«منة الله» فتاة من البحيرة عمرها 14 عاماً.. انتحرت قبل يومين، ألقت بنفسها من الطابق الخامس وتخلصت من حياتها، وإذا كنت لم تقرأ قصتها فى «المصرى اليوم»، السبت الماضى، فقد فعلت «منة» ذلك احتجاجاً على «ظلم» تعرضت له مع والدها، حسب رواية عائلتها. «منة الله».. فتاة متفوقة فى الصف الثانى الإعدادى، كما تقول أوراقها الدراسية، وأصل الحكاية أنها خرجت يوم 12 أغسطس عام 2009 لحجز الكتب الخارجية الخاصة بالدراسة فى إحدى المكتبات برشيد، وفى طريق عودتها ركبت سيارة من الموقف وركب معها شخص واحد فقط وخرج السائق بالسيارة، وفوجئت الفتاة بالراكب يطلب منها شنطتها ويضربها وعندما قاومته ضربها بمطواة فى يدها اليسرى فأحدث بها جرحاً قطعياً بطول 8 سنتيمترات وعمق 2 سنتيمتر وسرق منها مائة جنيه كانت معها. عادت الفتاة للمنزل وحررت أسرتها محضراً وتم عرضها على الطب الشرعى الذى أثبت إصابتها، واستمعت المباحث إلى أقوالها ووصفها للمتهمين، واستطاعت أن تصل للسيارة وأحد المتهمين، الذى اعترف بارتكابه الواقعة مع ابن عمه، وألقت القبض على المتهمين. وأمام النيابة، أقر ضابط المباحث بأنه ضبط السيارة المستخدمة فى الجريمة وضبط أحد المتهمين الذى اعترف بارتكابه الواقعة بالمشاركة مع ابن عمه الذى تم ضبطه وحبستهما النيابة على ذمة القضية فى انتظار التحريات النهائية. لكن رغم تأكيد ضابط المباحث على اعتراف المتهم أمامه، فإن محضر التحريات الذى تحرره المباحث أيضاً قال إن الشكوى «كيدية». يقول أهل الفتاة إن خصومة نشبت بين عمها وضابط المباحث جعلته يستخدم صلاحيات وظيفته فى تغيير وقائع محضر التحريات، وتكليف مخبرين بتشويه سمعة الفتاة وسط أهلها - حسب قولهم - مما أدى إلى حفظ النيابة للتحقيقات، إلى جانب تعرض الفتاة لأزمة نفسية حادة. وقام المتهمان برفع قضية تعويض على والد الفتاة بسبب اتهامه لهما بالسرقة دون أن ينجح فى إثبات ذلك، وعندما عرفت الفتاة ذلك واكتشفت أن الحقوق فى هذا البلد يمكن أن تضيع لأتفه الأسباب، ألقت بنفسها من الطابق الخامس، وآخر كلماتها: «حرام نعيش فى الدنيا دى.. الظلم حرام». من قتل «منة الله»؟ لا تتعجل وتقول الشرطة أو ضابط المباحث، أو السائق وابن عمه، أو حتى عمها الذى دخل فى خصومة مع الضابط، بينما قضية بنت أخيه فى يديه، ولا تنصح مديرية الأمن فى البحيرة أن تسارع بإصدار بيان يهيل التراب على الفقيدة، أو يلوك سمعتها، أو يتهمها بجرح نفسها، أو ينشر الصحيفة الجنائية لوالدها. هذه الفتاة قُتلت ولم تنتحر، ومطلوب من الشرطة أن تبحث بهدوء ودون عصبية أو انحياز عن القاتل الحقيقى ل«منة الله» حتى لو كان القانون نفسه الذى يعطى الحق بحفظ التحقيقات فى القضايا، استناداً لمذكرات تحريات يكتبها أشخاص دون أدلة كافية، ويمكن أن تحتمل الصواب والخطأ...! [email protected]