اليوم.. جامعة الأزهر تستقبل طلابها بالعام الدراسي الجديد    تقارير إعلامية: 21 غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية    آخر تطورات لبنان.. الاحتلال يشن 21 غارة على بيروت وحزب الله يقصف شمال إسرائيل    «أنا وكيله».. تعليق طريف دونجا على عرض تركي آل الشيخ ل شيكابالا (فيديو)    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    وزير الخارجية: تهجير الفلسطينيين خط أحمر ولن نسمح بحدوثه    بحضور مستشار رئيس الجمهورية.. ختام معسكر عين شمس تبدع باختلاف    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى بالقاهرة 33    «مرفق الكهرباء» ينشر نصائحًا لترشيد استهلاك الثلاجة والمكواة.. تعرف عليها    مع تغيرات الفصول.. إجراءات تجنب الصغار «نزلات البرد»    إيران تزامنا مع أنباء اغتيال حسن نصر الله: الاغتيالات لن تحل مشكلة إسرائيل    الحكومة تستثمر في «رأس بناس» وأخواتها.. وطرح 4 ل 5 مناطق بساحل البحر الأحمر    تعرف على آخر موعد للتقديم في وظائف الهيئة العامة للكتاب    ضياء الدين داوود: لا يوجد مصلحة لأحد بخروج قانون الإجراءات الجنائية منقوص    حكايات| «سرج».. قصة حب مروة والخيل    المتحف المصري الكبير نموذج لترشيد الاستهلاك وتحقيق الاستدامة    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    عاجل - "الصحة" تشدد على مكافحة العدوى في المدارس لضمان بيئة تعليمية آمنة    وزير الخارجية: الاحتلال يستخدم التجويع والحصار كسلاح ضد الفلسطينيين لتدمير غزة وطرد أهلها    المثلوثي: ركلة الجزاء كانت اللحظة الأصعب.. ونعد جمهور الزمالك بمزيد من الألقاب    جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    صحة الإسكندرية تشارك في ماراثون الاحتفال باليوم العالمي للصم والبكم    حياة كريمة توزع 3 ألاف كرتونة مواد غذائية للأولى بالرعاية بكفر الشيخ    استعد لتغيير ساعتك.. رسميا موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2024 في مصر وانتهاء الصيفي    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    جوميز: استحقينا التتويج بكأس السوبر الإفريقي.. وكنا الطرف الأفضل أمام الأهلي    عمر جابر: تفاجأنا باحتساب ركلة الجزاء.. والسوبر شهد تفاصيل صغيرة عديدة    مصراوي يكشف تفاصيل إصابة محمد هاني    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    مصرع شاب بطعنة نافذة وإصابة شقيقه بسبب خلافات الجيرة بالغربية    تجديد حبس عاطل سرق عقارًا تحت الإنشاء ب15 مايو    التصريح بدفن جثمان طفل سقط من أعلى سيارة نقل بحلوان    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    الوراق على صفيح ساخن..ودعوات للتظاهر لفك حصارها الأمني    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    أحمد العوضي يكشف حقيقة تعرضه لأزمة صحية    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    «عودة أسياد أفريقيا ولسه».. أشرف زكي يحتفل بفوز الزمالك بالسوبر الإفريقي    جيش الاحتلال: سنهاجم الضاحية الجنوبية في بيروت بعد قليل    أمريكا تستنفر قواتها في الشرق الأوسط وتؤمن سفارتها بدول المنطقة    فلسطين.. إصابات جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي برفح الفلسطينية    "الصحة اللبنانية": ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإسرائيلي على ضاحية بيروت إلى 6 قتلى و91 مصابا    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 28 سبتمبر 2024    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة أعمدة الإنارة بالقطامية    "المشاط" تختتم زيارتها لنيويورك بلقاء وزير التنمية الدولية الكندي ورئيس مرفق السيولة والاستدامة    5 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع جثامين ضحايا حادث صحراوي سوهاج - فيديو وصور    تفاصيل إصابة شاب إثر الاعتداء عليه بسبب خلافات في كرداسة    الشروع في قتل شاب بمنشأة القناطر    «زى النهارده».. وفاة الزعيم عبدالناصر 28 سبتمبر 1970    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تحرك جديد.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    الأزهر للفتوى: معتقد الأب والأم بضرورة تربية الأبناء مثلما تربوا خلل جسيم في التربية    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حين تعجز الدولة عن محاسبة المخطئين
نشر في المصري اليوم يوم 01 - 07 - 2010

لأى نظام سياسى وظائف متعددة بعضها ذو طابع سياسى وبعضها الآخر ذو طابع خدمى وإدارى، وقليلة هى النظم فى عصرنا الحالى التى فشلت فى الاثنين، فكثير من الدول لا تعرف الديمقراطية، ولكنها حققت نجاحات هائلة فى المجال الاقتصادى مثل الصين، وهناك نظم أخرى مثل الهند تعرف ديمقراطية وتقدماً اقتصادياً وتكنولوجياً، ولكنها مازالت تعانى من مشكلات اجتماعية وتناقضات طبقية.
وهناك بلدان التعددية المقيدة مثل روسيا وإيران وكثير من البلدان الأسيوية التى تسمح بهامش حركة لقوى المعارضة ولكن لا تسمح بتداول السلطة، متوافقة فى ذلك مع مصر التى حافظت على هذا النظام منذ أن أعلن الرئيس قراره فى عام 1976 بتحويل مصر من نظام الحزب الواحد إلى نظام التعددية المقيدة.
ورغم أنه فى هذا الفترة انتقل كثير من دول العالم من التسلطية إلى الديمقراطية إلا أن مصر حافظت على قدرة فذة فى البقاء فى المكان، وظلت مخلصة للتعددية المقيدة الراكدة دون أى تطوير، إلى أن أصيبت منذ بداية الألفية الثالثة «بآفة» جديدة تمثلت فى هذا التدهور المرعب فى أداء جهاز الدولة، وهذا العجز ليس فقط عن محاسبة أى مخطئ، إنما فى عدم وضع أى نظام يحول دون تكرار الأخطاء والخطايا وحتى الجرائم مرة أخرى.
ولعل حادثة خالد سعيد هى نموذج لهذا الخلل وهذا العناد والتكبر الذى أصاب السلطة السياسية، وهى سمات النظم الجاهلة لا العاقلة حتى لا نقول الديمقراطية، فالشاب توفى وهو فى أيدى مخبرى وزارة الداخلية، وشهد أهله وبعض شهود عيان محايدين أنه تعرض لاعتداء من قبل هؤلاء المخبرين.
ورغم كل المخاطر التى يمكن أن يتعرض لها أى مواطن «بلا ظهر» يشهد ضد رجال وزارة الداخلية إلا أنهم تجرؤوا وشهدوا شهادة حق، ومع ذلك لم تحقق الوزارة ولا الأجهزة المعنية فى الموضوع، واكتفوا بتقرير الطب الشرعى الذى لم يثبت أن هناك تعذيباً تعرض له الشاب، وأن الوفاة كانت بسبب أفيونة ابتلعها، وهو التقرير الذى لم يقنع عموم الناس.
ولأن هناك حالة من عدم الثقة بين المواطنين والداخلية، فقد كان من المتوقع أن تسارع الأخيرة بالتحقيق فى هذه القضية لا أن تبذل قصارى جهدها من أجل حماية رجالها بالحق والباطل، والخطورة أن هذه الحادثة لم يكن ضحيتها سياسياً ثورياً ولا إسلامياً جهادياً، ولا حتى مجرماً محترفاً، إنما شاب عادى فى عمر الزهور، بما يعنى أن الصدام هنا حدث مع عموم الناس الذين يحرص كثير منهم على السير «جنب الحيط»، حتى لا تصيبهم مشاكل السياسة من اعتقال وملاحقة، ومع ذلك دفعوا ثمنها غاليا ومات خالد سعيد، وهو ما جعل إحساس هؤلاء الناس بالغضب والحنق غير مسبوق لأنهم شعروا أنهم تركوا السلطة المطلقة لأهل الحكم، وتركوا المشاكل «لبتوع السياسة»، ورغبوا فقط فى السلامة والأمان، ومع ذلك لم ترحمهم السلطة وأصرت على قهرهم حتى النهاية وترفض أن تسمع أنينهم قبل أن يتحول إلى صرخات غضب لن ينفع معها الندم.
ومع ذلك تعاملت الحكومة كما هى العادة بأذن من طين وأخرى من عجين، وتجاهلت كل هذه الرسائل الرمزية التى خرجت فى تبلد غير مسبوق فى تاريخ تعامل أى نظام سياسى مع عموم الناس.
وقد تضامن مع خالد سعيد على «الفيس بوك» 400 ألف متضامن خلال 19 يوما بمعدل 15 عضوا جديدا كل دقيقة، أى عضو كل 4 ثوان، وهو ما يجعله أحد أسرع المجاميع المصرية تأسيسا كما كتب الصحفى السكندرى يوسف رامز فى قصته الخبرية البديعة عن شاب الإسكندرية.
إن الاحتجاج على وفاة خالد سعيد لم يكن من أجل رفع الرواتب وتحسين ظروف العمل، ولا وقفة سياسية تضم عشرات السياسيين الذين يطلقون شعارات لا علاقة لها بالواقع، إنما هو احتجاج شارك فيه بسطاء الناس من أجل قضية غير فئوية مست كرامتهم وأخرجت من داخلهم شعورا هائلا بالظلم وقلة الحيلة، دفعتهم إلى كسر الانقسام القائم بين احتجاج سياسى للنخبة، وآخر اجتماعى للشعب، لتخلق نمطاً جديداً «موحداً» من الاحتجاج ضم النخبة وعموم الناس.
ورغم كل هذه التداعيات التى أسفرت عنها هذه الحادثة، وتأثيرها السيئ فى الرأى العام، فإن الحكومة لم تتخذ أى إجراء من شأنه معاقبة المتهمين بالاعتداء على هذا الشاب، ويصبح السؤال المطروح هل الأمر يرجع إلى عدم رغبة الحكومة فى محاسبة المخطئين لأنهم ينتمون لوزارة لها حظوة ونفوذ مثل الداخلية؟، أم أن الموضوع بات أكثر خطورة وتحول إلى عدم قدرة على محاسبة أى مخطئ نتيجة ترسخ منظومة كاملة تعمل على تسكين الوضع القادم، ولا تقبل أى بتر جراحى حتى مع جرائم صدمت الرأى العام، وكان ضحيتها شاباً فى عمر الزهور؟.
إن الخلل الذى أصاب النظام السياسى المصرى يكمن فى أنه بات غير قادر على تصحيح أخطائه من داخله، خاصة أن تلك النوعية من الأخطاء لن تكلفه شيئا، وبات الناس يرددون صباحا ومساء لماذا لا يضحى بهذين المخبرين إذا ثبت تورطهم فى هذه الجريمة، ولماذا لا يحاسب هذا الوزير أو ذلك المسؤول المتهم بقضايا فساد على جرائمه، ولماذا ولماذا، ولا يتحرك أحد.
لقد بات من الواضح أن هناك منظومة كاملة نسجتها المعادلات السياسية السائدة هى التى دفعت مؤسسات الدولة «بهدوء» نحو الجمود والعجز عن الفعل والحركة، والانشغال بالمعارك الصغيرة، وترك المجال الاجتماعى والسياسى، بدون أى محاسبة، ولحالة فوضى عشوائية لا يحكمها أى رقيب، واستخدمت سياسة المسكنات فى التعامل مع ملفات ساخنة، كالقضاة والمحامين، والدولة والكنيسة، والطلاب وأساتذة الجامعات، والأطباء والصحفيين وموظفى الدولة، وحققت قدراً من النجاح، ولكنها تعثرت فى الفترة الأخيرة، وباتت مسؤولة عن تفاقم كل هذه المشاكل.
إن ما قهر الناس فى قضية خالد سعيد هو هذه الطريقة الفجة والبليدة فى تعامل الحكومة مع أرواح الناس، فلو أشعرتهم أن أرواحهم لها ثمن ولو بالغضب بتصريح من رئيس أو مسؤول، ولو أن هناك من يفكر أو يحس ويشعر بآلام الناس ويقدر الرسالة السيئة التى خلقها هذا التجاهل التام لتداعيات هذه الحادثة وتلك الحملة الرخيصة التى بثها بعض رجال الحكومة ضد أسرة شاب أصبح بين أيادى الله، لعرفنا معنى أن يعجز نظام عن محاسبة مخطئ والثمن الباهظ الذى سندفعه بسبب هذا العجز.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.