سرعان ما يتبادر إلى الأذهان من الوهلة الأولى عند ذكر كلمة الصحراء، اللون الأصفر الذى يميز الرمال، فمن الطبيعى أن يكون لون الصحراء أصفر، تخيل نفسك تقوم برحلة لتتجول بين الصحارى لتجد صحراء سوداء، نعم صحراء تكتسى بالسواد لا يشوبها لون آخر، ففى صحراء الواحات، تتعدد ألوان الصحراء، وتمتلك الواحات مساحات شاسعة من الصحراء البيضاء والسوداء، وهى ليست مجرد أسماء لمحميات طبيعية، إنما أسماء تصف تلك الأماكن وألوان الرمال. تقع الصحراء السوداء جنوب واحة الفرافرة بنحو 160 كم، وهى واحدة من أغرب الصحارى الموجودة فى العالم، ويحرص السياح على زيارتها من كل مكان بسبب غرابتها وسحر طبيعتها وجمالها. صحراء الواحات أرض الأساطير فى «الوادى الجديد» إبراهيم خليل الراصد لترات الواحات يقول إن الصحراء السوداء أقرب إلى الواحات البحرية من الفرافرة، وسميت الصحراء السوداء لوجود طبقه من المسحوق الأسود تغطى الصحراء، نتيجة تآكل الصخور، ويوجد فى تلك الصحراء تلال سوداء بركانية وهاجة، تتمتع بمناظر ساحرة خلابة، خاصة عند شروق الشمس والغروب، فضلا عن الليالى القمرية التى تظهر تلك الصحراء كلوحة زيتية لمنتجع بيئى وسط الغمام، وعند طرف الصحراء السوداء توجد تلال بركانية سوداء ثارت منذ عصور ماضية وأخرجت مادة بركانية تسمّى الجاسبر، وهى المادة التى تتكوّن منها الصخور السوداء. صحراء الواحات أرض الأساطير فى «الوادى الجديد» وأوضح خليل: يمكن رؤية الصحراء السوداء أثناء عبور الطريق من الواحات البحرية إلى واحة الفرافرة، مشيرا إلى أنه فى نهاية الصحراء السوداء توجد تلال بركانية سوداء تؤرخ بتاريخ اندلاع المواد البركانية داكنة اللون ويطلق عليها «دوليرايت»، وهذا ما يرجع إليه تكوين الصخور السوداء، بسبب براكين كانت مشتعلة فى هذه المنطقة منذ 180 مليون سنة. وأكد أنه فى عام 2010 تم إعلان منطقتى الصحراء السوداء محمية طبيعية بسبب غناها وتنوعها البيولوجى كمنطقة أبحاث علمية عالمية، بعد اكتشاف ثانى أضخم هيكل لديناصور فى العالم بالقرب من جبلى الدست والمغرفة على حدود الصحراء السوداء فى منطقة متاخمة للبويطى. وأشار خليل إلى أن أهم مزارات الصحراء السوداء هو «جبل الإنجليز»، الذى يوجد فى أعلى نقطة فى الصحراء السوداء، ويمكن من خلاله رؤية أجمل وأروع منظر لهذه الصحراء، موضحا: «يقع جبل الإنجليز فى المنطقة الفاصلة بين قرية منديشة ومدينة البويطى، وأطلق عليه هذا الاسم لتمركز القوات الإنجليزية عليه إبان فترة الاحتلال البريطانى للواحة، ويمكن التعرف عليه من خلال الأطلال الموجودة على قمته وتعود هذه الأطلال إلى فترة الحرب العالمية الأولى حينما قام الكابتن ويلمز من الجيش الإنجليزى بإنشاء مبنى يتكون من ثلاث غرف وحمام بهدف مراقبة القوات السنوسية التى كانت تهاجم الواحة. صحراء الواحات أرض الأساطير فى «الوادى الجديد» ويتميز جبل الإنجليز بقمته السوداء بسبب احتوائها على أحجار الدوليت والبازلت وهى من الصخور البركانية، وترجع أهمية موقع جبل الإنجليز السياحية إلى وقوعه منتصف النطاق العمرانى بالواحات البحرية، يضاف إلى ذلك وجود بئر مائية رومانية فى قمة الجبل. وقال «خليل» إنه تم إعلان الصحراء البيضاء محمية طبيعية عام 2002، وتبلغ مساحة المنطقة المحمية فيها 3010 كم مربع، وتبلغ مساحتها الإجمالية 6000 كم مربع، وتقع على بعد 570 كم جنوب غربى القاهرة، وتبعد 45 كم من واحة الفرافرة بالوادى الجديد وتقع فى الجزء الشمالى الغربى من منخفض الطباشير بالفرافرة فى اتجاه الواحات البحرية. وأضاف إسلام محمود، أحد منظمى رحلات السفارى فى الواحات، أن المكتب الإقليمى لليونيسكو الخاص بالدول العربية، اختار محمية الصحراء البيضاء لتكون أول حديقة جيولوجية مصرية بالقائمة الدولية، وأنه على الرغم من أن محمية الصحراء البيضاء هى إحدى المحميات الطبيعية المصرية، إلا أن كثيرا من المصريين فى حاجة لمغامرة وزيارتها ومشاهدة عجائب صنع الله فى أرضه، وأنه نظرا لمتعة الحياة وجمال الطبيعة بالصحراء البيضاء، أطلق عليها أرض «الأساطير» أو «واحة الثلوج»، حيث نحتت فيها الرياح وعوامل الطبيعة منحوتات وتشكيلات تعجز يد الفنان عن صنع بعضها، وتوحى هذه التشكيلات بأشياء معروفة للبشر مثل تمثال أبى الهول برأس مختلف، وبعضها يتحدى قوانين الطبيعة والجاذبية، ككتلة صخرية ضخمة تعلو بصورة مائلة، ولها قاعدة ضعيفة دون أن تسقط، وتغطى فى بعض الأماكن طبقة رقيقة من الكلس الأبيض رمال الصحراء وتبدو كأنك أمام منظر شتائى ثلجى، رغم حرارة الشمس الملتهبة، كما أن الرمال الناعمة التى أضفت عليها الرياح لمسة سحرية جعلتها تبدو كموج البحر ولكن من الرمال البيضاء. وأضاف أن أهمية منطقة الصحراء البيضاء ترجع إلى كونها تمثل نموذجا فريدا لظاهرة «الكارست» كما تعتبر متحفاً مفتوحاً لدراسة البيئات الصحراوية والظواهر الجغرافية والحفريات والحياة البرية واحتوائها على آثار وأدوات ترجع إلى عصر ما قبل التاريخ التى تشتمل على مجموعة من المقابر والكهوف النادرة وبقايا مومياوات قديمة ونقوش منحوتة وتتميز المحمية بجمال مناظر الكثبان الرملية والتكوينات الجيولوجية لصخور الأحجار الجيرية ناصعة البياض وما تحتويه من حفريات متميزة، بالإضافة إلى ما تحويه من نباتات وحيوانات نادرة مهددة بالانقراض وتعتبر الصحراء البيضاء مأوى لأنواع الغزال المصرى والأبيض والكبش الأروى، وتتميز بأرضيتها المكونة من الطباشير الأبيض حيث ينتشر عليه تكوينات جيولوجية على شكل أعمدة من الطباشير الثلجى، تكونت بفعل الرياح وتلال شديدة الانحدار ما يضفى على المنطقة وضعا جيولوجيا وطبيعة نادرة، ويقطع منخفض الفرافرة طبقة الطباشير الأبيض التى تعتبر جزءاً من وحدة صخرية واضحة الانتشار تعرف بوحدة الطباشير، مشيرا إلى أن محمية الصحراء البيضاء من الأماكن النادرة فى سياحة الراليات والمغامرات التى يعشقها السياح المصريون والأجانب، فالرحلة داخل المحمية تعد دربا من الخيال والمتعة، وأن العديد من الشركات السياحية الرسمية وغير الرسمية والأفراد عادة ما ينظمون الرحلات السياحية إلى داخل المحمية بداية من شهر أكتوبر حتى شهر مارس، بالإضافة إلى احتفالات العام الميلادى الجديد نهاية ديسمبر من كل عام.