لم تتخيل الأم أن يكون حديثه العابر عن قرب وفاته سيتحقق بعدها ب48 ساعة، ورغم أنها حاولت إلهاءه عن كلامه المشئوم وخيالاته الملازمة له، فإن كلمة النهاية جاءتها بالعثور على جثة محمد ابنها الوحيد، داخل منزل في نجع السوالم بقرية القرنة غرب الأقصر. «أنا حاسس إني هاموت قبل ما تجوز يا أمي».. كلمات كان يرددها "محمد عفيفي"، 24 سنة، على مسامع أمه، ولم تمر ساعات حتى تحقق حديث الابن بعدما وصل للأسرة اتصال هاتفي من أحد الأشخاص أخبرهم أنه «اتكهرب في موتور غاطس بالأقصر»، لم يصدق محمد عبد الرسول، خال محمد، ما جاء بالاتصال، توجه إلى مديرية أمن الأقصر، وتقابل مع مدير الأمن شارحاً له الحكاية. وخلال ذلك جاء اتصال للخال من نفس الشخص الذي أخبرهم بوفاة نجل شقيقته، جاء فيه أن محمد تعرف منذ عدة أشهر على شاب يدعى «علاء»، له نشاط في مجال التنقيب عن الآثار، وبدأ العمل معه في البحث عن الثراء السريع، دون إخبار أى من أفراد أسرته. خرج محمد من منزله، وأبلغ والدته أنه سيتوجه لمقابلة صديق له في أحد المقاهي، وكان هذا اليوم هو آخر يوم له بالمنزل، حل المساء انتظرت الأم مجيء ابنها الوحيد، ليخبرها عن تفاصيل يومه كالمعتاد، لم يأت محمد، قلقت الأم فأبلغت أشقاءها بما حدث، لتبدأ رحلة البحث عن محمد، التي انتهت بالعثور على جثته. سرد خال الضحية على مسامع رجال البحث الجنائي بمديرية أمن الأقصر، تفاصيل رحلة بحثه عن محمد، مشيراً إلى أن علاء صديق نجل شقيقته، أخبره أنه كان ينتظر محمد، لكنه لم يحضر، اصطحب الخال علاء وبعدها «راحوا لواحد اسمه شنودة له نشاط فى التنقيب عن الآثار، وبعدين راحوا لواحد اسمه الشيخ حمادة علي، سألوه على مكان محمد، قالهم إنه مات في القرنة غرب الأقصر لأنه اتكهرب في موتور غاطس". استكمل الخال موضحا: "بعد شوية وصل ضابط فى المكان اللى إحنا فيه، اتعرفت عليه وركبت عربيته ومعانا واحد اسمه (محمود) شريك علاء، عشان نروح القرنة نجيب الجثة، لكن عند منطقة البعيرات طلبوا مني أنزل من العربية، واستناهم عشان ماينفعش أروح المكان هناك". ترجّل "عبدالرسول" من السيارة، لم يشأ أن يفتعل معهم مشاجرة، ليعودا له في النهاية ويخبراه أنهما فشلا فى إحضار الجثة، "قالولى هات عربية تلاجة الساعة 1 بالليل وإحنا نحطلك فيها الجثة". عادوا جميعا إلى الكرنك، وتوجه عبد الرسول إلى مديرية أمن الأقصر، وأبلغ عن الواقعة، وفي أثناء وجوده هناك بصحبة عدد من أقاربه، تلقوا اتصالات من "علاء" و"الشيخ حمادة" يطلبان منهم إحضار سيارة لتسلم الجثة. رجال مباحث الأقصر، هرعوا إلى مكان الجثة بصحبة الأسرة بعدما وصفها لهم "الشيخ حمادة" هاتفيا، حتى وصلوا إلى منزل من طابق واحد بنجع السوالم التابع لقرية القرنة، وهناك عثروا على الجثة منتفخة ودخلت مرحلة التحلل وتنبعث منها رائحة كريهة. عاينت النيابة العامة الجثة، وأمرت بانتداب الطب الشرعي للتشريح وبيان وتحديد أسباب الوفاة.