أصبحت ملوثات المياه الناشئة مصدر قلق متزايد، بسبب آثارها السلبية المحتملة على صحة الإنسان والبيئة، وأصبح هناك حاجة إلى مزيد من البحث والتطوير لتحسين تقنيات المعالجة وفهم مصادر هذه الملوثات في البيئة بشكل أفضل، لتقليل وجودها في إمدادات المياه لدينا ولحماية الصحة العامة. وقام فريق من العلماء بمشاركة المصري الدكتور محمد عطية، رئيس مجموعة بحثية بوكالة حماية البيئة الأمريكية، بتطوير نهجًا جديدًا لتحطيم واحدة من المجموعات الرئيسية لمركبات PFAS «الملوثات المستحدثة»، على اختبار العديد من التقنيات الأخرى لمواجهة هذه الملوثات البيئية الدقيقة، والمعروفة أيضًا بالملوثات المستحدثة، وهي مواد كيميائية موجودة في البيئة بتركيزات منخفضة يمكن أن يكون لها آثار سلبية على صحة الإنسان والنظام البيئي. وقال الدكتور محمد عطية، إنه يمكن تصنيف ملوثات المياه الناشئة إلى عدة فئات، بما في ذلك المستحضرات الصيدلانية ومنتجات العناية الشخصية (PPCPs) ومركبات الفلوروكربون والجسيمات البلاستيكية الدقيقة (Microplastics)، حيث تشمل PPCPs على مجموعة واسعة من المواد الكيميائية مثل الهرمونات والمضادات الحيوية التي يمكن العثور عليها في البيئة، ومن ناحية أخرى، تعد الجزيئات البلاستيكية الدقيقة، من الملوثات المائية الناشئة التي تثير القلق حيث يمكن العثور عليها في المحيطات وأجسام المياه العذبة، ويمكن أن تضر بالحياة المائية وربما البشر. مخاطر صحية وأكد «عطية»، أن المخاطر الصحية المرتبطة بالتعرض لهذه الملوثات كثيرة وليست مفهومة، لكن الدراسات ربطت التعرض لأنواع معينة من الملوثات الناشئة بمجموعة من الآثار الصحية، مثل السرطان وأمراض الغدة الدرقية ومشكلات النمو، على سبيل المثال، ثبت أن PPCPs، مثل الهرمونات، يعطل جهاز الغدد الصماء ويؤثر على نمو الأعضاء التناسلية، ومن ناحية أخرى، تم ربط العديد من الملوثات الصناعية المستحدثة بمستويات عالية من الكوليسترول وتلف جهاز المناعة والسرطان، حيث وُجِد أن اللدائن الدقيقة تتسبب في تلف الأمعاء والأعضاء الأخرى في الحيوانات ويمكن أن تحمل أيضًا ملوثات ضارة. مصادر الملوثات وقال «عطية»، إن مصادر ملوثات المياه الناشئة، تتنوع؛ لكنها تشمل التصريف من محطات معالجة مياه الصرف الصحي، والجريان السطحي الزراعي، والرشح من مدافن النفايات، على سبيل المثال، يمكن أن تدخل المستحضرات الصيدلانية ومنتجات العناية الشخصية إلى إمدادات المياه من خلال تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة والتخلص غير السليم من الأدوية غير المستخدمة أو منتهية الصلاحية، ومن ناحية أخرى، يمكن أن تأتي مركبات الفلوروكربون السامة من مصادر صناعية، مثل إنتاج أواني الطهي غير اللاصقة والملابس المقاومة للماء ورغاوي مكافحة الحرائق، وتوجد ملوثات الميركروبلاستيك في البيئة نتيجة لتحلل المواد البلاستيكية، مثل الأكياس البلاستيكية والزجاجات والميكروبيدات الموجودة في منتجات العناية الشخصية. ماهي مواد ال PFAS وأضاف «عطية»: «ال PFAS مجموعة من المواد الكيميائية التي يعود تاريخها إلى الأربعينيات من القرن الماضي، عندما تم تطويرها واستخدامها لأول مرة في مجموعة متنوعة من المنتجات الحربية والصناعية والاستهلاكية، ومع ذلك، لم تظهر المخاوف بشأن المخاطر الصحية المحتملة المرتبطة ب PFAS إلا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين قُدّر مؤخرا وجود مواد البولي فلورو ألكيل في السوق والمعروفة ب PFAS بنحو 5000 إلى 9000 مادة، والجدير للذكر أنها تتخذ عدة أشكال مختلفة، نظرا لتنوع المنتجات التي تحتوي على هذه المادة المثيرة للاهتمام مثل الأثاث والمنسوجات والمواد اللاصقة ومواد تغليف العبوات الغذائية وأسطح الطهي المقاومة للحرارة والأجهزة الإلكترونية والبطاريات ومحتويات طفايات الحريق وحتى الملابس، ليس من المبالغة بأي شكل من الأشكال إذا قلنا أن مركبات ال PFAS تسري تقريبًا في دماء كل الأحياء على الأرض، بما في ذلك حديثي الولادة». تحديات إزالة PFAS من الماء وأوضح «عطية»، أن تحديات إزالة PFAS من الماء كبيرة في الوقت الحالي لمواد الكيميائية شديدة الثبات في البيئة، ويمكن أن تستغرق وقتًا طويلًا لتتحلل، بالإضافة إلى ذلك، نظرًا لاستخدام PFAS في العديد من المنتجات، فقد يكون من الصعب تحديد جميع مصادر المواد الكيميائية في إمدادات المياه والقضاء عليها، لافتا إلى أنه في الآونة الأخيرة، استخدم الباحثون طرقًا تقليدية مثل الكربون المنشط الذي يستخدم لمرة واحدة وراتنجات التبادل الأيوني لإزالة PFAS من الماء، ولكن هذه الطرق لها قيود ويمكن أيضًا أن تكون صعبة المعالجة. وشدد على أنه من الضروري مواصلة مراقبة وتنظيم استخدام هذه المواد الكيميائية لتقليل وجودها في إمدادات المياه لحماية الصحة العامة، وذلك من خلال تقليل التعرض لهذه المواد الكيميائية، مثل استخدام نظام تنقية المياه وتجنب المنتجات التي تحتوي عليها، واستخدام المواد البديلة التي لا تحتوي على هذه الملوثات.
