مجرد خواطر بمناسبة مرور 10 سنوات على ثورة 30 يونيو و71 سنة على ثورة يوليو.. وهى خواطر تتشابك مع بعض مَن يحاول ربط الثورتين بشكل قسرى، كما أنها خواطر.. لنتذكر ملامح ما قامت من أجله ثورة المصريين ضد التطرف والإرهاب. * يحاول البعض الربط بين الثورتين.. وهو خطأ تاريخى ومنهجى. فلا أعتقد في صحة المقارنات بين الثورتين وزعيميهما، ليس فقط بسبب الأجواء السياسية المختلفة تمامًا في سبب قيامهما، ولكن بسبب التحديات التي انحصرت داخليًا في ثورة 52، وتنوعت بين الداخلى والخارجى في ثورة 30 يونيو، حسب أجندة المصالح الدولية وتصورات شكل المنطقة العربية بعد انقضاض الإسلام السياسى على الحكم. * مَن يكتب بحُسن نية أو غير ذلك عن أن ثورة 30 يونيو ورمزها عبدالفتاح السيسى هما استكمال لثورة 23 يوليو ورمزها جمال عبدالناصر في شكل من أشكال المقارنة أو التكامل يُجانبه الصواب، إذ إنه ينطلق من أمر غير دقيق ويحتاج إلى مراجعة سياسية، فلكل زعيم سماته الشخصية المميزة ورؤيته الخاصة لمصر بين دول العالم، ولكل ثورة أسبابها ومرتكزاتها التي لا يمكن أن نختزلها بهذا الشكل متجاهلين التاريخ. * ثورة 30 يونيو 2013، تحرك الشعب المصرى ضد سيطرة الفاشية الدينية على السلطة في مصر، واستجابت القوات المسلحة لطلب الشعب بالمساندة لاستعادة الهوية المصرية وتأكيد مدنية الدولة المصرية، وقد لعبت وسائل الإعلام دورًا مهمًا في كشف كوارث الجماعة الإرهابية وتجاوزاتها التي وصلت إلى حد القتل والحرق والتفجير والعمليات الإرهابية، وقد اندلعت في جميع أنحاء القاهرة.. وهو ما شهده العالم أجمع من خلال القنوات التليفزيونية العالمية، وذلك بخلاف ما حدث في المحافظات. * استعاد الإنسان المصرى كرامته باحترام وتقدير من وزارة الداخلية قبل غيرها بعد أن انحازت مع القوات المسلحة المصرية لصالح بقاء الدولة المصرية متماسكة. وكان الطبيعى أن تطالب بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، مع الأمان والمستقبل لبناء الجمهورية الجديدة.. فتحولت لأضخم تظاهرة شعبية في تاريخ مصر الحديث. * نزلت المرأة المصرية الشارع، ونزل كبار السن، وقادها الشباب والرجال في حشدٍ وتلاحم واتفاقٍ لم يشهد الشارع المصرى مثله من قبل في سبيل استهداف رحيل مندوب جماعة الإخوان الإرهابية في رئاسة الجمهورية، والحفاظ على وحدة الدولة المصرية وتماسكها.. وبالتالي أصبحت بداية حقيقية لدولة المواطنة والدولة المدنية المصرية. * تعود ملكية ثورة 30 يونيو الحصرية للشعب المصرى الذي قادها ووجهها، وهو وحده صاحب ملكيتها الفكرية والسياسية. وبناء عليه، بدأت الجمهورية الثانية التي تم بناء مصر فيها بشكل حقيقى مستقبلى، لا علاقة له بالمراحل السياسية السابقة، ولا مجال للمقارنة. من الآخر.. أعادت ثورة 30 يونيو الاستقرار للمجتمع المصرى بعد مواجهات حاسمة وشاملة للقضاء على الإرهاب والعنف المسلح.. ولكن مازالت الأفكار المتشددة والمتعصبة والرجعية تحتل مساحة كبيرة في المجتمع المصرى.. ونموذج ذلك الفج أنه رغم كل ما فعلته الدولة لتمكين المرأة المصرية اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا وقانونيًا، فلا يزال التنمر والتحرش ضدها يتخذ أساليب عديدة في ممارسات الحياة اليومية. ثورة 30 يونيو تمثل حالة من عودة الوعى.. الوعى الحقيقى في مقابل الوعى الزائف.
