ضوابط وموعد فتح تقليل الاغتراب لطلاب المرحلة الثالثة والشهادات الفنية 2024    توجيهات عاجلة من وزير الري استعدادا لموسم الأمطار الغزيرة والسيول    محافظ الدقهلية يستقبل رئيس هيئة الأبنية التعليمية لافتتاح عدد من المدارس بالسنبلاوين    محافظ أسوان: إنشاء خط تعبئة وسعات تخزينية لتوفير 8080 أسطوانة بوتاجاز يوميًا    19 سبتمبر 2024.. استقرار سعر النفط في ظل مؤشرات على تراجع الطلب الأمريكي    طرح طبق البيض ب 150 جنيهًا في المجمعات الاستهلاكية.. وبرلماني يعلق    تدريب طلاب كلية التخطيط العمراني جامعة القاهرة بأجهزة المدن الجديدة    محافظ أسيوط يتفقد معرض أهلا مدارس لبيع المستلزمات المدرسية بأسعار مخفضة    الإسكان: كتيب للإجابة عن استفسارات قانون التصالح في مخالفات البناء    بعد رفع أسعار أسطوانات البوتجاز.. كيف تأثرت الأسعار في المطاعم؟    «التنمية الحضرية» يطرح شقق سكنية بأسعار ميسرة لأبناء السويس.. وبدء الحجز الأحد المقبل    الطيران المدني اللبناني يوجه بمنع نقل أي جهاز بيجر أو لاسلكي على متن الطائرات    نيويورك تايمز: إسرائيل أنشأت شركة وهمية لإنتاج أجهزة الاتصال اللاسلكية المزودة بالمتفجرات    الخارجية الفلسطينية تطالب بتنفيذ فوري لمشروع القرار المعتمد من الجمعية العامة للأمم المتحدة    إسرائيل تقدم مقترحا جديدا لوقف إطلاق النار بغزة يشمل بندا خاصا بالسنوار    البيت الأبيض ينفى اشتراكه في هجوم لبنان امس    الأهلي يجهز أشرف دارى للمشاركة أمام جورماهيا الكيني    هل يضحي الأهلي بمعلول أو تاو في يناير؟ شوبير يكشف التفاصيل    واقعة فتاة قطر.. "وصول المحمدي" إلي مقر جنايات القاهرة    خلافات سابقة.. حبس المتهم بقتل حارس عقار خلال مشاجرة في الجيزة    الأوبرا تقدم العرض الأول لفيلم "مدرسة أبدية" بنادي السينما    نداء عاجل من الفنانة بشرى للتحقيق في هذا الأمر وتحذر    وزير الصحة يبحث تعظيم الاستثمارات في مجال توطين صناعة الدواء    محافظ المنيا: تقديم 3 ملايين خدمة صحية ضمن حملة "100 يوم صحة"    بحضور نائب محافظ أسوان.. انطلاق فعاليات احتفالية اليوم العالمي لسلامة المرضى    حياة كريمة بجنوب سيناء تستهدف تيسير القوافل الطبية والخدمية المتكاملة بالمناطق الأكثر احتياجا    تراجع أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس في الأسواق (موقع رسمي)    الاستخبارات الأمريكية: إيران عرضت على حملة بايدن معلومات مسروقة من حملة ترامب    مأساة عروس بحر البقر.. "نورهان" "لبست الكفن ليلة الحنة"    فريق صحة الإسماعيلية يشارك باحتفالية تكريم السيدات بمكتبة مصر العامة (صور)    جدول ترتيب الدوري السعودي قبل مباريات اليوم الخميس.. صدارة ثلاثية    الاستعداد للعام الدراسي الجديد 2024-2025: قرارات وزير التعليم وتأثيرها    لهذا السبب.. صلاح عبدالله يتصدر تريند "جوجل"    تاجر مواشى يتعدى على سائق بحجر لاختلافهما على أجرة توصيل المواشى للسوق بكفر الشيخ    جامعة العريش تُطلق أول مسابقة للقيادات الإدارية    بعد نجاح كوبليه "شكمان الصبر مفوت"..ما علاقة أحمد حاتم ب تأليف الأغاني؟    "الراى الكويتية" تبرز تأكيد الرئيس السيسى على دعم لبنان.. وحرص مصر على أمنها    إجهاض إيمان العاصي في مسلسل برغم القانون يجذب الأنظار.. «مشهد مبدع»    قصف غزة.. الاحتلال يعتقل شابا بعد محاصرة منزله في كفر راعي جنوب جنين    برج القوس.. حظك اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024: لا تلتفت لحديث الآخرين    «أيام الفقر وذكرياته مع والده».. ماذا قال الشاب خالد في برنامج بيت السعد؟ (تقرير)    حكم صلاة الاستخارة للغير.. هل تجوز؟    لاعب الزمالك يطلب الرحيل عن الفريق قبل مباراة الأهلي.. عاجل    كيفية الوضوء لمبتورى القدمين واليدين؟ أمين الفتوى يوضح    «افتراء وتدليس».. رد ناري من الأزهر للفتوى على اجتزاء كلمة الإمام الطيب باحتفالية المولد النبوي    اتحاد الكرة: تغيير لائحة كأس مصر وارد ليس لمجاملة الأهلي    موعد مباراة مانشستر سيتي وأرسنال في الدوري الإنجليزي.. «السيتيزنز» يطارد رقما قياسيا    مصدر أمني ينفي انقطاع الكهرباء عن أحد مراكز الإصلاح والتأهيل: "مزاعم إخوانية"    عاجل - الأرصاد تحذِّر بشأن حالة الطقس اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024    دورتموند يكتسح كلوب بروج بثلاثية في دوري الأبطال    بشاير «بداية»| خبز مجانًا وقوافل طبية وتدريب مهني في مبادرة بناء الإنسان    حامد عزالدين يكتب: فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم    هل موت الفجأة من علامات الساعة؟ خالد الجندى يجيب    كشف حقيقة فيديو لفتاة تدعي القبض على شقيقها دون وجه حق في الإسكندرية    صلاح التيجاني: والد خديجة يستغلها لتصفية حسابات بعد فشله في رد زوجته    الفنانة فاطمة عادل: دورى فى "الارتيست" صغير والنص جميل وكله مشاعر    بخطأ ساذج.. باريس سان جيرمان يفوز على جيرونا في دوري أبطال أوروبا    من الأشراف.. ما هو نسب صلاح الدين التيجاني؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موريتانيا.. ثروات ضخمة وواقع متردٍّ (ملف خاص)

موريتانيا تلك الدولة العربية الواقعة فى أقصى شمال غرب إفريقيا، وتطل مباشرة على المحيط الأطلسى، صاحبة الثروات الطبيعية الهائلة والتاريخ العريق كغيرها من دول القارة، لديها مجموعة من التحديات المعقدة التى تشكل تحديًا لاستقرارها وتطورها.
فمن ناحية، تعانى البلاد من آثار تغير المناخ والجفاف، ما يؤثر سلبًا على الزراعة وسبل عيش السكان.
ومن ناحية أخرى، تواجه تحديات أمنية مرتبطة بتهريب المخدرات والإرهاب، بالإضافة إلى تحديات اقتصادية تتمثل فى ارتفاع معدل الفقر والبطالة والفساد المستشرى، وتداعيات أزمة الهجرة غير الشرعية.
ورغم كل ما سبق فإن موريتانيا دولة قليلة السكان، هائلة الموارد، يكتنز باطن الأرض الموريتانية وظهرها وماؤها أنواعًا متنوعة من الثروات الطبيعية، منها ثروات معدنية كالحديد والنحاس والذهب، والنفط، وتنتظر طفرة غازية، ولها شواطئ غنية بالأسماك والثمار البحرية، وقسم من أرضها خصب ممتد وشاسع. إلا أن ذلك لا ينعكس على واقع حياة الناس، وتصل نسبة الفقر فى موريتانيا إلى 31٪ حسب الحكومة الموريتانية، بينما تقول إحصائيات أخرى إن النسبة هى 45٪ من سكان البلاد، 75 ٪ منهم من سكان الريف.
وشهدت موريتانيا مؤخرًا انتخابات رئاسية فاز بها الرئيس محمد ولد الغزوانى لفترة رئاسية ثانية.
هذه التحديات والتناقضات مجتمعة تجعل من موريتانيا دولة تستحق الدراسة والتحليل، فى محاولة لوضع سيناريوهات مختلفة حول مستقبل البلاد وتطلعات الشعب الموريتانى.
أجمع خبراء متخصصون فى الشأن الموريتانى على أن هناك تحديات جساما تواجه رئيس البلاد بعضها موروث من نظام سابق، والآخر فرضته الظروف الراهنة.
قال المحلل السياسى الموريتانى، سلطان البان، إن الرئيس الموريتانى محمد الشيخ ولد الغزوانى يواجه خلال ولايته الرئاسية الثانية والأخيرة، وفقا لدستور البلاد، جملة من التحديات بعضها من أجل «خمسية» لم يوفق فى اختيار حكومتها، على حد تعبيره، والبعض الآخر موروث من أزمات النظام السابق.
وأوضح «البان» ل«المصرى اليوم» أن أبرز التحديات هى مشكلة الفقر والبطالة، مشيرا إلى أنهما متجذرتان فى صفوف الشباب، حيث يعانى آلاف الشباب الموريتانى من البطالة لعدم توفر فرص العمل رغم كل السياسات المتبعة ظلت نسبة البطالة فى ارتفاع كبير.
وأشار إلى أن المشكلة أجبرت الشباب على اتخاذ من بعض دول أوروبا والولايات المتحدة وجهة لحل هذه المشكلة، منوها إلى أن أعداد المهاجرين إلى الولايات المتحدة بلغ نحو 20 ألفا مهاجرا خلال فترة «الغزواني» منذ عام 2019.
وقال «البان» إنه ربما تشير ولاية الغزوانى الثانية التى حملت اسم «مأمورية الشباب» إلى حقيقة اعترافه بمشكلة «الهجرة»، معربا عن اعتقاده أن الغزوانى يدرك أن المشكلة من أكبر التحديات التى تواجهه خلال فترته الجديدة، واعتبر المحلل السياسى الموريتانى أن الرئيس يحتاج آلية خارقة للتغلب على هذا التحدى، من خلال خلق فرص عمل لتحقيق الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى.
وفيما يتعلق بالمشكلة الاقتصادية، أكد «البان» على ضرورة تحقيق تنويع اقتصادى قوى ومستدام، مشيرا إلى أولوية منح الأهمية إلى القطاع الزراعى، وزيادة الثروة الحيوانية والسمكية، والصناعة التعدينية باعتبارها قطاعات هامة فى هيكل الاقتصاد الموريتانى فى حياة المواطن اليومية.
وأوضح أن هذه القطاعات عانت من الفساد الإدارى والمالى وغياب الشفافية والنزاهة ومبدأ المحاسبة، ما جعلها قطاعات ناقصة وعاجزة عن الأداء، مشيرا إلى أن موريتانيا مقبلة على ثروة فى الغاز والنفط بعد الاكتشافات الأخيرة، ما يستوجب حوكمة جديدة ووضع استراتيجية واضحة لتحقيق العنوان العريض الذى أطلقه رئيس البلاد وهو «العبور الآمن».
وشدد «البان» على أن فترة الغزوانى تحتاج تعزيز مبدأ الشفافية ومحاربة الفساد الذى تضمن جزء من وعود الرئيس خلال حملته الانتخابية، لأن الفساد على رأس التحديات الرئيسية التى تواجه «الغزوانى» خلال ولايته الثانية.
وتطرق «البان» إلى الوضع الأمنى الإقليمى، مشيرا إلى أن موريتانيا تدور حول منطقة الساحل، التى تعد من أكثر المناطق خطورة، لاسيما أن البلاد على نقاط التماس مع هذه الدول، ما يستدعى وضع استراتيجية أمنية تحفظ جغرافيا البلد، وتحمى مواطنى الحدود الشرقية، مشيرا إلى أن هذا يتحقق من خلال جيش قوى منظم، ونظام سياسى مستقر.
وفيما يتعلق بنيل موريتانيا المركز الاول عربيا وإفريقيا فى حرية الصحافة، اعتبر البان بعيد عن المصداقية ولا يعكس الواقع.
وأوضح أن قطاع الصحافة يعانى من معوقات لها أول وليس لها آخر، لاسيما فى مجال القمع والملاحقة الأمنية، معقبا أن الشباب الموريتانى الذى يستخدم المدونات للتعبير عن رأيه لا يسلم من الملاحقة الامنية والقمع والسجون.
ودلل على ذلك بوصف وزارة الخارجية الأمريكية للصحافة الموريتانية، بأنها صحافة تعمل «مقابل الغذاء»، مستبعدا ان تنال موريتانيا فى ليلة وضحاها المركز الأول فى الصحافة، دون تقديم أدلة ميدانية تثبت حقيقة هذا الكلام.
ودلل «البان» على ذلك بقوله إنه فى التوقيت الذى صدر فيه تصنيف منظمة مراسلون بلا حدود كان هناك سجين وهو رئيس منظمة الشفافية، السيناتور محمد ولد خدا، الذى سجن دون محاكمة عقب إصداره تقريرا استقصائيا عن الفساد، إضافة لقانون «الرموز»، وهو قانون قمعى يحظر على الصحفيين والمدونين انتقاد الحاكم والوزراء ومن يفعل ذلك يجد نفسه فى السجن لمدة لا تقل عن سنتين، مع غرمة مالية.
وقالت أسماء الحسينى، خبيرة الشؤون الإفريقية، ان فترة «الغزواني» الثانية على أعتاب مرحلة جديدة تواجه فيها تحديات كبيرة جدا.
وأرجعت «الحسينى»، أهمية موريتانيا الجيوستراتيجى لوقوعها بجانب المغرب ودول الساحل وعلى قبالة السواحل الأوروبية،
ما يجعلها قبلة لتنافس قوى دولية تسعى إلى استقطابها، مشيرة إلى أن «نواكشوط» يمكنها ان تستفاد من هذا الأمر من خلال استقطاب استثمارات، وإنشاء شراكات امنية مع هذه الدول، شريطة عدم استغلال البلد بل أن تكون شراكات عادلة.
وتطرقت «الحسينى» إلى امتلاك موريتانيا موارد معدنية هائلة متمثلة فى الذهب والحديد والفوسفات، إضافة للاحتياطات الضخمة للغاز الطبيعى وتقدر ب10 تريليونات قدم؛ ما يجعلها فى المرتبة الثالثة فى إفريقيا بعد نيجيريا والجزائر فى امتلاك هذا الخام، وكل هذا يمكن أن تسخره موريتانيا فى تحقيق الأهداف التى أعلن عنها محمد ولد الشيخ الغزوانى خلال حملته الانتخابية والذى أعلن فيها أن تكون ولايته الجديدة من أجل الشباب.
وأكدت على ضرورة التنويع الاقتصادى، مشيرة إلى امتلاك موريتانيا أراضى زراعية خصبة على نهر السنغال، معقبة أن إثراء الزراعة والثروة الحيوانية تحتاج إلى مجهود كبير لدعم المزارعين، والرعاة لتحقيق الاكتفاء الذاتى وتوفير العملة الأجنبية لاستيراد منتجات من الخارج.
وأشارت إلى أن الشباب الموريتانى يمثل غالبية السكان بما قدر بنسبة 70 ٪، لكنه يعانى من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، حيث يعانى الموريتانيون من هذه المشكلة إذ يعانى نحو 59٪ من الفقر، معقبة أن الرئيس فى إطار القضاء على هذه المشكلة عليه تنويع الاقتصاد من مشاريع زراعية وبنية تحتية وغيرها.
واعتبرت «الحسينى» أن اكبر تحد يواجه «الغزوانى» هو التحدى الأمنى والحفاظ على الاستقرار فى ظل إقليم مضطرب، لافتة إلى الاضطرابات فى دول الساحل، لاسيما فى مالى المجاورة لموريتانيا.
وتابعت فى هذا الصعيد أن «نواكشوط» استطاعت حفظ الاستقرار، إذ لم تشهد أى أعمال إرهابية منذ عام 2011، لكن هذا الاستقرار أصبح تحت التهديد جراء، الاضطرابات فى الدول المجاورة لها.
وقالت «الحسينى» إن موريتانيا أصبحت نقطة عبور وتوطين للمهاجرين غير النظاميين، مشددة على ضرورة ان تكون لهذا الملف معالجة حكيمة، بحث ألا يضر موريتانيا ويقوى موقعها بالنسبة للقوى الدولية وسطرحها كقوة وركيزة لاستقرار المنطقة.
وأكدت على ضرورة أن تكون هناك مكافحة للفساد للتحقيق التنمية، معقبة أن «الغزواني» تعهد بالضرب بيد من حديد ضد الفساد، والقضاء عليه خلال فترته الرئاسية.
وفيما يتعلق بما يثار عن وجود «عبودية»، قالت «الحسينى»:« إنه ملف حساس جدا، مشيرة إلى أنه يحتاج جهد كبير لإغلاق هذا الملف، من المستوى الرسمى وكل القوى الشعبية والرسمية حتى لايصبح »مسمار جحا«، لتدخل القوى المنظمات الدولية فى الشأن الموريتانى».
ولفتت إلى أن موريتانيا لديها فرصة كبيرة من أجل عبور هذه القضايا، لكن ذلك سيظل مرهونا بالقضاء على الفساد وبقدرة الغزوانى والقوى السياسية من أجل مواجهة هذه التحديات لتضع أقدام البلد على أعتاب التطور الكبير، أو أن تظل فى عين العاصفة.
وقال الباحث فى العلوم السياسية والعلاقات الدولية الموريتانى الدكتور، بون باهى، إنه بالنسبة لمشكلة البطالة تعد هذه المشكلة معقدة وصعبة فى موريتانيا، ولكن إذا تم البحث عن أسبابها نجد أنها تعود إلى سبب رئيسى وهو انتشار ظاهرة الفساد والمحسوبية و«الزبونية».
وأوضح باهى ل«المصرى اليوم» أن الأمر لا يتعلق بعجز موارد الدولة والفقر بل بالفساد الذى انتشر كظاهرة منذ سبعينيات القرن الماضى ولايزال مستشريا فى جميع مفاصل أجهزة الدولة، وما يدق ناقوس الخطر هو أن البطالة اليوم تنتشر بين صفوف الشباب حاملى الشهادات العليا أكثر من غيرهم، وهؤلاء غادر منهم العشرات البلاد إلى أمريكا بحثا عن ظروف عيش أفضل، وظاهر الهجرة الجماعية للشباب الموريتانى بالآلاف ليست من مخرجات البطالة وفشل سياسات التشغيل بسبب الفساد.
واعتبر «باهى» أن البلاد قادرة على مواجهة البطالة وهذا ما عبر عنه الرئيس المنتخب فى خطاب تنصيبه بأنه سيعلن الحرب على البطالة والفساد.
وأضاف أنه كما أعلن الرئيس فى برنامجه الانتخابى أن هذه مأمورية الشباب، معقبا أنه لا يزال الوقت مبكرا لتقديم إجابة واضحة، فقط هناك العديد من الوعود التى تنتظر التنفيذ.
وتطرق الباحث السياسى الموريتانى بخصوص ملف الاقتصادى، قائلا: البلد غير صناعى يعتمد فى جميع مناحى الحياة على الخارج باستثناء زراعة الأرز التى حققت فيها تقدما يقارب الاكتفاء الذاتى لحاجة البلاد من هذه المادة.
وعبر عن توقعه أن الاقتصاد سوف يتحسن، قائلا: بالرغم من ذلك فإن كل المؤشرات تشى بأن الاقتصاد سوف ينتعش إذا توفرت الإرادة لمحاربة الفساد، فالبلد مقبل على استغلال آبار من الغاز الطبيعى تمثل رافعة للاقتصاد بحكم الحجم الكبير للإنتاج من هذه المادة الذى يتوقع خلال السنوات القادمة أن تصبح موريتانيا من أهم الدول المصدرة له على الصعيد الإفريقى.
وتابع أنه رغم الهيدروجين الأخضر والموارد التقليدية التى كانت تعتمد عليها البلاد مثل الحديد والسمك والذهب، فإن البلد غنى بالموارد الطبيعية التى لم تستغل حتى الآن.
وعن نيل موريتانيا المرتبة الأولى على مستوى إفريقيا والعربية فى حرية الصحافة من قبل منظمة مراسلون بلا حدود، قال: «نحن كموريتانيين يشرفنا هذا التصنيف، لكن كباحثين وخبراء لا نلمس أثرا له فى الواقع، فقطاع الإعلام لا يختلف عن القطاعات الأخرى التى ينخرها الفساد».
وتابع: «لا أعرف صراحة المعايير التى اعتمدتها منظمة مراسلون بلا حدود، إذ يكفى لمحاربة الفساد وجود إعلام مستقل»، مشيرا إلى أن أكبر المسؤولين فى البلاد يقرون بوجود الفساد ويعلنون الحرب لمواجهته.
وقال المحلل السياسى الليبى، حسام الدين العبدلى، فيما يتعلق بملف الهجرة فى موريتانيا إن الموضوع شائك وطويل، مشيرا إلى الهجرة إلى عدة دول، منها دول جنوب أوروبا لاسيما إيطاليا واليونان وأسبانيا، حيث تحاول هذه الدول إيقاف الهجرة وعدم وصولها لأراضيها.
وأوضح «العبدلى» أن هذه الدول تحاول إعادة إيجاد مكان ثالث لإعادة توطين المهاجرين.
وقال: هناك إعلان وقع بين الاتحاد الأوروبى وإسبانيا من جهة وموريتانا من جهة أخرى، مشيرا إلى أن موريتانيا لم يكن بينها وبين الاتحاد الأوروبى اتفاق مسبق، ولفت إلى أن «نواكشوط» وقعت اتفاقية مع إسبانيا فى عام 2003، إذ عدلت هذه الاتفاقية فى عام 2024. وتنص الاتفاقية على تقديم مساعدات إلى موريتانيا بقيمة 500 مليون يورو، قدمت منها إسبانيا نحو 300 مليون يورو، فيما يقدم الأوروبى 200 مليون يورو.
ونوه المحلل السياسى بأنه لدى النظر إلى الخريطة نلاحظ أن موريتانيا ليست من الدول التى تطل على جنوب أوروبا، ما يطرح سؤالا آخر لماذا تم التوقيع على اتفاقية تنص على إبقاء المهاجرين أو اللاجئين فى موريتانيا وإبقاء المساعدات لهم فى موريتانيا. وأضاف أن الاتفاقية وقعت دون الرجوع أو إحاطة الشعب الموريتانى، منبها إلى أن نصوصها لم تعرضولم تكشف لوسائل الإعلام الموريتانية، أو الخارجية.
وأوضح أن متظاهرين وناشطين ومؤسسات مجتمع مدنى عبرت عن رفضها هذه الاتفاقية لما تحتوى عليه من توطين للمهاجرين لاسيما من بلدان غرب إفريقيا من مالى وسيراليون وغامبيا، ودول أخرى من هذه المنطقة.
وأن فحوى الاتفاقية التى تمت بين الاتحاد الأوربى وإسبانيا تمنع المهاجرين غير النظاميين من دول إفريقية لاسيما من غرب القارة إلى جزر الكنارى التى تتبع الحكومة الإسبانية، وتعد موريتانيا هى الأقرب للجزيرة بعد المغرب.
وعبر «العبدلى» عن اعتقاده بأن «جزر الكنارى» تستخدم لجعل موريتانيا موطنا للمهاجرين، معللا ذلك بأن موريتانيا ليست دولة عبور، وأن الاتفاقية لا تشمل إسبانيا فقط بل تتضمن مفوضية الاتحاد الأوروبى ما يتيح نقل مهاجرين من دول أوروبية وتوطينهم فى موريتانيا.
وتطرق إلى أن عدد السكان فى موريتانيا 5 ملايين، وأن الوضع الاقتصادى بها هش، معتبرا أن توطين مهاجرين، سوف يزيد الوضع الاقتصادى سوءا، ما ينعكس على تقليل فرص العمل لمواطنى البلد، إلى جانب إحداث تغير ديموجرافى للشعب الموريتانى نفسه.
واعتبر أن 500 مليون يورو سوف تنتج عنها مشاكل أكثر من فوائدها.
وأشار العبدلى إلى التحديات الأمنية التى تواجه البلاد، لاسيما وجود حدود مشتركة بينها ودولة مالى، مشيرا إلى وجود معارك خلال شهور سابقة على الحدود الموريتانية، ما أسفر عن دخول الجيش المالى عدة كيلو مترات داخل الحدود الموريتانية، ووصول 150 ألف لاجئ من مالى إلى موريتانيا، ما ينتج عنه وجود مصاعب مالية وسياسية وأمنية، ومع استمرار المعارك فى مالى سيزداد عدد اللاجئين الوافدين إلى موريتانيا، ووفقا للاتفاقية الموقعة مع أسبانيا والاتحاد الأوروبى.
وأشار إلى أن دول غرب إفريقيا المجاورة لموريتانيا لا توجد فيها أى تنمية ولا دعم أوروبى لهذا الأمر، لاسيما عند إعلان دول الساحل عن كونفدرالية جديدة تجمع مالى والنيجر وبوركينا فاسو المضادة لدول إيكواس الاقتصادية.
ولفت العبدلى إلى أنه لوقف الهجرة يجب على موريتانيا أن تعيد النظر فى علاقاتها مع دول الساحل وأن تنسق معها وتتعاون معها فيما يتعلق بموضوع الهجرة، سواء دخولها فى اتحاد مع الكونفدرالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.