بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴿الأحزاب:70﴾ طالعت مقال للدكتور عمرو حمزاوى على موقع جريدة الشروق بعنوان "عن تفتيت الأصوات فى الانتخابات وواجب المشاركة" .. ولمن يريد الرجوع للمقال فهذا هو الرابط: http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=26102011&id=059dd8f4-8483-4afb-bc33-01bade013cd5 ويمكن تلخيص المقال فى أربع نقاط: 1- إن فشل الأحزاب الليبرالية فى الاتفاق على قائمة موحدة سيؤدى إلى تفتيت أصوات المتعاطفين مع الثورة. 2- إن برلمان 2011 سيكون برلماناً منقسماً ومفتتا بخليط من بقايا النظام القديم وجديد متنوع به أطياف إسلامية وليبرالية ويسار ومستقلة. 3- إن توقع قيام المواطن من الاختيار بوعى بين قوائم مختلفة ومرشحين متنوعين .. هذا التوقع شديد المثالية وبعيد عن الواقع المصرى. 4- إن المواطنات والمواطنين يثقون فى الأحزاب ونخب السياسة. وقبل أن أعلق على هذا المقال .. أود أن أذكر – من ضمن التعليقات المنشورة لرواد موقع الشروق – هذين التعليقين (رأيت أنه من المناسب حجب بعض الألفاظ): 1- التعليق الأول ل"خالد" بعنوان "أستاذ عمرو نفسى أسمع أجابة على سؤالى" .. وكتب خالد فى تعليقه:"... أن الليبرالين فى الفترة الاخيرة صوتهم عالى جدا و(فزلكة ) على خلق الله وتعالي فى الكلام وكأن أنتم فقط من تفهمون صالح مصر وكأنكم وحدكم من قمتم بالثورة وطبعا ده كلام فاضى .. لان الثورة خرج ملايين فى التحرير وفى كل مناطق القاهرة والسويس والاسكندرية ولا ننسى سيناء وحتى فى الوادى الجديد. السؤال: هل سوف ترضون بالديمقراطية ولا ذى الاستفتاء سوف يوصم الشعب المصرى منكم بالجهل؟" 2- التعليق الثانى ل"على الجمال" بعنوان "القوائم كانت مرفوضة شعبياً على الرغم من أصراركم عليها لعلمكم بضعفكم" .. وكتب على الجمال فى تعليقه: "لا تتفلسف على الناس لان المصريين بطبيعتهم و فطرتهم أذكياء وممكن يودووك البحر و يرجعوك عطشان أنت و أى قوى تتخيل أنها تملك أصواتهم - تحيا مصر و شعب مصر و يسقط ال(--) و ال(--) و الانتهازيين و المتاجرين بآلام المصريين". هذان التعليقان مثال على مدى وعى وفهم المواطن المصرى الذى يوصمه من يعتبرون أنفسهم "نخباً" بعدم القدرة على ممارسة حريته وعدم إدراكه لمصلحته ومصلحة الوطن .. المواطن المصرى الذى يراه د. عمرو حمزاوى غير قادرعلى الاختيار بوعى بين قوائم مختلفة ومرشحين متنوعين .. المواطن المصرى الذى يرى د. عمرو حمزاوى أن توقع ممارسته لحقوقه السياسية بنزاهة ووعى هو أمر شديد المثالية وبعيد عن الواقع المصرى!! وأسأل من يدَّعون أنهم النخب أين أنتم من الواقع المصرى حتى تتحدثوا عنه؟ من الذى أعطاكم الحق أن تنصبوا أنفسكم أوصياء على المواطن المصرى؟ هل غاب عنكم أن مصر صاحبة أول حضارة فى التاريخ .. وأن الشعب المصرى ما زال محافظاً على صفاته وسماته التى اكتسبها عبر آلاف السنين؟ وأقول لهم أن المواطن المصرى معدنه صلد وقوى صهرته الأحداث الجسام عبر مسيرة تاريخية هى الأطول بين كل الأمم .. وأن بذور الحضارة كامنة فى ذاكرة هذه الأمة وتسكن ضمائر هذا الشعب العريق. و حقيقة الواقع المصرى أن المواطن المصرى هو من يدرى وأنتم الذين لا تدرون. وعلى عكس ما قاله د. عمرو حمزاوى: "إن المواطنات والمواطنين يثقون فى الأحزاب ونخب السياسة".. فإننى أرى أن التحدى الصعب الذى يواجه المواطن المصرى هو البحث عن ضالته خارج نطاق دائرة ضيقة فرضت نفسها أو فرضتها الظروف على هذا الوطن .. هذه الدائرة لا يتسع محيطها – قبل وبعد الثورة – إلا لذات الوجوه والأصوات والأقلام التى احترفت واحتكرت المنابر الإعلامية – المرئية والمسموعة والمقروءة – فى تكرار ممل لنفس الآراء والأفكار والرؤى السياسية والاجتماعية والاقتصادية ... ألخ .. وأغلب بضاعتهم إما منقولة عن سابقين أو تجارب سابقة لأمم أخرى .. كما أنها غير مجردة وإنما هى نتاج فكر سابق التجهيز يؤمن بنظريات بعينها أو يعتنق إيديولوجيات لا يحيد عنها .. وفى الغالب تطرح هذه الآراء والأفكار والرؤى السابقة التجهيز بدون آليات التنفيذ .. كما أنها لا تراعى الطبيعة الخاصة جداً للمجتمع والإنسان المصرى. أما بالنسبة لتخوف د. عمرو حمزاوى من أن "البرلمان القادم سيكون برلماناً منقسماً ومفتتاً بخليط من بقايا النظام القديم وجديد متنوع به أطياف إسلامية وليبرالية ويسار ومستقلة" ..فإننى أرى أن التعددية فى مجلس الشعب ظاهرة صحية .. وأن شكل المجلس تحدده الإرادة الشعبية .. وأن هكذا هى الديمقراطية التى يتشدق بها الليبراليون والنخب ثم ينقلبوا عليها عندما تؤتى ثماراً لا يشتهونها. إن الأغلبية غير مطلوبة فى المجلس القادم لأن "الأغلبية فيه" لن تشكل الحكومة .. وستظل السلطة التنفيذية بيد رأس الدولة يعين ويقيل الحكومة والوزراء. ولذلك استنكر تكالب الأحزاب على المقاعد الفردية رغم أنها ضمنت تواجدها داخل المجلس – رغماً عن الإرادة الشعبية – عن طريق القوائم .. وأرى ضرورة عدم السماح بسيطرة الأحزاب على هذا المجلس حتى نضمن التعددية وتمثيل كل طوائف الشعب. وبما أنه لا سبيل أمام المستقلين للتواجد داخل المجلس إلا عن طريق المقعد الفردى .. فإننى أدعوا الناخبين لمنح المقعد الفردى لأحد المرشحين المستقلين. وأقول لشباب مصر الواعد أنتم فخر لمصر وأملها فى بناء مستقبل زاهر .. ولقد وفقكم الله فى إنجاز ما هو جدير بحماس الشباب وقوته وفتوته. إن المجلس القادم عمره قصير ولن يتعدى سنة واحدة تنتهى باستفتاء الشعب على الدستور الجديد .. وأن مهمته الرئيسية ستنحصر فى اختيار الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وتقنين ما صدر من مراسيم واتفاقيات ... ألخ أثناء الفترة الانتقالية التى حل فيها المجلس .. وهذه المهام يناسبها أكثر الحكمة والخبرة. فلا تتعجلوا قطف الثمار قبل أوانها .. واحذروا نصائح ال"نخب" التى من ظاهرها تحفيزكم لدخول المعترك السياسى ولكن فى باطنها بث التنافس والاختلاف والفرقة بينكم. خذوا وقتكم لتعيدوا تنظيم صفوفكم وتعدوا برامجكم وتفرزوا قياداتكم .. وليكن هدفكم المجلس التالى الذى سيحكم مصر. وأقول لشباب مصر الواعد أن دوركم الوطنى الأهم فى هذه المرحلة هو الاستمرار فى حماية الثورة .. كما أن لكم دور بالغ الأهمية فى الانتخابات التى نحن بصددها وهو فرز المرشحين والتواصل معهم لاختيار وتأييد من ترونهم الأنسب والأصلح لمهمة المجلس القادم. "إن أردت الحقيقة .. نحى جانباً الهوى"