت «أم محمود» حالة انهيار «عرفت إن ابنى خلاص راح منى، من منظره وإحساسى قالى كده»، إلا أنّ من بداخل مستشفى الأطفال طالبوها بالهدوء «لازم تخرجى دلوقتى بره، عشان نعرف نتعامل مع الحالة، ونرجع له ضربات القلب». إلى ذلك، كانت الأم لم تملك من أمرها شيئًا، إذ وجدت نفسها وحيدة وسط موقف كهذا، فاتصلت على زوجها «حسن» الذي كان في عمله ويبعد مسافة 150 كيلومترًا عن العاصمة القاهرة، تحكى له «ابنك حالته خطيرة، وروحت بيه المستشفى، وشكله مات وخرجونى برة، ومحدش عايزنى أشوفه»، فطالبها «لازم تتصلى بالشرطة، ييجوا يتصرفوا وأنا جاى لك في الطريق». والد «محمود» فقد وعيه الأب حضر، قبل نقل «فلذة كبده» داخل سيارة إسعاف إلى مستشفى حكومى، بناءً على قرار الطبيب المعالج للابن «هناك في أجهزة ورعاية»، حيئذ كان نسيبه يهدئه ويقول له «عندنا أمل يتم إنقاذ الطفل»، لذا وقع هو بدلًا من «أبومحمود» على إقرار رىه والد الطفل، غريبًا «كان مكتوب فيه، إن ولدى يعانى من فشل في عضلة القلب». حديث دار بين الأب والطبيب الذي أعطى ابنه الحقنة، لكنه لم يدرِ بهويته داخل المستشفى الحكومى حيئذ، كان يرجوه أن يفعل أقصى ما في إمكانه، والدكتور يرد عليه بهدوء أعصاب «الحالة جايه شبه خلصانة»، وفق حديث والد «محمود»، «عرفت بعد كده إنه هو شغال في المستشفى دى كمان، عشان كده جابنا عليها». كل هذا، والأب فقد وعيه حين أمسك طبيب بيده «شدّ حيلك»، قالها له، وهو يحثه على سرعة استخراج التصاريح اللازمة لدفن الجثمان. وأضاف الأب أن ابنه خرج من المستشفى الأول متوفى لكن خشية غضبهم نقلوه لمستشفى آخر «شوفتهم حاطين جهاز تنفس اصطناعى لابنى، منظر». «الصحة» تتدخل بدوره، وجه الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، بتشكيل لجنة من الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكومية والتراخيص، والعلاج الحر بالقاهرة، بالتعاون مع هيئة الدواء المصرية، للمرور على المستشفى محل الواقعة ومراجعة كيفية التعامل وخطة علاج الطفل «محمود». وأشار الدكتور هشام زكى، رئيس الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكومية والتراخيص، إلى أن التحقيقات الأولية للجنة المشكلة كشفت عن عدم التعامل مع حالة الطفل وفقًا للبروتوكول الطبى الصحيح المتبع في مثل هذه الحالات، كما قام ممثلو هيئة الدواء المصرية بأخذ عينات من ذات الأدوية التي أعطيت للطفل لتحليلها، والتأكد منها، مؤكدًا إصدار قرار فورى بإغلاق المستشفى المذكور لحين الانتهاء من التحقيقات، وجارٍ نقل المرضى بالمستشفى إلى مستشفيات وزارة الصحة، حرصًا على صحتهم وسلامتهم.