شيخ الأزهر والبابا تواضروس يدعمان المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"    التعليم تتفقد أداء مدارس محافظة شمال سيناء    جامعة أسيوط تحتضن احتفالية الجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية بخريجي دفعة 2023-2024    وزير الصحة يستقبل مدير مكتب برنامج الأغذية العالمي لبحث التعاون المشترك    وزير التموين يطلع على الفرص التمويلية والاستثمارية من "بنك أبو ظبي"    فلاحو مصر.. الأيادي التي تزرع الأمل وتحصد المستقبل    لافروف: الشرق الأوسط على شفا حرب إقليمية كبرى ونعمل لمنع حدوث ذلك    الاتحاد الأوروبي: ما يحدث في غزة مروع وانتهاك جسيم وليس دفاعا عن النفس    شيكا: الانضمام ل مودرن سبورت «شرف كبير»    تصفيات أمم إفريقيا - بركلة جزاء احتسبها محمد معروف.. السنغال تفوز على بوروندي    السجن 10 سنوات للمتهمة باستقطاب الضحايا لسفاح التجمع    حجز محاكمة متهم بأحداث إمبابة للحكم    فيديو.. هاني شاكر يطرح ألبوم اليوم جميل بلوك مختلف على المنصات والتطبيقات الموسيقية    عريس البحيرة يكشف تفاصيل حزن خطيبته: "وفرت الفلوس لفستان العروسة"    حصاد 39 يوما .. حملة «100 يوم صحة» قدمت 62 مليون خدمات طبية مجانية    طريقة تحضير الأرز باللين في المتزل    أوكرانيا تتصدى لهجوم جوي روسي على كييف    جامعة المنصورة تفوز بجائزة كونفوشيوس لمنظمة اليونيسكو لمحو الأمية    خالد داغر: توفير فرص متكافئة للموهوبين وذوى الهمم في مهرجان الموسيقى    "الإفتاء" توضح حكم التهادي بحلوى المولد النبوي الشريف    مصرع جزار بسبب مشاجرة مع فكهاني بالهرم    محمود توفيق يودع وزير الداخلية السعودي بمطار القاهرة    إعلام فلسطينى: قوات الاحتلال تقتحم قرية سالم شرقى مدينة نابلس    صفقة مجانية تشعل سوق الانتقالات فى أوروبا سنة 2025    تفاؤل فى ريال مدريد بعودة بيلينجهام قبل موقعة ريال سوسيداد    رؤساء وقادة العالم يهنئون رئيس الجزائر بفوزه بفترة رئاسية ثانية    البنك الأهلي المصري يمنح عملائه المسافرين نقدا حتى 5000 دولار    مرفت عمر تكتب: أزمات في طريق المهرجانات الفنية    حصاد الوزارات.. وزير التعليم يصدر كتابا دوريا ينظم صرف 50 جنيها للحصة للمعلم    بدء جلسة الحكم على «أم شهد» شريكة سفاح التجمع في اتهامها بالاتجار بالبشر    الدكتور عبد السند يمامة يهنئ فلاحين مصر بعيدهم    القنوات الناقلة لمباراة السودان وأنجولا في تصفيات أمم أفريقيا 2025 وترتيب المجموعة    للمرأة الحامل، اعرفى الأكلات المهمة والممنوعة حفاظا على صحتك واستقرار الحمل    جامعة بنها تستقبل وفدًا من خبراء منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية    تدريب وفعاليات.. وزير الثقافة ونقيب الصحفيين يبحثان سبل التعاون المشترك    عاجل | مصر تبحث تنمية التعاون الصناعي مع العراق في صناعات قطاع الكهرباء والمنسوجات والجلود    واعظة بالأوقاف: توجه نصائح لكل زوجة" أخد الحق حرفة"    «أوقاف القاهرة» تنظم الاحتفالية السنوية لتكريم 320 طفلا من حفظة القرآن الجمعة المقبلة    وزير الإسكان يستعرض مشروعات شركة "سيتى إيدج"    مصدر من الزمالك يكشف ل في الجول موقف النادي من ضم سليتي وميشالاك    تقارير: النصر السعودي يستقر على إقالة كاسترو من تدريب الفريق.. وتحديد بديله    طنطا يواصل استعداداته لمواجهة وادي دجلة في افتتاح دوري المحترفين    المشدد 5 سنوات لمتهمين و7 سنوات غيابيا لآخرين لشروعهم في سرقة ماشية من حظيرة بطوخ    انتخابات أمريكا 2024| جورج بوش يستبعد دعم كلا المرشحين بالانتخابات    3 تحديات تواجه الصناعات الغذائية.. ما هي؟    منح دراسية وتخفيضات 20% على المصروفات.. كل ما تريد معرفته عن جامعة «باديا»    معارض أهلا بالمدارس 2024| محافظ المنيا يدعو إلى مزيد من التخفيضات    انطلقت فعاليات اليوم الثانى والختامى gمنتدى الإعلام الرياضى    عاجل.. تأجيل محاكمة مضيف طيران و6 آخرين في تهريب دولارات للإخوان بالخارج    حيثيات إعدام عاطل قتل صديقه داخل مسكنه بسبب خلافات بينهما فى الجيزة    رئيس وزراء النرويج يبحث مع رئيس الصين في بكين سبل تعزيز العلاقات الثنائية    وزير الصحة: نعمل على خفض الوفيات بسبب الدرن بنسبة 90% في 2030    برج الدلو.. حظك اليوم الإثنين 9 سبتمبر: قلل التوتر    أوكرانيا: ارتفاع حصيلة قتلى جيش روسيا ل 626 ألفا و410 جنود منذ بدء العملية العسكرية    عالم: ليس كل أزهري مؤهل للفتوى.. واستحلال الحرام «كفر»    باحث أزهري: الله وعد المؤمنين بشفاعة الرسول يوم القيامة (فيديو)    وزارة الصحة: انطلاق برنامج تدريب المعلمين بمدارس التمريض على المناهج الجديدة    الآن.. تنسيق المرحلة الثالثة 2024.. الموعد الرسمي لتسجيل الرغبات عبر الرابط المعتمد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هاجر أيمن تكتب: سياسة الاغتيالات فى الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية
نشر في المصري اليوم يوم 05 - 08 - 2024

أوشكت الحرب الإسرائيلية على غزة على دخول شهرها العاشر مع فشل إسرائيلى فى تحقيق أهداف الحرب الأساسية المعلنة وهى تحرير الرهائن الإسرائيليين وتدمير حركة حماس؛ الأمر الذى أدى إلى لجوء إسرائيل إلى سياسة الاغتيالات بتحديد مجموعة من الأهداف من قادة الفصائل الفلسطينية وحركات المقاومة فى لبنان والعراق؛ وذلك لتسويق هذه العمليات للعامة فى إسرائيل بأنها نجاح للمنظومة الأمنية والاستخباراتية التى اهتزت ثقة العامة بها بعد الفشل الاستخباراتى والأمنى فى توقع ومنع أحداث عملية «طوفان الأقصى» فى السابع من أكتوبر 2023.
ومع الإعلان عن اغتيال «إسماعيل هنية» رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى غارة إسرائيلية على مقر إقامته فى طهران، وقبلها عملية اغتيال أخرى للرجل الثانى فى حزب الله اللبنانى «فؤاد شكر»، عادت سياسة الاغتيالات الإسرائيلية إلى الواجهة؛ الأمر الذى يتطلب إلقاء الضوء على هذه السياسة فى العقيدة الإسرائيلية، وهو ما سوف يتم مناقشته فيما يلى:
تعريف الاغتيالات
سياسة الاغتيال هى مصطلح يستخدم لوصف عملية قتل منظمة ومتعمدة تستهدف شخصية هامة ذات تأثير فكرى أو سياسى أو عسكرى أو قيادى ويكون سبب عملية إما لأسباب عقائدية أو سياسية أو اقتصادية أو انتقامية.
وأما عن سياسة الاغتيال الإسرائيلية؛ عملت إسرائيل على وضع مبررات وحجج للارتكان لهذه السياسة غير الأخلاقية بوضعها فى إطار الدفاع عن النفس ومحاربة الإرهاب الذى تمثله هذه الشخصيات ضدها.
فعرفت إسرائيل كلمة اغتيال بأنها عملية التصفية الجسدية التى تقوم بها أجهزتها الأمنية ضد قادة ومقاتلين فلسطينيين وعرب تتهمهم بالتورط فى نشاط أو عمليات ضدها، ولمزيد من إضفاء المشروعية على هذه السياسة وللابتعاد عن لفظ الاغتيال المُجرم وفقًا للقانون الدولى؛ عملت إسرائيل بداية من عام 2000 على استخدام صيغ «ملطفة» للتعبير عن عمليات الاغتيال مثل مصطلح «الإحباط الموضعى» أو «القتل المستهدف» الذى قدمه القاضى فى المحكمة العليا إلياكيم روبنشتاين للتعبير عن عمليات الاغتيال التى أصبحت تكتيك رئيسى للعقيدة الأمنية الإسرائيلية.
أصبح اسم «الإحباط الموضعى» هو الاسم المعتمد لدى نائب رئيس الشاباك يوفال ديسكين- الذى يعتبر مهندس هذا الأسلوب فى مواجهة الانتفاضة الثانية-، ليتم تبنيه فى الإعلام والدوائر الرسمية منذ ذلك الحين.
أمثلة على سياسة الاغتيال فى العقيدة الأمنية الإسرائيلية يعج التاريخ الإسرائيلى بالعديد من عمليات الاغتيال، التى يعود بعضها إلى ما قبل الإعلان عن قيام دولة الاحتلال فى عام 1948، وأصبحت عمليات الاغتيال سياسة إسرائيلية تتم فى أوقات محددة مسبقًا، وارتبطت لدى المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية بشعار «يد إسرائيل الطويلة» القادرة على الوصول إلى كل مكان.
وبعد الإعلان عن نشأة الدولة عام 1948 أصبحت الاغتيالات سياسة راسخة عند قادة إسرائيل وحكامها الذين شاركوا بأنفسهم فى عمليات الاغتيال، وعلى رأسهم إسحاق شامير، وإسحاق رابين وأرييل شارون، وشيمون بيريز، ومناحيم بيجن، الذين شاركوا فى العصابات الصهيونية، الهاجانا، والشتيرن والأرجون وغيرها.
ويمكن الإشارة إلى أن عمليات الاغتيال لم تقتصر على الفلسطينيين أو العرب فى هذه الفترة وإنما امتدت لشخصيات دولية حيث قامت إسرائيل باغتيال الوسيط الدولى الكونت برنا دوت فى القدس فى 17 سبتمبر 1948 بسبب صياغته تقريرًا للأمين العام للأمم المتحدة يدين إسرائيل ويحملها تبعات النكبة الكبرى فى عام 1948.
تطورت سياسة الاغتيال مع مرور الوقت وأصبح رئيس الحكومة فى إسرائيل يمتلك الحق فى إعطاء الأوامر باغتيال أى شخص دون أن يعود لأحد أو أن تشرف على قراره لجنة رقابية برلمانية؛ تجلت هذه السياسة فى عام 1972 حين أصدرت جولدا مائير قرارا رسميا لاغتيال منفذى عملية ميونيخ التى نفذتها منظمة أيلول الأسود التابعة لحركة فتح ضد رياضيين إسرائيليين كانوا يشاركون فى الأولمبياد فى ألمانيا.
لم تتوقف سياسة الاغتيالات عند هذا الحد بل أخذت بُعدًا جديدًا أكثر كثافة مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية فى عام 2000؛ حيث تحولت إلى سياسة ممنهجة وعلنية وجزء أساسى فى العقيدة الأمنية الإسرائيلية.
ثم تطورت الاستراتيجية الإسرائيلية مرة أخرى خلال فترة الانتفاضة الثانية، فأصبحت الاغتيالات البديل الأكثر سهولة لعمليات الاعتقال، كما أنها طالت عناصر وجهات غير مركزية لا يحقق استهدافها أى جدوى حقيقية على أرض الواقع، سوى خلق حالة من الترهيب والردع داخل هذه المنظمات لفترة زمنية قصيرة.
أهداف الاغتيالات فى العقيدة الأمنية الإسرائيلية
تصور إسرائيل الشخصيات المستهدفة فى عمليات الاغتيال بأنهم إرهابيون أو يعملون مع جهات تعتبرها إرهابية؛ لذا يتم اغتيالهم لتحقيق عدة أهداف، أبرزها:
الانتقام وتعزيز الردع، والتأكيد على أن يدها الطويلة يمكن أن تطال أى شخص يعمل ضدها فى أى مكان حول العالم.
رفع الروح المعنوية للإسرائيليين فى أوقات الأزمات.
العمل على إضعاف التنظيمات التى اغتيل قادتها، عبر إشغالهم بالبحث عن بدائل لقادتهم وتوحيد الجبهة الداخلية ومنع حدوث خلافات وانقسامات داخل التنظيم بدلاٌ من مهاجمتهم.
إضعاف الكوادر القيادية فى الفصائل والتنظيمات عبر وضعهم تحت ضغوطات الاستهداف فى أى وقت، مما يجعلهم يشددون من إجراءاتهم الأمنية مما يقلل عادة من مساحة حركتهم واتصالاتهم، ويحد من فعاليتهم.
جدوى عمليات الاغتيال:
تثير سياسة الاغتيال الإسرائيلية الجدل حول جدواها حتى فى الداخل الإسرائيلى نفسه، فيؤكد الصحفى والمحلل العسكرى ألون بن دافيد أن سياسة الاغتيال تقود إلى نتائج عكسية فتعمل على توسيع دائرة العنف، ولن تنهى ما تصفه إسرائيل بالإرهاب ضدها، وفى أحسن الحالات قد تدخل بعض المنظمات فى حالة فوضى لمدة من الزمن إذا كان المستهدف شخصية مركزية فى منظمة يعتمد وجودها على هذه الشخصية، قبل أن تستعيد عافيتها وربما تصبح أكثر قوة وتنظيما. ويمكن التدليل على هذا الطرح بمجموعة من الأمثلة:
تحول حزب الله بعد اغتيال عباس موسوى، أمين عام حزب الله السابق، إلى واحد من أكبر التنظيمات قوة وتهديدًا لإسرائيل، وفى كلمات «ألون بن دافيد» وصف قوة الحزب بعد الاغتيال بأن «اغتيال موسوى حول الحزب من جماعة صغيرة إلى جيش منظم».
وعلى جانب الفصائل الفلسطينية، لم يؤد اغتيال يحيى عياش عام 1996 إلى القضاء على القدرات العسكرية لكتائب القسام، بل نفذت الفصائل عمليات انتقامية لمقتل عياش أدت إلى مقتل 60 إسرائيليا وإصابة المئات.
وبالمثل لم يؤد اغتيال كبار قادة حماس «إسماعيل أبو شنب» و«عبد العزيز الرنتيسى» والشيخ «أحمد ياسين» إلى انهيار القيادة السياسية للحركة، بل على العكس عززت هذه الاغتيالات من صورة حماس فى الداخل الفلسطينى، وهو ما ساهم فى فوزها بانتخابات 2006.
الجدل حول قانونية الاغتيالات تعد الاغتيال بدون بصمة أى القتل خارج نطاق القانون، فعل مجرم دوليًا وفقًا للقوانين والمعاهدات الدولية، وورد ذلك فى:
المادة الثالثة من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان 1948 التى تنص على: «لكل فرد حق فى الحياة والحرية وفى الأمان على شخصه».
المادة 6 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966.
اتفاقية جنيف الرابعة 1949، واتفاقية لاهاى الرابعة الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية، وغيرها الكثير من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التى تحظر أسلوب الاغتيال لما له من خطورة على الأمن والسلم الوطنيين والدوليين.
ومن هذا يجرم القانون الدولى أى شكل من أشكال القتل خارج القانون (الاغتيالات) الذى يتم بعيدًا عن ساحات القضاء، وتنطبق هذه المواد على الأشخاص الخاضعين لحكومات وطنية أو الخاضعين لاحتلال، بل ويبيح القانون الدولى اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية التى تجرّم الانتهاكات الجسيمة وخاصة جرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات التى تمس بالسلم والأمن الداخلى والدولى.
ورغم حظر القانون الدولى والإنسانى لسياسة الاغتيال، شرّعت إسرائيل هذه السياسة عام 2002 فى سابقة هى الأولى على مستوى العالم مع وضع عدد من الضوابط لم تلتزم بها، واشترطت موافقة رئيس الوزراء؛ الأمر الذى يترك حرية واسعة لتوظيف عمليات الاغتيال فى خدمة المصلحة الشخصية للأخير، دون أن تُحقق بالضرورة مصلحة الكيان.
وفى الختام، تعد عمليات الاغتيال الأخيرة، ما هى إلا جزء تستهدف به إسرائيل الترويج لانتصار من وجهة نظرها؛ يرفع من الروح المعنوية للداخل الإسرائيلى الحانق على أجهزته الأمنية والاستخباراتية التى فشلت فى التنبؤ بأحداث السابع من أكتوبر 2023.
ويمكن القول إن سياسة الاغتيال التى تقوم بها إسرائيل فى حربها على غزة وأخرها اغتيال «إسماعيل هنية»؛ هى جريمة حرب تضاف إلى سلسلة الجرائم التى تنفذها إسرائيل منذ بدء عدوانها على غزة، وفى التقدير ستواصل إسرائيل نهجها فى سياسة الاغتيالات خلال المرحلة القادمة ولن تتخلى عنها.
* باحثة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية
ينشر بالتعاون مع المركز المصرى للفكر والدراسات الأستراتيجية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.