كان الروائى الكبير أديب نوبل نجيب محفوظ وأديب نوبل الكولومبى جارثيا ماركيز صاحب رواية «الحب فى زمن الكوليرا» قد تبادلا الرسائل فيما بينهما، لكنهما لم يلتقيا أبدا، فقد تبادلا الرسائل مرتين الأولى فى 1994 إثر تعرض نجيب محفوظ لمحاولة اغتيال حيث تلقى خطابًا شخصيًا من جابرييل جارثيا ماركيز من صفحتين كتبهما بخط يده باللغة الإسبانية، تضمن تهنئة لمحفوظ وللأدب العربى على نجاته، قائلًا إن أشعة الشمس تنتصر دائمًا على السحب مهما كانت داكنة أو محملة بالأمطار، وتحدث ماركيز فى الخطاب عن تأثير محفوظ على الآداب العالمية وحثه على استمرار عطائه تحت كل الظروف، أما المناسبة الثانية فجاءت بعد ذلك بعشر سنوات عندما أرسل محفوظ لماركيز خطابا شخصيًا حثه فيه على أن يكتب فى جميع الأحوال، فالكاتب يجب ألا يترك القلم، وتحدث إليه كما يتحدث المرء لصديق مقرب أو لشقيق، قائلًا له: يجب ألا يكون لديك شىء تكتبه حتى تمسك بالقلم، أمسك بالقلم فى جميع الأحوال واكتب، وكان ماركيز يمر هو الآخر فى المناسبة الثانية بمحنة شخصية، وكان يتردد فى الأوساط الأدبية آنذاك أنه فقد القدرة على الكتابة وكان أديب نوبل فى أحد حواراته مع الكاتب الكبير محمد سلماوى قد أعرب عن أمنيته فى أن يلتقى أديب نوبل الكولومبى جارثيا ماركيز والذى امضى جزءا كبيرا من حياته فى المكسيك. حيث كان واحدا من الروائيين العالميين الذى جذب انتباهه بأسلوبه المغاير فيما عرف بالواقعية السحرية التى تميزت بها أعمال كتاب روائيين من أمريكا اللاتينية. وقد انطلق من هذه الأمنية اثنان من رسامى الكاريكاتيرالمتميزين فنا ونشاطا ويشكلان طاقة استثنائية انعكست على جمعية الكاريكاتير برئاسة الرسام الكبير جمعة فرحات بالحيوية والتجدد وهما الفنانان فوزى مرسى المنسق العام لهذا المعرض وسمير عبد الغنى اللذان استثمرا الفكرة وأيضا تزامنا مع ذكرى ميلاد الأديب الكبير الراحل نجيب محفوظ وأقاما معرضا غنيا للكاريكاتير الذى شارك فيه فنانون مصريون وعرب وأجانب وجميعهم وعلى نحو فانتازى أو من خلال بورتريهات رسموا لقاءات بين نجيب محفوظ وماركيز وبورتريهات لكل منهما منفردا، فبدا المعرض فى مجمله وكأنه يجسد لقاءات بين العملاقين محفوظ وماركيز وقامت وزارة الثقافة بتنظيم المعرض فى صالتى عرض كبيرتين بمتحف محمود مختار. وقد احتضن متحف محمود مختار معرضا جماعيا وعالميا للكاريكاتير الذى ضم أعمالا تجسد الأديبين وتترجم فكرة التواصل بينهما، وقد شارك فى المعرض نخبة من فنانى الكاريكاتير من مختلف دول العالم، وافتتحت المعرض الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة التى أوضحت فى سياق هذه الفعالية أن هذا النشاط يأتى فى إطار مبادرة «علاقات ثقافية» التى تسعى للتأكيد على صور التواصل الثقافى والفنى بين مصر وكافة دول العالم، حيث تم التنسيق بين قطاع العلاقات الثقافية الخارجية برئاسة الدكتورة سعاد شوقى، وقطاع الفنون التشكيلية برئاسة الدكتور خالد سرور، وبالتعاون مع سفارتى كولومبياوالمكسيك بالقاهرة، والجمعية المصرية للكاريكاتير برئاسة الفنان جمعة فرحات، لتنظيم معرض للبورتريه الكاريكاتيرى يعرض فيه عدد كبير من فنانى العالم تصورهم لكلا الكاتبين وإمكانية لقائهما معًا. وقد ضم المعرض 110 أعمال لنحو 95 فنانا، من 25 دولة من بينها؛ مصر، كولومبيا، المكسيك، كوبا، البرازيل، كوستاريكا، بيرو، أورجواى، إسبانيا، الهند، الصين، إندونيسيا، وروسيا، وغيرها. وعقب افتتاح المعرض تم عرض مادة فيلمية عن الكاتبين الكبيرين. ومما يذكر أن سفيرى كولومبيا أنا ميلينا مونيوس والمكسيك خوسيه أوكتابيو تريب رحبا بدعم هذه الفكرة وأكدا على إمكانية تطويرها بعد ذلك لتضم كافة الكتاب الحائزين على جائزة نوبل فى أمريكا اللاتينية بالإضافة للكاتب المصرى الكبير نجيب محفوظ.
