«طفل الحلوى».. عمره 9 سنوات وبدون شهادة ميلاد ويتكفل بجدته

صدفة فقط أثناء مرور الفتاة خلود عبد المطلب، خريجة كلية التربية بجامعة دمنهور، بجوار دار أوبرا دمنهور، كشفت عن مأساة طفل منزوٍ فى أحد الأركان والسماء تهطل مطرًا، والطفل يحضن قدميه فى محاولة منه لتدفئة جسمه فى الصقيع وبجواره «كيس حلوى» يعرضه للبيع، رغم أن الشارع تقريبًا خالٍ من المارة.
سألته «خلود»: لماذا تجلس هكذا فى هذا الجو البارد؟ فأجاب: «بساعد جدتى فى المصاريف؟ ولازم أرجع لستى بفلوس عشان عيانة وأنا بساعدها فى المصاريف»، وعاودت السؤال «إنت إسمك إيه؟» فأجاب: «عبد الرحمن»، وثم سألته «إنت فى سنة كام؟» قال: «ما دخلتش مدرسة وعندى 9 سنين»، ثم عاوت السؤال: «نفسك تروح مدرسة؟» وأجاب: «أيوه طبعًا نفسى أروح مدرسة زى العيال اللى فى سنى».
وسألت «خلود» الطفل عبد الرحمن عن اسم والده فقال: «ما أعرفش اسمه.. مش فاكره»، ثم سألته: «باباك ومامتك فين؟» فقال: «ما أعرفش بيقولوا إن هما فى مصر، بس ما أعرفش هما عايشين فين وما أعرفهمش».
وعندما زاد المطر طلبت منه أن يعود للمنزل فقال: «ما أقدرش أروح إلا لو بعت الحلوى عشان أرجع بفلوس لإن جدتى مريضة، ومبتقدرش تشتغل»، فاستأذنته أن تصوره على أمل أن يساعده أحد، فوافق، وانتشرت الصور على مواقع التواصل الاجتماعى.
وتقول «خلود»: «أنا أدمن إحدى صفحات التواصل الاجتماعى فى البحيرة، وصورته عشان أنشر صوره على الصفحة، ربما يتدخل أحد من أهل الخير أو المسؤولين لمساعدته، لأنه صعب عليا أوى وهو قاعد فى الجو الصعب اللى كان وقت ما صورته».
وعبرت «خلود» عن سعادتها بعد تبنى مديرية التضامن الاجتماعى والمحافظة لمشكلة الطفل بعد نشر قصته على الصفحة، «ونشرت الحوار الذى دار بينى وبين الطفل، وأتمنى أن يتبنى أحد رجال الخير حالة هذا الطفل وجدته».
وعقب انتشار الصور على «فيس بوك» توجهت الدكتورة فايزة زايد، وكيل وزارة التضامن الاجتماعى بالبحيرة، إلى مكان الطفل بجوار دار أوبرا دمنهور لإيداعه فى إحدى دور الرعاية الاجتماعية للأطفال، إلا أنه رفض بدعوى أنه يساعد جدته فى تكاليف المعيشة.
واصطحبه فريق التضامن الاجتماعى إلى المنزل الذى تقيم به جدته، لبحث الحالة وتقديم مساعدة مالية وعينية، وتبين أن الطفل اسمه «عبد الرحمن.أ» وأسرته تقيم فى القاهرة، ولديه أربعة أشقاء آخرون، وأسرته تعيش ظروفا صعبة للغاية، وأن معاش جدته بسيط، والطفل يساعدها على المعيشة، وأهل الخير يساعدونها فى العلاج.
وتبين أن الطفل ليس له شهادة ميلاد، وغير مقيد فى أى مدرسة، وتم التواصل مع والد الطفل لحضوره لاستخراج شهادة ميلاد له، وتقديم مساعدة له ولجدة الطفل من مؤسسة التكافل الاجتماعى.
وتقول الحاجة سلوى، جدة الطفل: «أنا كنت ببيع المناديل فى شارع عرابى فى دمنهور، واشتد علىَّ المرض نتيجة إصابتى بخشونة فى الركبة والسكر والضغط والقولون ولم أتحمل النزول والعمل فى الشارع، فزادت علىَّ مصاريف العلاج، بالإضافة إلى الإيجار، حيث إننى أدفع إيجارا قيمته 500 جنيه، وبندفع ميه ونور وغاز،، فطلبت من ابنتى أن ترسل لى ابنها ليساعدنى على المعيشة».
وتضيف الحاجة سلوى: «نفسى ومنى عينى أعيش فى الأرضى، أنا أسكن فى الدور الثالث، ومعاشى 320 جنيها، وجوزى توفى منذ 10 سنوات، وأدفع قسط 300 جنيه من جهاز بنتى اللى مجوزاها قريب».
وأوضحت أن والد عبد الرحمن وأسرته كانوا يقيمون فى دمنهور منذ نحو 9 سنوات، وتم طرد أسرته من الشقة لعدم قدرته على دفع الإيجار، وانشغلوا فى مشاكل المعيشة عن استخراج شهادة ميلاد له، بعدما انتقلوا إلى القاهرة ليعمل والده بوابا فى عمارة هناك.