برّر الاحتلال الإسرائيلي، المجزرة التي ارتكبها في منطقة مواصي خانيونس التي تعج بخيام النازحين، أمس السبت، راح ضحيتها 300 مدني بين شهيد وجريح، بأنها كانت عملية استخباراتية لاغتيال القياديين في حركة حماس، محمد الضيف، ونائبه رافع سلامة، زاعمًا بذلك أن معظم ضحايا الهجوم من جنود وقادة الحركة. واقعة «المواصي» تصدّرت عناوين الصحف الإسرائيلية، السبت والأحد، حيث وصفت صحيفة «هآرتس» الضيف بأنه «شبح يمشي على قدمين». وتساءلت الصحف الإسرائيلية عما إذا نجا- رجل حماس الثاني من المحاولة رقم «7» لاغتياله؛ وذلك رغم مزاعم نتنياهو عن «معلومات استخباراتية مُحكمة» حصلت عليها قواته قبيل تنفيذ هجوم مواصي خانيونس، صباح السبت. وأوضحت «يديعوت أحرونوت» أن الضيف-القائد الأعلى لكتائب عز الدين القسام أرًق الأجهزة الاستخباراتية للاحتلال ومعاونيهم ل33 عاما-دون جدوى وأشارت إلى أن الضيف على رأس قائمة المطلوبين للأجهزة الاستخباراتية الإسرائلية منذ نسبت إليه قوات الاحتلال أول عملية في عام 1992، عندما كان يترأس «خلية» بحركة حماس أسرت الجندي ألون كارافاني، فمنذ ذلك الحين وضع الاحتلال، محمد الضيف على رأس قائمته ل«المطلوبين الخطريين» مؤكدة أن الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية ما لا يقل عن 7 محاولات لاغتيال قائد حماس ورجلها الثاني الذي تصفه إسرائيل بأنه «شبح يمشي على قدمين». وزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي، السيت أن محمد ضيف، زعيم كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أصيب في الغارة التي استهدفته السبت بجروح خطيرة ومن المحتمل أن يكون قتل، فيما نفت حركة حماس الخبر وأكدت اغتيال سلامة رافع، على لسان مصدر مُجهل. كان محمد الضيف ورافع سلامة بين قادة حماس المطاردون من قبل الاحتلال؛ إذ خصصت أجهزة الاحتلال الاستخباراتية مكافئة مادية لمن يدلي بمعلومات تيسر استهدافهما؛ وذلك في إطار حرب نفسية على السكان في غزة في ظل حالة الحصار والتجويع التي يتعرض لها سكان القطاع فيما وصفته المقاومة مسبقًا بأنه «محاولات فاشلة» لإفقادها الحاضنة الشعبية. وسبق وتكررت محاولات الاحتلال لإغراء سكان القطاع بتقديم معلومات عن قادة المقاومة، كان بينها منشورات وزعت في ديسمبر الماضي تقول إن إسرائيل ستمنح من يقدم معلومات عن السنوار 400 ألف دولار، وأخيه 300 ألف دولار، ورافع سلامة 200 ألف دولار، والضيف 100 ألف دولار. وجاء في المنشورات التي حملت اسم الجيش الإسرائيلي وشعاره تعبيرات من قبيل «يا أهل غزة، لقد فقدت حماس قوتها. نهاية حماس قريبة»، «من أجل مستقبلكم، قدم المعلومات التي تمكننا من القبض على الأشخاص الذين جلبوا الدمار والخراب للقطاع». في تقرير لها «يدعوت أحرونوت» رافع سلامة بأنه ثالث جنرال من حماس يتم القضاء عليه منذ بداية الحرب، عقب أيمن نوفل قائد لواء المعسكرات المركزية، وأحمد رندور قائد لواء الشمال، مضيفة أنه يعتبر من المقربين من محمد ضيف، ووصفته بالشخصية مهمة والمهيمنة للغاية، زاعمة أنه من قام بتنسيق جهد حماس الحربي وقضية المختطفين. وفي فبراير عندما زعم المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، دانييل هاغاري، حصول جهاز «الشاباك» على صور للسنوار داخل أحد أنفاق غزة قيل آنذاك أن والد رافع سلامة كان من بين المعتقلين في خان يونس. وفي الشهر نفسه، نشر الجيش الإسرائيلي لقطات لمعركة وجها لوجه في غزة، قال أنها بالقرب من منزل رافع سلامة في غرب خان يونس، وفي تلك اللقطات، شوهد عدد من لواء المظليين التابع للاحتلال وهم يطارودن مقاوم ألى صوبهم قنبلة يديوية، زعم خلالها الاحتلال أنهم أحد المسؤولين عن حماية منزل سلامة. ووفقًا لإسرائيل، كان رافع سلامة مسؤولًا عن تخطيط وتنفيذ العديد من الهجمات عليها، وأحد المسؤولين عن اختطاف واحتجاز جلعاد شاليط في عام 2006، إضافة إلى التخطيط للعملية الفدائية في موقع أورهان الاستيطاني عام 2005 وهجمات أخرى انطلقت من خان يونس. وزعمت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن والدة رافع سلامة توفيت أثناء مساعدته على الهروب من الاحتلال في فبراير الماضي فيما ألقي القبض على والده ضمن مئات المعتقلين من خانيونس فبراير الماضي. أما محمد الضيف فاصفه قوات الاحتلال بأنه القائد الأعلى للقسام؛ إذ يطارده الشاباك والموساد ضمن قائمة المطلوبين. ويتصدر الضيف خطابات قادة الاحتلال منذ 33 عاما؛ إذ يتهمه الاحتلال بأنه العقل المدبر لطوفان الأقصى وذلك إضافة لاتهامه فيما قبل السابع من أكتوبر بالمشاركة في «قتل مئات الإسرائيليين». وقوبلت تصريحات نتنياهو بالسخرية من حركة حماس التي نفت اغتيال الضيف مؤكدة أن ادعاءات نتنياهو ما هي إلا محاولة لتصوير انتصارات زائفة، لتبرير المجازر المرتكبة بحق المدنيين في مواصى خانيونس، التي راح ضحيتها نحو 300 شهيد. سخر القيادي بحركة حماس، خليل الحية من تصريحات بنيامين نتنياهو مؤكدا أن الضيف سمعها وضحك منها، موجهًا كلمة لنتنياهو: «نتنياهو كان يأمل في إلقاء خطاب انتصار مزيف، لكن خطابه كان بائسا». نقول لنتنياهو أن محمد الضيف سمعك وسخر من تصريحاتك الكاذبة». في تقرير لها زعمت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن الضيف فقد إحدى عينيه وساقه ويده أيضًا، عام 2002 وقُتلت زوجته وابنه في محاولة اغتيال وهجوم على منزله نجا منه، مضيفة أن :«الرجل الثاني في حماس هو من أسس كتائب القسام وكان وراء بناء أنفاقها في قطاع غزة، نجا من 7 محاولات اغتيال على الأقل.» شخصية الضيف محاطة بالغموض، وقد نقلت وسائل إعلام محلية فلسطينية، أن الضيف، كان فنانًا مسرحيًا وسياسيًا فلسطينيًا، ساهم بتأسيس أول فرقة فنية إسلامية في فلسطين تسمى «العائدون»، قبل أن يصبح أحد أهم المطلوبين للتصفية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ثم عين قائدا عاما للجناح العسكري في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). ولد محمد دياب إبراهيم المصري -وشهرته محمد الضيف- عام 1965 في أسرة فلسطينية لاجئة أجبرت على مغادرة بلدتها «القبيبة» داخل فلسطينالمحتلة عام 1948. اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلية محمد الضيف عام 1989، وقضى 16 شهرا في سجونها، وبقي موقوفا دون محاكمة بتهمة العمل في الجهاز العسكري لحماس. وقد تزامن خروجه من السجن مع بداية ظهور كتائب الشهيد عز الدين القسام بشكل بارز على ساحة المقاومة الفلسطينية، وذلك بعد تنفيذها عمليات عدة ضد أهداف إسرائيلية. انتقل الضيف إلى الضفة الغربية مع عدد من قادة القسام في قطاع غزة، ومكث فيها فترة من الزمن، حيث أشرف على تأسيس فرع لكتائب القسام هناك، وبرز بصفته قائدا للكتائب القسامية بعد اغتيال عماد عقل عام 1993. وحسب وسائل إعلام فلسطينية أشرف الضيف على عمليات عدة، من بينها أسر الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان، وبعد اغتيال يحيى عياش (أحد أهم رموز المقاومة) يوم 5 يناير 1996 خطط لسلسلة عمليات فدائية انتقاما له نتج عنها وقوع أكثر من خمسين قتيلا إسرائيليا. وأثناء سجنه كان الضيف قد اتفق مع زكريا الشوربجي وصلاح شحادة على تأسيس حركة منفصلة عن حماس بهدف أسر جنود الاحتلال، فكانت كتائب القسام.وكان للضيف دور بارز في تطوير أسلحة حماس وتطويرها، مما جعله من الشخصيات الرئيسية في قوائم المطلوبين للاحتلال. اعتقلته السلطة الفلسطينية في مايو2000، لكنه تمكن من الفرار مع بداية انتفاضة الأقصى التي عُدّت محطة نوعية في تطور أداء الجناح العسكري لحماس، كما كشفت هذه المرحلة عن قدرة كبيرة لدى الضيف في التخطيط والتنفيذ أقضّت مضاجع الاحتلال بعمليات نوعية أوقعت عشرات القتلى ومئات الجرحى، وعقب اغتيال صلاح شحادة وخلافة الضيف له أعد خطة تضمنت تدريب مقاتلين غير استشهاديين، وخطط لنقل المعركة لتكون داخل إسرائيل، ووضعته واشنطن عام 2015 على لوائح الإرهاب.