«صراخ وبكاء مصحوبان بدعوات الرحمة»، هكذا استقبل جيران أسرة محمد شكرى، مدير مدرسة الطبرى الإعدادية، وزوجته منال حسب النبى، محفظة القرآن الكريم، خبر مصرعهما وأبنائهما ال5، جرّاء استنشاقهم الغاز فى أثناء نومهم داخل منزلهم فى منطقة الشرابية بالقاهرة. عربات الإسعاف حملت الجثث ال7، وتوجّهت إلى مشرحة زينهم تحت تصرف النيابة العامة التى صرّحت بالدفن عقب التأكد من عدم وجود شبهة جنائية، وطلبت تقرير مصلحة الأدلة الجنائية بشأن أسباب الحادث وملابساته، وشيّع أهالى قرية ترسا التابعة لمركز طوخ بالقليوبية جنازة الضحايا بمسقط رأسهم. الأجواء أمس الأول كانت هادئة فى ظل طقس بارد، وكان شارع داير الناحية المتفرع من شارع حسنى خاليًا من المارة، فى غضون ثوانٍ تواجد به مئات النّاس الذين وقع عليهم خبر العثور على جثامين الضحايا كقنبلة مدوية. عم «طارق»، ابن خالة الضحية «محمد شكرى»، نزل من العقار محل الواقعة إلى الشارع وهو فى حالة هلع وذعر مع قدوم حكمدار العاصمة وقيادات أمنيّة وعربات الإسعاف وأعضاء مجلس النواب ال3 عن دائرة الشرابية، فى مشهد لم يعتده سكان المنطقة الشعبية، بينما كان الجميع يتساءل: «فى إيه اللى حصل؟!»، ليرد: «لقيت ابن خالتى ومراته وعيالهم ميتين». «طارق» كشف لفريق البحث الجنائى أنهم يعيشون كعائلة واحدة بذات العقار محل الواقعة، ولاحظ أن «الموتور شغال والميه قاطعة»، فطرق أبواب كل الشقق ليعرف «مين اللى مشغل الموتور»، وحين أكد الجميع «محدش مشغل حاجة»، توجّه أخيرًا إلى شقة «شكرى»، لكن دون استجابة للنداءات والاتصالات الهاتفية على أفراد أسرة الأخير، ليضطر إلى كسر الباب، ليرى أمامه الفاجعة «لقيتهم كلهم جثث وبلغت الشرطة». وفقًا لرواية «طارق»: «سخان الغاز فضل شغال وزر الأتوماتيك معلق وسرب ثانى أكسيد الكربون ما أدى إلى اختناقهم أثناء نومهم». أهالى المنطقة شهدوا بأن أسرة «شكرى»: «ناس أفاضل وكلهم ذوق وأخلاق وليس لديهم عداوات مع آخرين»، والنساء اللائى ارتدين الأسود حزنًا بكين الضحية «سارة»، صاحبة ال26 ربيعًا، والتى تعمل مُدرسة، وكانت تنتظر عرسها، كما أشدن بأخلاق باقى الأبناء الضحايا (عمر - 23 سنة، الطالب فى كلية الهندسة)، و(محمد - 19 سنة، طالب)، و(سما - 15 سنة، طالبة)، و(سمية - 13 سنة، طالبة): «كنّا بنحلف بأخلاقهم وتربيتهم، فارقوا الحياة دفعة واحدة». وروى أحد أقارب الضحايا أنهم اتصلوا على رب الأسرة كثيرًا ولم يجب عليهم، ومن هنا تم اكتشاف مأساة العثور على جثث الأسرة كاملة «ومكانش فى مجال للإسعاف تشيلهم ونوديهم للمستشفى». وخلال جنازة الضحايا، قال حسن عبدالمنعم، ابن خالة الأب، إن الأسرة تعيش فى منطقة الشرابية بالقاهرة منذ فترة كبيرة، وإنه زار القرية آخر مرّة منذ 15 يوما فى وفاة أحد الأقارب لتقديم واجب العزاء، وسافر فى نفس اليوم بعد العزاء، لافتًا إلى أنه علم بخبر الوفاة ظهر أمس الأول، وتوجّه إلى منزل والد الأم الحاج بدر إسماعيل، فى قرية ترسا، لإخباره، لكنه لم يستطع أن ينقل له الخبر المشؤوم، فقال له إن «منال والأبناء» أصيبوا فى حادث، وتم نقلهم للمستشفى، وطلب منه أن يزورهم. وأضاف «عبدالمنعم»: «شقيقتى تعيش فى نفس منزل الضحايا، ولاحظت قبل اكتشاف الأمر عدم استيقاظ الأولاد صباحًا كعادتهم كل يوم، فاتصلت على هواتفهم المحمولة لكن لم يرد أحد عليها، وبعد ذلك تجمع باقى الجيران ليكسروا باب الشقة، ليفاجأ الجميع بالأسرة بالكامل متوفاة نتيجة تسرّب الغاز». وتابع الحاج ياسر عبدالنبى، خال الأم: «منال تقيم فى منطقة الشرابية منذ قرابة 25 عاما وهى متزوجة من محمد شكرى، مدير عام بالتربية والتعليم، وعائلة الأب منقسمة بين منطقة الشرابية وترسا فى القليوبية، وعقب سماع النبأ المشؤوم توجّه الجميع إلى القاهرة.. عشنا ليلة سوداء بسبب وفاة الأسرة دفعة واحدة.. كارثة لم تحدث من قبل، أن تموت أسرة بكاملها فى وقت واحد ويتم تشييعهم جميعًا إلى مثواهم الأخير».
