لم تعرف مصر نائباً عاماً له مثيل أو حتى شبيه مثل المستشار عبدالمجيد محمود، الرجل الذى أضفى على جلال المنصب ورفعته شعبية جارفة، باتت ملتصقة به، رغم أن عمله فى هذا المقام الرفيع لم يتجاوز بعد ثلاث سنوات. جعل المستشار عبدالمجيد محمود للمنصب حيوية وطاقة هائلة، استحقت عن جدارة ثقة المواطن قبل الدولة فى أن هناك نائباً عاماً فى مصر لا يخشى فى الحق لومة لائم، أو ترهبه قضايا الرأى العام، أو أن يترك فاسداً يعيث فى مصر فساداً مهما كان اسمه أو رسمه.. لا يعرف سوى الحق فى العمل، إحساساً بحجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على ظهره.. ولكى لا يظن بى أحد، فإننى أؤكد أن شرف معرفة هذا الرجل لم أنلها ولم ألتقه أبداً لا فى محفل عام أو خاص من قريب أو بعيد.. بل أنا واحد ممن يرون فى الرجل قدوةً حسنةً نسير بها، ورجلاً وقوراً عالماً زاهداً فى حب الدنيا.. تشعر عندما تراه يتحدث عن إحدى القضايا التى ابتدع نزوله إليها أرض الحادث بأن سيف الحق فى يمينه والعدالة فى يساره. أعاد المستشار عبدالمجيد محمود الثقة الكاملة فى المنصب الرفيع لما للرجل من تحركات قوية منذ اعتلى عرش مقعد النائب العام، فكانت ولادة المنصب الحقيقية فى صيف عام 2008م، عندما وقعت واقعة تسريب امتحانات الثانوية العامة فى المنيا، وهى الواقعة التى هزت أرجاء مصر بالكامل، لأنها نكأت جرح مصر الغائر عندما تعرضت الواقعة نفسها عام 1967، عندما تسربت بعض أسئلة الثانوية العامة، وكانت المفاجأة أن إسرائيل أذاعت الواقعة قبل أن تعلنها سلطات التحقيق فى مصر، وذلك بهدف أن تقول إن جميع المعلومات عن مصر متاحة لها فى إطار الحرب النفسية بين الجانبين، وقام الرئيس عبدالناصر آنذاك بإجراء تحقيقات واسعة وكبيرة أسفرت عن ضبط المتهمين والمتسببين فى تسريب امتحانات الثانوية العامة. البعد القومى لم يغب عن وعى معالى النائب العام عندما وقعت الحادثة نفسها فى المنيا، فأدرك على الفور أنه بصدد قضية أمن قومى، ورأيناه جميعاً ينزل من مكتبه ليشرف على التحقيقات بنفسه، ليؤكد أن يد العدالة ستطول وقد طالت بالفعل كل من تسبب فى هذه الفضيحة. مآثر الرجل لم تنته ولن تنتهى، فكان أسداً جسوراً فى كثير من القضايا الكبيرة التى لم يهتز له فيها جفن، مثل قضية غرق العبارة السلام 98 التى راح ضحيتها 1035 مواطناً فى عرض البحر، فأقسم الرجل ألا يترك دم أحد من هؤلاء يضيع هدراً، فقام باستئناف حكم براءة ممدوح إسماعيل الذى كان قد حصل عليه فى أول درجة، ولم يهدأ له بال حتى تم الحكم على ممدوح إسماعيل بالسجن 7 سنوات، ليعيد الأمل فى العدالة وفى مصر، انتقاماً لدم الأبرياء الذين راحوا فى عرض البحر دون ذنب أو جريمة. ويكفى أن نعلم أن المستشار عبدالمجيد محمود هو أول نائب عام ينزل إلى الشارع ليتابع سير التحقيقات بنفسه فى كل قضايا الرأى العام، كان آخرها قضية وفاة الشاب خالد سعيد فى الإسكندرية، كل ذلك يشير إلى أن شخصية هذا الراجل يؤرقها الظلم وعدم رد المظالم، مما يؤكد أنه خطّ خطاً جديداً لم يسبقه فيه أحد، ما يذكرنى بقول الإمام على بن أبى طالب عندما رأى عمر بن الخطاب حاكم الدولة الإسلامية يجرى وراء نوق للصدقة هربت إلى صحراء المدينة ليعيدها إلى بيت المال فى حر الظهيرة، فقال الإمام على للحاكم عمر: «ماذا تفعل يا أمير المؤمنين؟» قال «أعيد مال المسلمين الذى وُكلت عليه إلى المسلمين حتى لا يسألنى ربى عنها»، فقال الإمام على «لقد أتعبتَ مَن بعدك يا أمير المؤمنين».. وأنا أقول للنائب العام عبدالمجيد محمود على ذكر هذه القصة: «لقد «أتعبت مَن بعدك أيها النائب العام».. لهذا كله وكثير مثله فإننى أقول «هنيئاً لمصر وجود هذا النائب العام».