بعد يوم واحد فقط من صدور الحكم لصالح جوني ديب ضد آمبر هيرد، ارتفع صوت رنين هاتف مكتب قانوني يقدم خدمات مجانية لضحايا العنف المنزلي في أثينا، بولاية جورجياالأمريكية. على الهاتف سيدة تتابع دعوى قضائية رفعتها ضد زوجها نتيجة سوء المعاملة، لكنها وعلى غير العادة كانت قلقة جدا. تقول كريستين سكارتز، مديرة المكتب القانوني عن المرأة لموقع «بي بي إس»: «كان الخوف يسيطر على صوتها. أصبحت تخشى أن يُنظر إليها ككاذبة مثل آمبر هيرد». وتشرح سكارتز سبب قلق السيدة بقولها: «بالطبع لا يريد الناس كشف أدق تفاصيل حياتهم الشخصية ثم في النهاية يُطلق عليهم لقب كاذب». «سكارتز» تعد واحدة من الخبراء القانونيين الذين يخشون أن «يكون لقضية جوني ديب وآمبر هيرد تأثيرا مخيفا في العالم على النساء اللائي يتقدمن بادعاءات العنف المنزلي». ويرى خبراء قانونيون أن خوفهم يأتي من أن قضية جوني ديب وآمبر هيرد كانت فريدة من نوعها لما كان فيها من كشف أسرار وادعاءات متبادلة حول سوء المعاملة. وكانت هيئة المحلفين خلال المحاكمة الشهيرة، والمكونة من 5 رجال وامرأتين، انحازت إلى صف «ديب» في قضية التشهير البارزة، وأمرت «هيرد» بدفع 10 ملايين دولار إلى «ديب»، بالإضافة إلى مليوني دولار آخرين. ورغم أن المحلفين كانوا ينظرون في دعوى تشهير مدني لا إلى تهمة جنائية لكن الحكم برر إلى حد كبير مزاعم «ديب» بأن هيرد كذبت بشأن إساءة معاملتها. أثناء الإدلاء بشهادتها، تحدثت «هيرد» عن عشرات المواقف التي تعرضت خلالها إلى الاعتداء، فيما نفى ديب بشكل قاطع الإساءة إليها. في عام 2020، وجد قاضٍ بريطاني في قضية تشهير مدنية أن «ديب» اعتدى على هيرد في 12 موقفا مختلفا. بالعودة إلى المحامية «شارتز» التي تدير المكتب القانوني، والتي أنهت دراستها بكلية الحقوق بجامعة جورجيا، فإن «القلق يتعلق بالافتراضات التي ستجعل البعض يعتقد أن كل النساء يكذبن». مؤكدة أنها «تخشى أن يتجرأ المعتدون الجدد على النساء اللائي يوجهن إليهم تهمة العنف المنزلي، وفي النهاية ينظر إلى النساء وكأنهن يكذبن». لا يتوقع كل الخبراء حدوث تأثير مخيف أو تهديد للنساء حول العالم، إذ تقول ديبرا كاتس، أشهر محامية في حركة MeToo لموقع «بي بي إس» إن «قضية ديب كانت فريدة من نوعها وقائمة بذاتها، لأن فضول المتابعين كان يسير بالتوازي مع تفاصيل المحاكمة، لأن الجميع يسعى لمعرفة حقيقة شخصية جوني ديب وآمبر هيرد، وسبب الخلل في زواجهما والجنون الذي حدث بينهم». ومع ذلك، فإن «كاتس»، تعتبر القضية «انتكاسة لأنها تحض على كراهية النساء بالفعل»، حسب قولها، مؤكدة أن «ما تعرضت له آمبر هيرد أحد أنواع الاغتيال الشخصي، وتشويه لمستقبلها المهني الماضي». أثناء المحاكمة، شوه عدد كبير من مستخدمي تيك توك وتويتر آمبر هيرد في مقاطع فيديو، كما تضمن محتوى وسائل التواصل الاجتماعي انتقادات لآمبر ووصفت بأنها «كاذبة، ومسيئة، وداعية مزيفة»، وتم استخدام هاشتاج #AmberIsALiar. كما سجل TikTok ما يقرب من 20 مليار مشاهدة لهاشتاج «العدالة لجوني ديب» «#JusticeForJohnnyDepp»، مقارنة بحوالي 78 مليون مشاهدة لهاشتاج «العدالة لآمبر هيرد»، «#JusticeForAmberHeard»، وكانت المفاجأة أن هاشتاج آمبر هيرد أعيد نشره مرة واحدة فقط مقابل 250 مرة لصالح ديب، وفقا لموقع «بي بي إس». تقول «كاتس»، محامية حركة «مي تو»: «لا يزال هناك كراهية للنساء حول العالم، بل وكراهية عميقة، وللأسف لا تزال منتشرة في نظامنا القضائي، لكن لا ينبغي للمرء أن يفترض أن النساء لن يتقدمن في حالات أخرى». وأكدت أن المقياس الأكثر أهمية لاستمرارية حركة #MeToo يكمن في قرار المحكمة الذي صدر الخميس، بعد يوم واحد من حكم ديب، برفض استئناف متهم مدان بالاغتصاب في نيويورك وحكم عليه بالسجن لمدة 23 عامًا. وأشارت إلى أنه في القضية السابق ذكرها، رأى المحلفون أن كل ما قدمه المتهم مجرد حجج، مؤكدة أن حكم هيئة المحلفين هنا أكثر أهمية وانتصارًا من أي شيء قد توحي به قضية ديب هيرد». منظمة «مي تو العالمية» التي أطلقتها تارانا بيرك والتي تعمل مع الناجيات من العنف الجنسي، رفضت الجهود المبذولة للربط بين محاكمة ديب هيرد والحركة الخاصة بها. وقالت الحركة، في بيان أصدرته قبل الحكم: «ما عانينا منه في محاكمة ديب- هيرد، كان يشبه إعادة عرض رواية عن العنف بين 2 من المشاهير البيض المميزين». وحاولت أستاذة القانون ماري آن فرانكس تجنب متابعة المحاكمة، لكنها وجدت نفسها في مواجهة «هذه الأنواع الفظيعة الخارجة عن السياق والمشوهة تمامًا. وتقول فرانكس، أستاذ القانون بجامعة ميامي، التي تدرس التقاطع بين الحقوق المدنية والتكنولوجيا: «من الجنون الاعتقاد بأن هيئة المحلفين لن تتأثر بما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي». وأضافت: «وسائل التواصل الاجتماعي ضاعفت اختلال توازن القوة بين الممثل الأكثر ثراءً وحبيبًا وبين زوجته السابقة الأقل شهرة»، مشيرة إلى أن المحاكمة جاءت في لحظة ثقافية حرجة، حيث إن التقدم الذي أحرزته النساء في السنوات ال50 الماضية يتعرض للتهديد بشكل متزايد»، وفجرت مفاجأة بقولها: «تواجه حركة #MeToo رد فعل عنيف مؤخرا». وتحولت الشوار الواقعة خارج قاعة فيرفاكس بولاية فيرجينيا إلى ما يشبه كرنفال مؤيد لديب أثناء مداولات هيئة المحلفين. وتضمن المشهد محققًا متقاعدًا يرتدي قبعة قرصان تكريمًا لشخصيته جاك سبارو، بالإضافة إلى وصول شاحنة مسطحة تحمل سفينة «Pirates of the Caribbean». خلال المحاكمة التي استمرت 6 أسابيع، لاحظت منظمة RAINN الوطنية التي تكافح العنف الجنسي زيادة ملحوظة في المكالمات إلى خطها الساخن. وتقول المنظمة إنها قدمت المساعدة إلى 28% من النساء خلال مايو 2022 مقارنة بمايو 2021، وهو ما وصفته المنظمة بارتفاع كبير سببه التغطية الإخبارية. وقالت المتحدثة إيرين روبنسون من المنظمة: «يوم النطق بالحكم زاد عدد الأشخاص المتصلين بنسبة 35% عن متوسط يوم الأربعاء».
