نظير جيد.. «طفل أسيوط» الذي أرضعته مسلمة فصار بطريركًا للكرازة المرقسية (بروفايل)

لم يكن يعلم هذا الصبى، القادم من قرية سلام بمحافظة أسيوط، مسقط رأسه، أنه سيكون يوما ما جالسا على كرسى مارمرقس الرسول كبطريرك للكرازة المرقسية، في مصر وسائر بلاد المهجر، ويصبح البابا رقم 117 في تاريخ الكنيسة القبطية الارثوذكسية .
إنه نظيرجيد أو البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الراحل، ولعل من أهم الجوانب الشخصية والحياتية في حياة البابا شنودة الثالث، أنه أرضعته جارته المسلمة بعدما توفيت والدته، فعقب ولادة البابا شنودة توفيت والدته بعد 3 أيام بسبب حمى النفاس بعدها رضع البابا من 3 سيدات بقرية سلام ومن بينهنّ سيدة مسلمة، وبعدها انتقل مع أخيه الأكبر وترك قرية سلام، وحفظ لها هذا الأمر لدرجة أنه لم يكن يتحرج في اعلان هذا الامر امام الجميع وفي أي محفل تأتي فيه موقف مناسب للإعلان عن ذلك .
كان دائم الفكاهة والتندر ويمتاز بخفة ظل رشيدة وغير معهودة في تاريخ الكنيسة، وكان لديه قدرة فائقة في تحويل المواقف «الجادة» إلى سلسة بفكاهته المعهودة الرشيدة، حتى أثناء لقاءاته الجانبية واللقاءات الاسبوعية في الكنائس .
ولعل من يعلم أنه كان صحفيًا عدد قليل من المصريين وربما المسيحيين أنفسهم، ومارس العمل الصحفي، حيث عمل محررا، ثم رئيس تحرير لآخر يوم في عمره، حيث منحته نقابة الصحفيين، عضوية النقابة في عام 1966م، وكان رقم عضويته «156»، أي قبل تنصيبه بطريرك للكنيسة الأرثوذكسية، ب 5 سنوات، باعتباره رئيسًا لتحرير مجلة «مدارس الأحد» و«الكرازة»، لذلك يعد الراحل قداسة البابا شنودة الثالث، بابا الكنيسة ال 116، أول بطريرك يحمل عضوية نقابة الصحفيين.
وتعد العضوية التي سلمت للبابا الراحل «عضوية شرفية» باعتباره رجل ديني لا يمارس مهنة الصحافة بشكل مستمر، وأيضا لتثبت تقديرها لعمله الصحفي وكتاباته القيمة التي تخدم المجتمع المصري، وكانت بداية علاقته بالصحافة عام 1947 عند صدور العدد الأول لمجلة «مدارس الأحد»، التي عمل بها محررا فمديرًا ثم رئيسًا لتحريرها حتى عام 1954.
البابا شنودة الثالث، حاصل على ليسانس كلية الآداب بتقدير (ممتاز) عام 1947، بعد دراسته للتاريخ الفرعوني والإسلامي، وعمله مدرساً للغتين العربية والإنجليزية، ثم ترهبه وتوحد بمغارة بالدير، إلى أن رسمه البابا كيرلس السادس، أسقفا للتعليم، ثم رسامته بطريركاً للكنيسة القبطية الأرثوذكسية عام 1971.
على المستوى الكنسي تحولت الكنيسة في عهده من كنيسة محلية إلى كنيسة عالمية، تتواجد في كل قارات العالم ونهض بالرهبنة والتعليم الكنسي وأسس المستشفيات الخيرية التي تخدم جموع الشعب المصري بلا تفرقة.