محافظ كفر الشيخ يتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة محور 30 يونيو    مد فترة قبول أوراق الطلاب الحاصلين على الشهادات الأجنبية حتى 18 سبتمبر    ركود في أسواق حلوى المولد بسوهاج.. التجار: ارتفاع أسعار السكر السبب    محافظ الدقهلية يجري جولة مفاجئة على بعض المخابز البلدية بالمنصورة    وزير الخارجية يلتقي بعدد من المستثمرين الإماراتيين    حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود الاحتلال في مرتفع أبو دجاج وتحقيق إصابة مباشرة    محافظ الإسكندرية يتفقد الاستاد.. ويطمئن على استعداده لاستضافة الموسم الكروي الجديد    تعرف على أعضاء أولى جلسات منتدى الإعلام الرياضى القاهرة 2024    الحزم السعودي يقترب من حسم صفقة كهربا    مصرع عامل بسقوطه من علو أثناء عمله بمصنع في بني سويف    "فجر كل يوم" للمخرج المصري أمير يوسف يشارك في مهرجان لندن السينمائي    تعرف على الأجندة الاسبوعية لقصور الثقافة في القاهرة والأقاليم    مكتبة الإسكندرية تستقبل سفير الفلبين بالقاهرة    صحة الشرقية: تخصيص 11 منفذا لتطعيم المواطنين بلقاح الأنفلونزا الموسمية    بالصور.. جامعة المنوفية تحصد 14 ميدالية في مهرجان رياضي لذوي الهمم    وزير الخارجية يعقد غدا مباحثات مع نظيره الدنماركي ويستقبل وزير خارجية سوريا    تأجيل محاكمة بائعة بتهمة قتل شاب بالطالبية    بعد رفع الإشغالات والتعديات.. محافظة الجيزة تفتح شارع الجمهورية بمنطقة الهرم    "كونتكت" و"بساطة" تتعاونان لتقديم حلول دفع مبتكرة وتحسين تجربة العملاء في مصر    خبير طرق: ضرورة الاستفادة من موقع مصر الجغرافي في تطوير المواني البحرية    5 قنوات مفتوحة تنقل مباراة اسبانيا ضد سويسرا اليوم الأحد.. ثبتها الآن بالمجان    سلة - الزمالك ينجح في رفع الإيقاف عن المشاركة في BAL    رئيس هيئة قضايا الدولة لوفد «الوطنية للانتخابات» : ملتزمون بتحقيق العدالة الناجزة وحماية المال العام    القوات المسلحة تنظم برنامج "استراتيجية تنمية القيادة الوطنية" بالتعاون مع المجلس الوطني للتدريب والتعليم    الأونروا تطالب بتنفيذ وقف فوري لإطلاق النار في غزة    إصابة شخص برصاصة أثناء عبثه في سلاح ناري بحوزته بسوهاج    «الوزير» يترأس وفدا رفيعا إلى بغداد لبحث المشاركة المصرية في مشروعات البنية التحتية بالعراق    البابا فرنسيس يترأس قداسا أمام 35 ألف مؤمن في بابوا جينيا الجديدة    «أغلى من الدروس الخصوصية».. سؤال برلماني بشأن أسعار مجموعات التقوية: الحصة ب100 جنيه    والدها نجم كبير وشقيقها ممثل.. معلومات عن هنا يسري أفضل مطربة شابة في الديرجيست    ناقد فني: حلمي التوني استمد رموزه من التراث الشعبي    المفتي يستقبل رئيس الأكاديمية البحرية لبحث سبل التعاون المشترك    «حزب الله» يدمرالتجهيزات التجسسية بموقع رويسات العلم    ترقية 25 عضواً بهيئة التدريس وتعيين 34 مدرساً بجامعة طنطا    في خدمتك...كيفية الحصول على سيارات لذوي الهمم عبر الحجز الإلكتروني للكشف الطبي    «الصحة» تكشف أهمية العلاج الطبيعى في الحفاظ على صحة الجسم    69% من أطفال غزة تلقوا الجرعة الأولى من لقاح شلل الأطفال    الخرف الرقمي يهدد أطفالنا.. تحذير من تأثير التكنولوجيا على المخ    طريقة عمل البيتزا في المنزل بأقل التكاليف    معهد إعداد القادة واتحاد الجامعات العربية ينظمان برنامجًا تدريبيًا حول إعداد قادة الذكاء الاصطناعي    تساؤل برلماني.. لماذا لم يدرج فاقدي العين الواحدة في قانون ذوي الإعاقة؟    مفتاح الجنة في هذا الذكر العظيم.. عميد كلية الدعوة الإسلامية يُوضح    بعد الهبوط الأخير للطن.. سعر الحديد اليوم الأحد 8 سبتمبر 2024 للمستهلك    مسئولو " الإسكان " يتفقدون سير العمل بمنظومة مياه الشرب والصرف الصحي بمدينة السادات    «الداخلية» تواصل حملاتها بضبط 12321 قضية سرقة تيار كهربائي    تفاصيل القرار الجمهوري بإنشاء جامعة خاصة باسم المجد    رئيس الكتلة البرلمانية لحزب (قوة يهودية) الذي يتزعمه بن غفير يقتحم المسجد الأقصى    معهد إسرائيلي: مقتل 706 جنود منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. وفرص لسقوط الأمطار على بعض المناطق    كيفية معرفة وقت تذكرة المترو.. تجنب الغرامة الفورية لهذه الأفعال    ما حكم صيام يوم المولد النبوي الشريف؟ دار الإفتاء تجيب‬    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 8-9-2024    النشرة المرورية.. خريطة الكثافات والطرق البديلة بالقاهرة والجيزة    بدء عمية فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية بالجزائر    داعية يحرم ارتداء الرجال للون الأحمر: لباس النساء والكفار    ملف يلا كورة.. كواليس استبعاد حجازي.. استدعاء عضو الزمالك للتحقيق.. وثاني صفقات بيراميدز    عامر حسين يكشف عن كواليس حريق ستاد الإسكندرية    داعية يفجر مفاجأة عن سبب وفاة عريس الشرقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بهاء محمود يكتب: يورو 2024.. كيف تغلغلت رسائل اليمين المتطرف فى الرياضة الأوروبية؟
نشر في المصري اليوم يوم 29 - 07 - 2024

انتهت بطولة أمم أوروبا لكرة القدم «يورو 2024» التى استضافتها ألمانيا خلال الفترة من 14 يونيو إلى 14 يوليو 2024، بحصد المنتخب الإسبانى الكأس بعد فوزه على نظيره الإنجليزى فى المباراة النهائية، وذلك فى بطولة أُقيمت وسط مناخ يمينى متطرف يسود القارة، وإن حدثت عودة يسارية أثناء مجرياتها فى انتخابات بريطانيا وفرنسا. وجاءت هذه البطولة لتكشف عن العديد من الرسائل السياسية التى لا تنفصل عن الأحداث والتطورات التى تشهدها القارة الأوروبية ودول العالم.
كراهية الآخر فى تقدم
تُعد كرة القدم اللعبة أو الرياضة الشعبية الأولى فى العالم، وهى ملتقى ثقافات عدة متباينة، كما أنها قد تجمع شعوبًا مُعادية لبعضهًا تاريخيًا. وفيما يخص بطولة يورو 2024، فقد شهدت لقاءات جماهيرية حدثت لأول مرة منذ تنظيم البطولة، جمعت دول صربيا وألبانيا وكرواتيا معًا، وهى دول عانت من صراعات وحروب فيما بينها. وتبلورت أهم المظاهر السلبية من قِبل الجماهير المشجعة للمنتخبات المشاركة، فيما يلى:
1- صراعات البلقان فى المدرجات: تعددت الشعارات والهتافات المُعادية للآخر سواء من الجماهير أو من اللاعبين المشاركين فى البطولة، فالمهاجم الألبانى ميرليند داكو حمل مكبر صوت عقب تعادل فريقه مع كرواتيا، وشارك بهتافات مُعادية لدول أخرى- سواء أكانت مشاركة أو غير مشاركة فى البطولة- مثل: هتافات «اللعنة على مقدونيا» و«اللعنة على الصرب». من جهتها، هددت صربيا بالانسحاب من البطولة؛ إذا لم تتم معاقبة كرواتيا وألبانيا على هتافات وشعارات الكراهية والعنصرية، لكن فى نفس الوقت رفع مشجعو صربيا لافتات تُظهر كوسوفو كجزء من الأراضى الصربية، وحملوا شعار«كوسوفو هى صربيا»، مع حمل أعلام روسيا والهتاف باسم الرئيس فلاديمير بوتين.
2- حضور اليمين المتطرف: كانت هيئة الإذاعة والتلفزيون الألمانية (ARD) قد أجرت، قُبيل بداية يورو 2024، استطلاعًا للرأى شارك فيه 1304 ألمانيين، كشف عن أن 21٪ من المُستطلعين يفضلون وجود المزيد من اللاعبين البيض فى المنتخب الوطنى لكرة القدم. كما أظهر الاستطلاع انقسامًا بين الأحزاب السياسية؛ إذ وافق عليه 47٪ من مؤيدى حزب البديل لألمانيا، اليمينى المتطرف.
وحفلت يورو 2024 بحوادث عدة قام بها أنصار اليمين المتطرف، حملت طابع الكراهية والعداء للآخر، ولا سيما من ذوى الأصول غير الأوروبية من المهاجرين والمسلمين. فعلى سبيل المثال، رفعت بعض جماهير منتخب النمسا لافتات مدونا عليها عبارة «الدفاع عن أوروبا»؛ وهى عبارة ترمى إلى نداء جماهيرى متعارف عليه مناهض للإسلام والهجرة، فيما حمل بعض مشجعى المنتخب الإنجليزى شعار «أوقفوا القوارب».
ولم يقتصر الأمر على الجماهير فقط، وإنما امتد أيضًا إلى اللاعبين وإن كان فى اتجاه مُعاكس، فقد حث لاعبون فى المنتخب الفرنسى، ومنهم كليان مبابى وعثمان ديمبلى، مواطنيهم على عدم التصويت لليمين المتطرف فى الانتخابات التشريعية «الجمعية الوطنية» التى أُجريت مؤخرًا، وذلك «للحفاظ على هوية فرنسا متعددة الأعراق»؛ وهو الأمر الذى أثار غضب مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطنى اليمينى المتطرف، وأعضاء حزبها، منتقدين قائد المنتخب مبابى.
انتقاد البنية التحتية
وُجهت انتقادات لتنظيم ألمانيا للبطولة، وارتبطت هذه الانتقادات بمستوى البنية التحتية والخدمات المقدمة، للدرجة التى جعلت فيليب لام، مدير اللجنة المنظمة للبطولة وهو قائد سابق لمنتخب ألمانيا، يرى أن بلاده فشلت خلال العقود الأخيرة فى تطوير البنية التحتية، مع وجود نقص فى الاستثمار. وبخلاف لام وانتقاده للبنية التحتية، فإن هناك أيضًا انقسامًا حول حجم الإنفاق على هذه البطولة بين من يرى أن 650 مليون يورو مبلغ قليل لتنظيم بطولة بها 24 فريقًا، وآخر يعتقد أن هذا الإنفاق كبير جدًا. وتلخصت أهم الانتقادات فيما يلى:
1- الازدحام وتأخر وسائل النقل: تعرض كل من المشجعين والفرق المشاركة فى البطولة لمواقف سيئة، مثل: صعوبة الوصول إلى ملاعب المباريات نتيجة تأخر القطارات عن مواعيدها، أو عدم مجيئها من الأساس. فعلى سبيل المثال، اضطر فريق هولندا لاستقلال حافلة وطائرة قبل مباراته فى دور نصف النهائى أمام بريطانيا، بالرغم من أن المسافة بين مدينة فولفسبورج التى كان مفترض أن ينطلق منها القطار الذى يحمل منتخب هولندا، ومدينة دورتموند حيث ملعب المباراة تقل عن 300 كيلومتر. كما تعرض أيضًا فيليب لام، مدير البطولة، لحادثة من نفس النوع؛ إذ تعذر عليه الوصول مبكرًا بسبب تأخر القطارات أيضًا. كذلك توقفت القطارات فى مدينة ميونخ التى استضافت مباراة الافتتاح بين ألمانيا واسكتلندا؛ مما يعنى أن أزمات القطارات استمرت من بداية البطولة وحتى نهايتها. ويُؤخذ فى الحسبان أن شركة «دويتشه بان»، المنظمة والمسؤولة عن القطارات والسكك الحديدية، تعانى من إضرابات عمالية منذ عدة سنوات بشكل مستمر ومتكرر، وكثيرًا ما يهدد عمال الشركة بوقف حركة القطارات.
2- أزمات دخول الجمهور وحمايته: واجه الجمهور فى يورو 2024، أزمتين رئيسيتين؛ الأولى الازدحام الشديد؛ ومن ثم الانتظار طويلًا لدخول المدرجات، فقد تعرض الجمهور الإسكتلندى للانتظار أكثر من ساعة حتى يجلس على مقاعده فى مباراته الافتتاحية أمام ألمانيا. والأزمة الثانية تمثلت فى عدم وجود غطاءات للملاعب فى ظل هطول الأمطار بغزارة؛ وهو أمر مُتعارف عليه فى الملاعب العالمية التى تغلق غطاءها لحماية الملاعب واللاعبين والجمهور.
3- عدم جاهزية الملاعب: عادةً تنفق الدول المنظمة للبطولات الكبرى أولًا على الملاعب، ويتم بحث وتقييم أرضيتها وسعتها وغيرها من أمور فنية تلزم معرفتها قبل الموافقة على استضافة المدينة أو الدولة ككل لأية فعاليات، بدايةً من ملاعب التدريب الفرعية، ونهايةً بالملاعب المقام عليها المباريات الرسمية. لكن الأمر اختلف فى يورو 2024. فألمانيا- التى مُنحت الموافقة على استضافة هذا الحدث الرياضى بعد أن نالت 12 صوتًا مقابل أربعة أصوات لتركيا- كان المُفترض أنها تمتلك عشرة ملاعب جاهزة للبطولة، لكن فوجئ لاعبو المنتخب السويسرى مثلًا باعتذار بلدية شتوتجارت عن استقبالهم فى ملعب التدريب المخصص لهم نظرًا لعدم تجهيزه، بالرغم من أن تلك الأمور التنظيمية كان من المُفترض أن يتم التنسيق فيها بين الاتحاد الأوروبى والاتحاد الألمانى مُبكرًا قبل البطولة ولا تتفاجأ بها المنتخبات المشاركة. ولم تقف أزمات الملاعب وأرضيتها عند هذا الحد؛ بل اشتكى بعض اللاعبين والمدربين من سوء أرضية الملاعب، ومنها ملعب فرانكفورت الذى أُقيم عليه لقاء الدنمارك وإنجلترا فى دور المجموعات.
تسييس الرياضة
فى عام 2018، تم إنتاج مسلسل ألمانى يُسمى «حوارى برلين» (Dogs OF Berlin)، يتناول قصة مقتل لاعب ألمانى من أصول تركية، وعنف وتطرف «النازيين الجدد»، فى مقابل وجود عصابات من أصول تركية تهاجم المحال والمتاجر وتُحصل منها رسومًا بالقوة.
وبعد ستة أعوام من التوظيف السياسى للدراما من قِبل ألمانيا والمنافسة مع تركيا على تنظيم يورو 2024، أعاد اللاعب التركى ميريه ديميرال توظيف الرياضة لخدمة أغراض سياسية، فعقب إحرازه هدفًا فى مرمى منتخب النمسا، ضمن المباراة التى أُقيمت فى دور ال16 من البطولة، احتفل اللاعب مُستخدمًا شعار «الذئاب الرمادية»؛ وهو التنظيم المحظور فى النمسا ويخضع للرقابة فى ألمانيا منذ 2018، وتم تقديم مقترح بحظره فى العام نفسه تزامنًا مع عرض مسلسل «حوارى برلين»؛ الأمر الذى جعل إشارة ديميرال بمثابة رسالة سياسية تستكمل ما بدأ فى 2018.
وتطورت أزمة اللاعب ديميرال إلى تبادل استدعاء سفراء البلدين، ألمانيا وتركيا، ولاسيما بعد فتح الاتحاد الأوروبى لكرة القدم تحقيقًا طبقًا للمادة 31 من لائحته التأديبية حول الواقعة، فضلًا عن تصريح وزيرة الداخلية الألمانية، نانسى فيزر، بأن «اليمين المتطرف التركى ليس له مكان فى ملاعبنا». واللافت فى هذا التصريح هو اقتران التطرف بتركيا عبر «الذئاب الرمادية»، وكأنه مقبول من أى تيار يمينى متطرف آخر. واللافت أيضًا أن التوتر بين برلين وأنقرة كان من الممكن ألا يتطور، ويقف عند حد معاقبة اللاعب التركى طبقًا لقواعد البطولة المنظمة، لكن مسؤولى البلدين مالا نحو التصعيد وربما خلق أزمة دبلوماسية كانا فى غنى عنها، وهو ما يُعد أيضًا فصلًا جديدًا من فصول توظيف السياسة للرياضة فى العلاقة بين البلدين.
استدعاء الماضى
ارتبط تنظيم ألمانيا ليورو 2024 بجدل آخر حول البنية التحتية لأكبر اقتصاد فى أوروبا، وأحد أهم خمسة اقتصادات فى العالم؛ وهو ما دفع البعض فى المنطقة العربية إلى مقارنة تنظيم هذه البطولة مثلًا بتنظيم كأس العالم بقطر 2022، والتوتر الدبلوماسى بين برلين والدوحة آنذاك.
وقد قارنت عدة تقارير بين تكلفة تنظيم بطولة قارية أو عالمية مثل كأس العالم، وبين العائد منها، فى ظل أن العوائد المالية التى تحصدها الدول المُستضيفة تنقسم بين تلك الآنية فى عام الاستضافة، وأخرى على المدى البعيد. ولعل من أبرز التقارير فى هذا الإطار، ما نشرته مجلة «الإيكونوميست» فى 18 نوفمبر 2022، وقارنت فيه بين الدول التى استضافت كأس العالم منذ عام 1966 فى بريطانيا وحتى عام 2018 فى روسيا، واستخلصت أن الأخيرة فقط هى التى حصدت عائدًا ماليًا قريب الأجل قُدر بنسبة 24٪ إضافية فوق التكلفة.
وغالبًا لا تجنى الدول أرباحًا كبيرة فى نفس العام الذى استضافت فيه البطولة التى جرى الإنفاق عليها لسنوات سبقت التنظيم. والاستثناء فى حالات مثل: روسيا وفرنسا وألمانيا له اعتبارات أخرى، فألمانيا اعتمدت فى يورو 2024 على البنية التحتية لكأس العالم 2006؛ ولم تحتج للإنفاق مجددًا، بحسب وجهة نظر مسؤوليها؛ ومن ثم فإن الأرباح المتوقعة خلال العام الجارى ليست فى مجال مقارنة مع دولة أخرى مثل قطر، التى نظمت لأول مرة بطولة عالمية كبيرة فى 2022، وكان طبيعيًا أن تنفق الكثير من الأموال؛ لأنها أنشأت بنية تحتية كاملة من مطارات وملاعب وفنادق وطرق وغيرها؛ لن تخص فترة تنظيم البطولة فقط بل سوف توجه بالطبع للاقتصاد القومى عبر عائدات السياحة وخلق فرص عمل أو جذب مستثمرين. وهذا ما فطنت إليه كل الدول التى استضافت أية بطولة رياضية كبرى. فعلى سبيل المثال، نُشر تقرير لشركة «ماكنزى» توقع فيه أن تنظيم روسيا لكأس العالم 2018 سوف يعزز اقتصادها على مدار خمس سنوات تالية بمقدار 13.3 مليار دولار.
إجمالًا، يمكن القول إن يورو 2024 حملت رسائل سياسية كثيرة، عبّرت من خلالها عن آلية التفكير السائدة الآن لدى النخب الحاكمة والجماهير. فالعنصرية وكراهية الآخر وجدتا من هذه البطولة أرضية خصبة فى المدرجات والشوارع ومحطات القطارات، لإعلان بقائها وانتصارها على قيم التعايش وقبول الثقافات المغايرة للعرق واللون والدين. كما أثبتت ألمانيا أن فوضى التنظيم لا ترتبط بدول صغرى أو كبرى ولا بثقافة عربية أو غربية؛ بل بعقلية تُحدد متى تمتلك معايير حقيقية، وأخرى مزدوجة. وربما تجنى ألمانيا أرباحًا مالية كبيرة فى هذا العام أو ما بعده، لكنها سوف تعانى من انتقادات طويلة الأجل من حلفائها الغربيين، بخلاف من توترت علاقاتها معهم فى الفترة الماضية.
* باحث متخصص فى الشؤون الأوروبية
ينشر بالتعاون مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.