موعد استحقاق علاوة ترقيات الموظفين لعام 2024، وشروط الحصول عليها    بند يلبي أحد شروط الرياض، اتفاق وقف الحرب في غزة سيتيح مسار التطبيع مع السعودية    بريطانيا تعتزم إرسال 650 صاروخا متعدد الأغراض من طراز "مارتليت" إلى كييف    200 مدرسة بكفر الشيخ تستعد للعام الدراسي الجديد    سيارات ذوي الهمم.. للأصحاء فقط !    باحث: نتنياهو يسعى ل عرقلة صفقة تبادل الأسرى بأي شكل من الأشكال    «قلة خبرات».. رد صادم من نجم منتخب مصر الأسبق على غياب محمد عبدالمنعم عن المعسكر    إصابة 17 شخصا في حادث على طريق "القصير - مرسى علم".    اعتماد نتيجة الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية 2023/2024    متظاهرون لدعم غزة يقاطعون كلمة الافتتاح في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي (فيديو)    كشوف أسماء الناجحين في مسابقة ال30 ألف معلم بقنا    سلوفاكيا تحبط إستونيا في دوري الأمم    «خسرت شغلي بسببه».. تعليق مثير من فرد أمن واقعة إمام عاشور بعد قرار محاكمة لاعب الأهلي    قناة مفتوحة لنقل مباراة مصر وكاب فيردي في تصفيات أمم أفريقيا 2024    أسامة عباس: سعيد بتكريمي من أبناء بلدي ومهنتي.. ولم أتوقع الاستمرار في مهنة التمثيل    دعاء يوم الجمعة مكتوب .. اغتنم ساعة الاستجابة ب أفضل الأدعية وما ورد عن الرسول    خبير اقتصادي: لا تخفيض للفائدة حتى 2024.. وشهادات ال30% و27% مستمرة لنهاية العام    هل يسكن الجن القطط في المنزل؟ مبروك عطية يحسم الجدل    إفتتاح 3 معارض «أهلاً مدارس» برشيد وبدر وكوم حمادة بالبحيرة    موعد مباراة المغرب والجابون في تصفيات كأس أمم إفريقيا    هانتر بايدن يقر بالتهم المتعلقة بقضية تهربه الضريبي    بوتين يعلن استعداد روسيا للتفاوض مع أوكرانيا.. هل تنتهي الحرب؟    حماقى وناهد السباعى ونجلاء بدر وعماد متعب وزوجته فى حفل زفاف محمود شاهين.. صور    رؤساء العاصمة الإدارية والمتحدة للرياضة واتحاد الكرة يحضرون مران منتخب مصر    ترامب: سأقف إلى جانب إسرائيل في حربها على غزة    ندوة بجامعة الأقصر: مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان تعزز رؤية مصر 2030    نتيجة مباراة تونس ومدغشقر في تصفيات كأس أمم إفريقيا    بعد ارتفاع عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة (تحديث بداية التعاملات)    النائب أيمن محسب: دعم البنزين للمستحقين فقط سيضاعف قيمة مبلغ الدعم النقدي    أوكرانيا.. المسيرات الروسية تستهدف مدينة لفيف وتحلق في مجالها الجوي    الطاقة الذرية: وصول أحدث وحدة إشعاعية لعلاج مرضى السرطان خلال أيام    فحص 1031 مواطنًا في قافلة طبية ضمن مبادرة حياة كريمة بدمياط    بحضور د. سعد الدين الهلالي| أوبرا الإسكندرية تحتفل بالمولد النبوي تحت عنوان «الرحمة المهداة»    منتخب الطائرة جلوس يواجه ألمانيا بحثا عن برونزية بارالمبياد باريس    روجينا عن انتقادات تمثيل ابنتها مريم: «شخصيتها قوية ومتأثرتش»    ملعقة نشا .. أفضل حيلة للتخلص من زفارة اللحمة المفرومة قبل طهيها    «أمن الجيزة» يكشف ملابسات تشويه الكلاب الضالة جثمان شاب في 6 أكتوبر    زارها الملك فؤاد وعبد الناصر والسادات وتخرج فيها مجدي يعقوب.. أقدم مدرسة ثانوية في المنيا تحتفل بمئويتها (فيديو وصور )    أزمة قلبية تنهي حياة متسول في طنطا    تنسيق الجامعات 2024، الكليات والمعاهد المتاحة لطلاب علمي علوم بالمرحلة الثالثة    أحمد شلبي: نطالب بصناديق لإدارة مخزون وحدات الدولة    برلماني: العفو عن 151شابًا إضافة جديدة لملف حقوق الإنسان في مصر    الجزائر ضد غينيا الاستوائية.. محاربي الصحراء يحققون الفوز بثنائية    كاريس الفلسطينية تبهر المخرج عمرو سلامة بمشهد تمثيلي ببرنامج "كاستنج"    التهامي يحيي الليلة الختامية لمولد جلال الدين السيوطي في أسيوط (فيديو وصور)    توقعات الفلك وحظك اليوم.. برج الحوت الجمعة 6 سبتمبر    بروكسي يضم لاعب السابق استعدادًا ل دوري المحترفين    بالأسماء.. تعليم البحر الأحمر يعلن المقبولين في الدفعة الثانية من مسابقة ال30 ألف معلم    الآن رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2024 للشعبتين العلمي والأدبي (استعلم فور ظهورها رسميا)    اليوم.. الأوقاف تفتتح 20 مسجداً بالمحافظات    مصرع مواطن بكفر الشيخ في انفجار أسطوانة غاز    بشرى للمواطنين.. موعد بداية فصل الخريف 2024 وانتهاء الصيف (اعرف اليوم)    «قريبة» وكيلًا لمديرية الصحة ببني سويف    استجابة لبلاغ مقدم ..حذف سادس اغاني شيرين عبد الوهاب بعنوان «قالك نسيني» بعد دقائق من طرحها (تفاصيل)    ارتفاع سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 6 سبتمبر 2024    فوائد الجوافة، تقوي المناعة وتحمي القلب من الأمراض    مجمع البحوث الإسلامية يطلق حملة توعوية بمناسبة ذكرى المولد النبوى    جامعة "الثقافة السنية" بالهند تشارك بمبادرة وزارة الأوقاف الخاصة بالمولد النبوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حادث مسقط.. الإرهاب يتحرك
نشر في المصري اليوم يوم 21 - 07 - 2024

آخر بلد فى الدنيا يمكن أن نتوقع عملية إرهابية به هو «سلطنة عمان»، لكنها وقعت فى العاصمة نفسها «مسقط»، فى منطقة «الوادى الكبير» الأسبوع الماضى، حيث تبين وجود خلية داعشية، أطلقوا النار قرب أحد المساجد، فقتلوا ستة من الذين تصادف وجودهم بالموقع، فضلًا عن عدد من الجرحى. الإرهابيون واجهوا بالرصاص رجال الأمن، فى النهاية كان الأمن يقظا ونجح فى مواجهتهم.. قتلوا.. وتبين أنهم أشقاء ثلاثة، عمانيون، طبقا لجهاز الأمن «اعتنقوا أفكارًا ضالة». تنظيم داعش تبنى العملية على الفور وبث شريطًا مصورًا لها.
كانت العملية مفاجأة صاعقة لكثير من المتابعين، التوقعات والمخاوف كانت ومازالت أن يعاود داعش النشاط فى سوريا أو العراق، فإذا هو يعلن عن نفسه بعملية خاطفة فى بلد آمن تماما، هادئ ومعتدل، سلطنة عمان وفى قلب العاصمة.
السلطنة نموذج للانفتاح والتعددية الثقافية والمذهبية، الكل يتعامل بإخاء وتسامح، ومنذ أحداث «ظفار» فى السبعينيات التى وقف خلفها مجموعة يسارية، كان يدعمها شاه إيران محمد رضا بهلوى، مرت عمان بتجربة فريدة فى التنمية والسلم المجتمعى، نجح السلطان قابوس فى إحداث توازن حقيقى يؤسس مسجدًا ضخمًا يعبر عن جمال العمارة الإسلامية، ويقيم كذلك دار الأوبرا السلطانية، أول دار أوبرا فى الخليج والثانية فى المنطقة العربية بعد دار الأوبرا المصرية.
ومبكرا تمنح السلطنة المرأة حق التعليم النظامى ومن ثم حق العمل وحق التعبير عن نفسها، لذا لم نندهش كثيرًا حين حصلت روائية عمانية هى «جوخة الحارثى»، على جائزة البوكر الدولية فى الرواية، هى أول عربية تفوز بها، وهى نموذج من حركة أدبية وثقافية ناهضة هناك، كل ذلك بهدوء، بلا ضجيج ولا ضوضاء.
وحينما دفع صدام حسين ومعمر القذافى العالم العربى دفعًا إلى جريمة مقاطعة مصر بعد توقيع معاهدة السلام، المعاهدة وقعها الرئيس السادات وأقرها مجلس الشعب وطرحت للاستفتاء العام ونالت أغلبية الأصوات، لكن أولئك الذين أرادوا فرض سياسة وموقف بعينه على الدولة المصرية، قرروا المقاطعة، رفضت سلطنة عمان المشاركة فى هذه العملية، التى أثبتت الأيام مدى خطيئتها، ظلت سفارتها مفتوحة هنا وبقى العلم المصرى يرفرف فوق سفارتنا هناك.
اتخذت عمان هذا الموقف بلا مزايدة ولا منّ، فى أى لحظة، ويشهد التاريخ المعاصر أن بعض الأنظمة تفننت بعض الوقت لإيذاء مصر وإحراجها، وللتاريخ لم يصلنا أى إيذاء من سلطنة عمان، كانوا دائما نموذجا لإعلاء القيم العربية العليا واحترام سيادة قرارات وسياسات كل دولة. التدخل فى القرارات السيادية للدول، حتى لو كان باسم قضية كبرى، هو شكل من الاعتداء على سيادتها واستقلالها.
ولما جرت محاولات للاستقطاب بين إيران وعدد من الدول العربية، حاولت عمان أن تحلحل هذا الموقف ونجحت إلى حد كبير فى ذلك، ولعبت العديد من الأدوار كى تتجنب المنطقة المزيد من الاستقطاب والخلافات التى لا طائل من ورائها.
ومع جلالة السلطان طارق بن سعيد، حافظت عمان على نهجها، السعى نحو السلام على كل المحاور.
إلى جوار ذلك هناك عملية تنمية فى الداخل مع الحفاظ على تراث عمان فى العمارة وكافة مناحى الحياة، لذا لن تجد ناطحات سحاب فى مسقط، اللون الأبيض يسيطر على المبانى والشوارع.
تاريخ عمان يؤهلها إلى الانفتاح والتعددية، تاريخيا كانت منفتحة بحكم الموقع على غرب إفريقيا والهند، ناهيك عن عالمنا العربى، لا يفوتنا طول سواحل عمان على بحر العرب والخليج العربى ومضيق هرمز، أى بيئة وثقافة بحرية، بالإضافة إلى إطلالتها الواسعة على شبه الجزيرة العربية، من يقرأ كتابات الرحالة العرب يمكن أن يتبين أهمية عمان ودورها وأنها كانت منفتحة دائما.
فى مجتمع على هذا النحو، يعيش فيه السنى إلى جوار الأباضى ومع الشيعى، بالإضافة إلى غير المسلمين، ويضم عاملين ومغتربين من عديد الجنسيات، لماذا يستهدفه أصحاب «الأفكار الضالة»، ليس بأفكارهم فقط، بل بالإجرام والإرهاب أيضا؟.
الحق أن خلايا وجماعات الإرهاب تحاول أن تضرب فى أى مكان تصل إليه، دون مراعاة لحرمة الحياة الإنسانية ولا كرامة الأوطان، بل حتى قدسية الأماكن، سوف نلاحظ أنهم يستهدفون فى المقام الأول دور العبادة، وفى المقدمة منها المساجد الإسلامية، هل نتذكر ما فعله «جهيمان العتيبى» فى الحرم المكى سنة 1979؟، ولا أظن أننا يمكن أن ننسى ما قاموا به سنة 2019 فى مسجد الروضة فى منطقة «بئر العبد»، على مقربة من مدينة العريش فى شمال سيناء، حيث هاجموا المسجد أثناء صلاة الجمعة وقتلوا كل المصلين تقريبا، ثم انطلقوا يهللون ويكبرون، كان بين المصلين عدد من عابرى السبيل أدركهم موعد الصلاة.
هذه الخلايا والجماعات تمارس القتل للقتل، دعك من الذرائع البائسة التى يسوقونها مع كل جريمة يقومون بها، لا هم ديمقراطيين ولا تعنيهم كرامة الإنسان ولا حريته، دعك من مستوى المعيشة، كما لا يعنيهم الدين، لاحظ أنهم اختفوا تماما مع نشوب حرب غزة، لزموا الصمت المطبق، ظهروا فى عملية إرهابية فى روسيا ثم فى سلطنة عمان، بالتأكيد لا يزعجهم ما يجرى فى المسجد الأقصى، هم يفجرون المساجد ويقتلون المصلين.
فى عملية روسيا كان واضحا أنها تقدم دعمًا ما للرئيس الأوكرانى زيلينسكى، عملية مسقط تأخذ الاهتمام الدولى والعربى عما يجرى فى غزة، وهذا غاية المنى لدى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، يريد أن ينساه الجميع إلى أن تجرى الانتخابات الأمريكية، حتى يكمل أهدافه التى أعلن عنها.
ما يعنينا هنا- الآن- أن لا نأمن هؤلاء ولا نطمئن لتلك الجماعات، كلهم نسخة كربونية، بعض النسخ تكون فاقعة، وبعضها الآخر قد تكون مطموسة وتبدو باهتة، لكن المنبع هو نفسه، الثعبان السام ناعم أملس.
علينا أن نتوقع الشر منهم، فى أى مكان وأى وقت، الأهم من ذلك أن لا تخدعنا ذرائعهم، لا تغرّنا بكائيات بعضهم ولا تهزنا دموع التماسيح التى يذرفها البعض.
بعضهم يتحدث عن الديمقراطية وعن الحرية وبعضهم يتوقف عند بعض الأزمات والمشاكل اليومية، فى محاولة لخلق حالة من الغضب العام تنتهى إلى قدر من الفوضى يتيح لهم التسلل خلسة، فريق فى ثياب الواعظين وفريق اللصوص وفريق التفجيرات والقتل وقبل هؤلاء جميعًا فريق التكفير.
قد يتمطى بعضنا سعيدًا أننا انتصرنا على الإرهاب وهذا حق، حققنا انتصارا كبيرا بثمن فادح وتكلفة عالية من أبنائنا.
انتصرنا، لكن تبقى الأفكار قائمة، أفكار الإرهاب والضلال، والأهم أن بعض الشخصيات من ذوى الميل العنيف والنفوس غير السوية يؤسسون التنظيمات ويكونون الجماعات، تحيل تلك الأفكار إلى عمليات على الأرض.
تأمل التاريخ من عبد الرحمن بن ملجم قاتل الإمام على كرم الله وجهه، مرورا بحسن الصباح وحتى حسن البنا وأبوبكر البغدادى.
الأفكار فى الكتب قد تظل حبيسة الصفحات عقودا وربما قرونا وقد يتداولها بعض الباحثين والدارسين، فى نطاق نخبوى ضيق، لكن يقوم بعض أفراد وتأتى بعض الجماعات والتنظيمات تسحب تلك الأفكار إلى الشارع، تتلاعب بها وتلونها أو تقوم بتأويلها وفق ثقافة وأهواء ومطامع من يتولون تلك العملية، ومن السهل أن يلهبوا المشاعر، ثم يجرى تجنيد الغلمان، ويصبحوا قنابل موقوتة، زرها فى يد الأمير والمرشد العام، يقتلون الأبرياء، يفجرون المساجد أو الكنائس، وهذا ما يعانيه عالمنا منذ عقود.
خطر الإرهاب تراجع، لكنه لم ينته، يبقى الإرهاب احتمالًا قائمًا ما بقيت تنظيمات وجماعات التكفير والتضليل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.