موسكو تكثف هجماتها للسيطرة على إقليم دونيتسك شرق أوكرانيا

واصلت القوات الروسية معاركها الشرسة وقصفها الصاروخى والجوى المكثف، لتوسيع مناطق سيطرتها فى شرق أوكرانيا بعد نجاحها فى السيطرة على مدينة ليسيتشانسك فى إقليم لوغانسك، وهو ما يفتح الباب أمام روسيا لبدء السيطرة على مدينتى سلوفيانسك وكراماتورسك الرئيسيتين فى إقليم دونباس، اللتين تسيطر عليهما القوات الأوكرانية، فى حين أكد الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، أن قوات بلاده مستمرة فى تنفيذ العملية العسكرية الخاصة فى دونباس بنجاح، وأقر الرئيس الأوكرانى فلوديمير زيلينسكى بوقوع 2000 بلدة ومدينة فى قبضة القوات الروسية.
وأمر بوتين قواته بمواصلة هجومها فى شرق أوكرانيا بعد السيطرة على كل منطقة لوغانسك، وقال بوتين خلال لقاء مع وزير دفاعه سيرجى شويجو، بثه التليفزيون، إن القوات الروسية «يجب أن تنفذ مهمتها وفقًا للخطط التى تمت الموافقة عليها». وقال وزير الدفاع الروسى سيرجى شويجو، أمس، إن خسائر الجيش الأوكرانى بلغت خلال أسبوعين 5469 بينهم 2000 قتيل. وأوضح شويجو، خلال لقاء مع الرئيس الروسى، أنه تم تدمير 196 دبابة ومدرعة، و12 طائرة مقاتلة ومروحية واحدة، وإسقاط 69 طائرة مسيرة، و6 منظومات صواريخ مضادة للطائرات، و97 قاذفة صواريخ متعددة، و166 قطعة مدفعية ميدانية وقذائف هاون، و216 مركبة عسكرية خاصة. وأضاف وزير الدفاع الروسى أنه تم تحرير مساحة قدرها 670 كيلومترًا مربعًا، لتصبح ليسيتشانسك، أكبر المدن فى لوغانسك الانفصالية، تحت السيطرة الروسية بالكامل، وتجرى الآن عملية نزع الألغام من المنطقة التى تمت السيطرة عليها.
وقال سيرهى جايداى، حاكم منطقة لوغانسك، التابع لسلطة كييف، إن روسيا ستحول تركيزها فى العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا إلى محاولة السيطرة على منطقة دونيتسك بالكامل بعدما استولت على منطقة لوغانسك المجاورة.
وأضاف أنه يتوقع أن تتعرض مدينة سلوفيانسك وبلدة باخموت للهجوم مع محاولة روسيا السيطرة بالكامل على ما يُعرف بمنطقة دونباس فى شرقى أوكرانيا، وقال جايداى: «من الناحية العسكرية، ترك المواقع أمر سيئ، لكن لا يوجد شىء حاسم، فى خسارة ليسيتشانسك، نحن بحاجة للانتصار فى الحرب وليس معركة ليسيتشانسك، إنه أمر مؤلم للغاية، لكننا لم نخسر الحرب». وتشكل مدينة سلوفيانسك قاعدة لقوات الدفاع الأوكرانية، فى المنطقة، ما يجعلها هدفًا مهمًا للروس.
وكان الجيش الأوكرانى أعلن، أمس الأول، انسحاب جنوده من ليسيتشانسك، الرئيسية فى الشرق، التى واجهت هجومًا عنيفًا من قبل القوات الروسية منذ عدة أسابيع، موضحًا أن قراره جاء حفاظاً على أرواح المدافعين الأوكرانيين.
ومع نجاح القوات الروسية فى تحقيق تقدم ميدانى، أكد المتحدث باسم الكرملين، ديميترى بيسكوف، إنه يتوجب على أوكرانيا فهم الشروط الروسية لإنهاء الأزمة، فى حين اتهمت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا باريس بانتهاك سرية المحادثات بين الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، ونظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون، وقالت زاخاروفا فى تعليقها على الفيلم الوثائقى «الرئيس وأوروبا والحرب» للمخرج الفرنسى غى لاغاشا حول خطوات ماكرون لحل الصراع الأوكرانى: «عندما يتم إجراء مكالمات على أرفع مستوى فهى بالطبع مسألة سرية، وبطبيعة الحال هذه مفاوضات مغلقة، ولكن اتضح أنه منذ شهرين عندما اتصل ماكرون برئيس روسيا، تم تسجيل المحادثة بالكامل بواسطة كاميرات صحفيين كانوا جالسين يصورون كل شىء. هذا مثال على حقيقة أن هذه هى الطريقة التى يفهمون بها كلمة (دبلوماسية)».
وفى سويسرا، انطلق، أمس، مؤتمر للمانحين فى محاولة لرسم معالم خطة إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب، وقال الرئيس الأوكرانى فلوديمير زيلينسكى إن «المهمة ضخمة جدًا» فى الأراضى المحررة، وأضاف: «علينا تحرير 2000 بلدة ومدينة فى شرق أوكرانيا وجنوبها»، فى هذا النزاع الذى لاتزال نتيجته غير محسومة وواضحة رغم مساعدة عسكرية ومالية كبيرة قدمها حلفاء أوكرانيا، وقدرت تقارير الخسائر التى لحقت بالبنى التحتية الأوكرانية بحوالى 104 مليارات دولار، فى حين تشير تقديرات أخرى إلى أن الاقتصاد الأوكرانى خسر حوالى 600 مليار دولار، ويتوقع أن يقترح بنك الاستثمار الأوروبى إنشاء صندوق جديد لأوكرانيا قد تصل قيمته إلى مائة مليار يورو وفق مصادر مطلعة على الخطة، فى حين ستدعم المملكة المتحدة، أحد أكبر حلفاء أوكرانيا، إعادة بناء مدينة كييف بطلب من زيلينسكى.
وأعلنت لندن أن وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تراس، ستقدم خطّة دعم واسعة لمساعدة أوكرانيا على المدى الطويل والمشاركة فى إعادة بناء البلاد بمجرّد انتهاء النزاع مع روسيا.
أكد رئيس روسيا البيضاء، ألكسندر لوكاشينكو، أقرب حليف للرئيس الروسى، دعمه الكامل لروسيا بوجه أوكرانيا، وشدد على أن بلاده تقف بالكامل مع موسكو فى حملتها العسكرية على الأراضى الأوكرانية، فى إطار التزامها القائم منذ فترة طويلة بالاندماج مع موسكو فى «دولة اتحاد»، وأكد فى كلمة خلال احتفال بمناسبة الذكرى السنوية لتحرير مينسك فى الحرب العالمية الثانية على يد القوات السوفيتية، إنه «أيّد حملة بوتين ضد كييف منذ اليوم الأول».
وفى الوقت نفسه، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن الغذاء أصبح سلاح بوتين الاستراتيجى الجديد، مشيرة إلى أنه مع قدرة قواته على السيطرة على صادرات الحبوب الأوكرانية، وجد الزعيم الروسى طريقة جديدة لممارسة نفوذه فى جميع أنحاء العالم، موضحة أن روسيا استخدمت نفوذها على الصادرات الغذائية لتقسيم المجتمع الدولى، ما أدى لتوسيع نفوذها على الاقتصادات النامية فى الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا، ما أسفر عن تقسيم العالم بطرق لم نشهدها منذ الحرب الباردة.