استيقظ «محمد مجدى»، أحد سكان شارع البطل في ترسا بالطالبية في الجيزة، على صوت ضجيج في الشارع، تناهى إلى سمعه صراخ جيرانه: «إلحقوا..نار.. نار!». تفاصيل حريق شقة الطالبية وفي ذهول، شاهد «مجدي» ألسنة اللهيب تخرج من الشقة «دبلوكس» التي يقطنه «محمود» وزوجته وأولادهما ال3 بعقار مكون من 6 طوابق قبل تصبح كُتلة رماد في غضون ساعتين. حينها، أدرك الجار أن فرصة الأسرة المنكوبة للبقاء على قيد الحياة ضئيلة، فالمسعفون أمامه أنزلوا «محمود» يصارع الموت فيما وضعوا زوجته «علياء»- 28 عامًا، وأطفالهما: «فؤاد»، و«لوجي»، و«عمر»، أكبرهم 8 سنوات، داخل أكياس بلاستكية لنقلهم إلى ثلاجة حفظ الموتى عقب وفاتهم متفحمين ومحنوقين إثر محاصرة النار لهم. اشتعلت النيران بشقة «محمود» قبيل الفجر، ولم تكن هناك فرصة للأهالي لإنقاذهم سواء بوسائل الإطفاء البدائية أو بقفزهم على مراتب سريرية، وفق ما يعتاد سكان المناطق الشعبية فعله لم يقابلون مواقف مماثلة، فالحريق كان قد آكل الشقة عن آخرها. ماتا متفحمين يقول عدد من السكان، وقد اغرورقت عيونهم بالدموع: «حاولنا الصعود إلى شقة جارنا فشلنا ولم نستطع أن نمد يد العون، اتصلنا على المطافئ لتستمر جهودها لنحو ساعتين لحين الانتهاء من إطفاء النيران». كان «محمود» قد عاد من زيارة عائلية مع أفراد أسرته ليلًا، هكذا رأه الأهالي لآخر مرة رفقة أولاده وزوجته، وبعدها فزعوا على منظر نزولهم داخل عربات الإسعاف، ورب الأسرة يشير بيده بعلامة «مراتى وعيالى شوفهم»، ولم يدرِ بوفاتهم على نحو مأساوى. مع الصباح تحضر سيدة «عجوز» تبين أنها من أقارب الأسرة المنكوبة، تقول: «فقدتهم كلهم ياربي، العيال وأمهم كانوا معايا ياريتهم قعدوا مروحش». وتجلس المرأة المٌسنة الآن مع باقى أقاربها في الشارع قبالة مستشفى أم المصريين، منتظرةً استلام جثامين الضحايا تمهيدًا لدفنها، حيث يردد الكل: «الله يكون في عون (محمو) هيعيش لمين؟». وقد وقف الجيران، يتداولون أن الطفلة «لوجى»، وأخيها «فؤاد»، ماتا متفحمين ومحتضين بعضهما. التصريح بدفن جثامين الضحايا إلى ذلك، تناظر النيابة العامة جثامين الضحايا ال4 وكلفت مفتش الصحة بالكشف الظاهري عليهم وإعداد تقرير فنى بالوفاة، كما أمرت بانتداب خبراء المعمل الجنائى لفحص آثار الحريق وإعداد تقرير فنى عن أسبابه وبدايته ونهايته، والعوامل التي ساعدت على الاشتعال، لبيان وجود شبهة جنائية وراء الحادث من عدمه . وأفاد تقرير أولى للمعمل الجنائي، بأن ماس كهربائي مصدره الثلاجة كان وراء الحريق الذي نشبّ بالشقة الكائنة بالطابقين ال5 و6 على مساحة 160 مترًا التهم كافة محتويات المكان.
