تجدد احتجاجات الإيرانيين ضد العنف الأمنى

كثفت قوات الأمن الإيرانية من قمعها وملاحقتها الحركة الاحتجاجية المتواصلة فى البلاد منذ 16 سبتمبر الماضى، وأطلقت الشرطة الإيرانية الرصاص والغاز المسيل للدموع، خلال تظاهرات الاحتجاج على مقتل مهسا أمينى بعد اعتقالها، وامتدت الاحتجاجات إلى قطاع النفط مع إضرابات وتجمعات فى عدد من المدن.
وشنّت قوات الأمن حملة قمع قاسية ومتواصلة، وخاصة فى مدينة سنندج، عاصمة محافظة كردستان، حيث استخدمت السلطات، كما تقول منظمات حكومية، أسلحة ثقيلة فى أحياء من المدينة، وفى منشور على شبكات التواصل الاجتماعى على الرغم من القيود المفروضة على استخدام الإنترنت «كن صوت سنندج»، ولا تزال المتاجر مغلقة فى المدينة.
وقال مدير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، محمود عامرى مقدم: «يجب على المجتمع الدولى منع وقوع المزيد من جرائم القتل فى كردستان، كما أطلق إيرانيون دعوة إلى التظاهر »تضامنًا مع شعب زاهدان، بعاصمة محافظة سيستان بلوشستان جنوب شرق إيران، حيث قتلت قوات الأمن 93 شخصًا فى أعمال عنف فى 30 سبتمبر الماضى، خلال احتجاجات اندلعت على أثر معلومات عن اغتصاب شرطى لفتاة صغيرة«.
وذكرت الجمعية الإيرانية لحماية حقوق الطفل أن 28 طفلًا على الأقل قُتلوا برصاص الأمن، سقط معظمهم فى محافظة سيستان بلوشستان خلال قمع التظاهرات، وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إنها »قلقة جدًّا« من المعلومات التى تتحدث عن »مقتل وجرح واعتقال أطفال ومراهقين«، لكن وزير التعليم الإيرانى، يوسف نورى، نفى سجن أى طالب.
وتُوفيت الشابة الكردية الإيرانية، مهسا أمينى، 22 عامًا، فى 16 سبتمبر، بعد 3 أيام على توقيفها من قِبَل شرطة الأخلاق فى طهران بسبب مخالفتها قواعد لباس المرأة الصارمة، وأدى موتها إلى موجة احتجاجات فى إيران ومسيرات تضامن فى الخارج.
وخلال الاحتجاجات، تخللت الهتافات التى يرددها المتظاهرون إطلاق نار فى أصفهان وكرج فى شمال غرب إقليم كردستان، وفى طهران سارت طالبات بلا حجاب فى أحد الشوارع، وهن يهتفن: »الموت للديكتاتور«، كما أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق تظاهرة لمحامين يرددون هتاف »امرأة حياة حرية«، وذكرت صحيفة الشرق الإصلاحية الإيرانية أن ثلاثة محامين على الأقل أُوقفوا، وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) أن تظاهرات جرَت فى بعض أنحاء العاصمة، بما فى ذلك جامعة طهران، وأضافت أن قوات الأمن تدخلت »لإعادة النظام«.
وعبّر الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون عن »إعجابه بالنساء والشباب الذين يتظاهرون فى إيران«، كما أدانت وزيرة الخارجية الكندية، ميلانى جولى، «مواصلة استخدام العنف ضد المتظاهرين من قِبَل النظام الإيرانى، ما أدى إلى مقتل مواطنين، وخصوصًا الأطفال»، داعية طهران إلى «وضع حد لاعتداءاتها».
وقالت واشنطن إنها تعمل على تأمين حرية الوصول إلى الإنترنت للإيرانيين، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إن المسؤولة فى الوزارة، ويندى شيرمان، أجرَت مشاورات مع حوالى 20 شركة تكنولوجية كبيرة. وأوضح »برايس« أن »شيرمان« «أكدت مجددًا التزام الولايات المتحدة بالسماح بالتدفق الحر للمعلومات فى أنحاء العالم، ولاسيما للدول الخاضعة للعقوبات، بما فيها إيران».
من جانبه، اتهم الرئيس الإيرانى، إبراهيم رئيسى، الولايات المتحدة بالعمل على زعزعة استقرار بلاده، وقال الرئيس الإيرانى: «بعد فشل الولايات المتحدة فى العسكرة ضد إيران والعقوبات، لجأت واشنطن وحلفاؤها إلى السياسة الفاشلة لزعزعة الاستقرار»، وذلك خلال قمة «مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة فى آسيا»، فى كازاخستان. ورأى أن »الأمة الإيرانية أفشلت الخيار العسكرى الأمريكى«.
وكان المرشد الإيرانى الأعلى، على خامنئى، قد اتهم الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل بالوقوف خلف الاحتجاجات »المخطط لها«، وقال خامنئى: »قضية تورط الأعداء فى أعمال الشغب الأخيرة هى محط إقرار من الجميع«، وفق بيان منشور على موقعه الإلكترونى الرسمى.
وتفرض واشنطن، منذ أعوام، عقوبات على الجمهورية الإسلامية تحت أسماء شتى، من أبرزها الملف النووى الإيرانى. وأعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات قاسية اعتبارًا من عام 2018، فى أعقاب قرار رئيسها السابق، دونالد ترامب، سحب بلاده أحاديًّا من الاتفاق النووى بين طهران والقوى الكبرى، والذى أُبرم عام 2015.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت فرض عقوبات على 7 مسؤولين إيرانيين كبار لدورهم فى »قمع« الاحتجاجات، بحسب بيان عن الخزانة الأمريكية. وأتى فرض العقوبات بعد أيام من تعهّد الرئيس جو بايدن بمواصلة »محاسبة المسؤولين الإيرانيين ودعم حقوق الإيرانيين فى التظاهر بحرية«. وانتقدت وزارة الخارجية الإيرانية الموقف الأمريكى، معتبرة أنه يعكس »رياء» بايدن فى ملف حقوق الإنسان، وذكرت مصادر دبلوماسية أن البلدان ال27 الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى وافقت على معاقبة المسؤولين الإيرانيين المتورطين فى حملة قمع الشعب الإيرانى.