مواعيد مباريات الدوري الإسباني اليوم الأربعاء 25-9-2024 والقنوات الناقلة    ملك الأردن: حجم الفظائع غير المسبوق في قطاع غزة لا يمكن تبريره    مواعيد مباريات الدوري الأوروبي اليوم الأربعاء 25-9-2024 والقنوات الناقلة    نجم الزمالك السابق: «قلقان من أفشة.. ومحمد هاني لما بيسيب مركزه بيغرق»    لاعب الأهلي السابق: «محدش اتفاوض معايا للعودة وحابب أرجع للنادي»    تعرف على موعد عرض مسلسل أزمة منتصف العمر    حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته ضد الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء    «ألماس» كلمة السر.. حزب الله يستعد لمواجهة جيش الاحتلال بريا    برامج جديدة للدراسة بكلية التجارة بجامعة المنوفية    لا أساس لها من الصحة.. شركات المياه بالمحافظات تكشف حقيقة التلوث وتنفي الشائعات المنتشرة على الجروبات    برنامج تدريبي لأعضاء هيئة التدريس عن التنمية المستدامة بجامعة سوهاج    عاجل - القضاء الأمريكي يوجه تهما جديدة للمشتبه به في قضية محاولة اغتيال ترامب    المقاومة الإسلامية في العراق تعلن قصف هدف قرب غور الأردن    محمود الليثي وإسلام إبراهيم يكشفان تفاصيل دورهما في فيلم عنب (فيديو)    وفري في الميزانية، واتعلمي طريقة عمل مربى التين في البيت    الجرام يتخطى 4100 جنيه رسميًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بأكتوبر    أحمد موسى: مصر لها جيش يحمي حدودها وشعبها ومقدراته    وزير خارجية لبنان: حوالي نصف مليون نازح بسبب العدوان الإسرائيلي    تحرك عاجل من كاف قبل 72 ساعة من مباراة الأهلي والزمالك بسبب «الشلماني»    بعد ظهورها في أسوان.. تعرف على طرق الوقاية من بكتيريا الإيكولاي    جولة مرور لوكيل «صحة المنوفية» لمتابعة الخدمات الصحية بالباجور    عمارة ل«البوابة نيوز»: جامعة الأقصر شريك أساسي لتنمية المحافظة وبيننا تعاون مستمر    ريم البارودي تعود في قرار الاعتذار عن مسلسل «جوما»: استعد لبدء التصوير    البحرين وكينيا تبحثان تطوير أوجه التعاون الثنائي في مختلف المجالات    محافظ أسوان يطمئن المصريين: ننتظر خروج كل المصابين نهاية الأسبوع.. والحالات في تناقص    بشرى للموظفين.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للقطاع العام والخاص والبنوك (هتأجز 9 أيام)    خطر على القلب.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول الموز على معدة غارفة    وزير الاتصالات: التعاون مع الصين امتد ليشمل إنشاء مصانع لكابلات الألياف الضوئية والهواتف المحمولة    قطع المياه اليوم 4 ساعات عن 11 قرية بالمنوفية    بعد اختفائه 25 يوما، العثور على رفات جثة شاب داخل بالوعة صرف صحي بالأقصر    غلطة سائق.. النيابة تستعلم عن صحة 9 أشخاص أصيبوا في انقلاب سيارة بالصف    قرار جديد من الكويت بشأن منح وسحب الجنسية    وفاة إعلامي بماسبيرو.. و"الوطنية للإعلام" تتقدم بالعزاء لأسرته    فريق عمل السفارة الأمريكية يؤكد الحرص على دفع التعاون مع مصر    "حزن وخوف وترقب".. كندة علوش تعلق على الأوضاع في لبنان    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    زيادة جديدة في أسعار سيارات جي إيه سي إمباو    محافظ الأقصر: «أي مواطن لديه مشكلة في التصالح يتوجه لمقابلتي فورًا»    محافظ الأقصر ل«البوابة نيوز»: المرحلة الثانية لمبادرة حياة كريمة تستهدف قرى البياضية والقرنة    حال خسارة السوبر.. ناقد رياضي: مؤمن سليمان مرشح لخلافة جوميز    الكيلو ب7 جنيهات.. شعبة الخضروات تكشف مفاجأة سارة بشأن سعر الطماطم    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    رياضة ½ الليل| الزمالك وقمصان يصلان السعودية.. «أمريكي» في الأهلي.. ومبابي يتألق في الخماسية    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الحمل    خلال لقائه مدير عام اليونسكو.. عبد العاطي يدعو لتسريع الخطوات التنفيذية لمبادرة التكيف المائي    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج القوس    حدث بالفن| وفاة شقيق فنان ورسالة تركي آل الشيخ قبل السوبر الأفريقي واعتذار حسام حبيب    مقتل عنصر إجرامي خطر خلال تبادل إطلاق النار مع الشرطة في قنا    هل الصلاة بالتاتو أو الوشم باطلة؟ داعية يحسم الجدل (فيديو)    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأربعاء والأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    لرفضه زواجه من شقيقته.. الجنايات تعاقب سائق وصديقه قتلوا شاب بالسلام    حريق داخل محل بجوار مستشفى خاص بالمهندسين    محافظ شمال سيناء يلتقي مشايخ وعواقل نخل بوسط سيناء    هل هناك جائحة جديدة من كورونا؟.. رئيس الرابطة الطبية الأوروبية يوضح    رسائل نور للعالمين.. «الأوقاف» تطلق المطوية الثانية بمبادرة خلق عظيم    أمين عام هيئة كبار العلماء: تناول اللحوم المستنبتة من الحيوان لا يجوز إلا بهذه الشروط    خالد الجندي يوجه رسالة للمتشككين: "لا تَقْفُ ما ليس لكم به علم"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«زويل»:دورى فى نهضة مصر أراه من باب قوة العلم وليس بالضرورة من خلال دولة الحكم
نشر في المصري اليوم يوم 22 - 07 - 2011

لا يبدو أحمد زويل شخصية عادية بأى حال، ويمكن لمن يلتقيه فى جامعة «كالتك» أن يعلم على الفور أن هذا الرجل هادئ الطباع، ويمضى نهاره فى أبحاث الكيمياء والفيزياء التى حصل عن بعض منها على جائزة نوبل للعلوم، بعد أن استطاع الكشف عن أسرار الفيمتو ثانية، وهى بالنسبة للثانية كما الثانية بالنسبة ل32 مليون سنة، إلى هذا الحد نقل «د. زويل» العالم من حال إلى حال- فهو رجل أقرب لشخصية الأبطال.. هذه المقدمة كتبتها صحيفة «لوس أنجلوس تايمز الأمريكية» لحوارها الذى أجرته الكاتبة بات موريسون مع العالم المصرى الدكتور أحمد زويل.
قالت الكاتبة إن شخصية «زويل» تتجاوز ما تراه عندما تدخل إلى مكتبه فى «كالتك»، فهو شخصية يفتخر بها المصريون الذين ينظرون إليه بإعزاز وتقدير لا مثيل لهما ليس فقط لكونه المصرى الوحيد الحائز على جائزة نوبل فى العلوم، لكنه أيضاً فى عيون أبناء وطنه بطل قومى يسعى لنهضة بلاده من خلال إنشاء ما يعرف باسم مدينة أحمد زويل للعلوم والتكنولوجيا، وهى صرح علمى كبير يتبناه زويل ويحمله على عاتقه.
وأضافت: «زويل» أيضاً، فى الوقت نفسه، يشارك بأفكاره وجهده لإعادة بناء مصر التى تتحول الآن من دولة شمولية إلى دولة ديمقراطية فيما يمثل تجربة جديدة لذلك البلد الذى تمتد حضاراته لقرون وقرون بعيدة فى التاريخ.
وتابعت: ينتمى «زويل» لعالمين، الأول النشأة الأولى وهو عالم الحضارة الفرعونية القديمة الذى كشف سره عندما تم فك طلاسم حجر رشيد وهو الحجر الذى يحتفظ «زويل» بنسخة مقلدة منه فى مكتبه ب«كالتك»، والذى أدى الكشف عن معانى رموزه لربط مراحل تاريخية قديمة بمراحل تاريخية حديثة، وحقق التواصل بين عالمين منفصلين بالضبط كما البروفيسور زويل نفسه الذى يمثل الجسر وحلقة الوصل بين بلد له تاريخ عريق مثل مصر وبلد له الريادة فى التقدم العلمى والتكنولوجى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وفى بلاده الآمال معلقة عليه لينقلها إلى عالم النهضة والتقدم العلمى.. وإلى نص الحوار:
■ هل كنت تتوقع حدوث «ثورة» فى مصر؟
- خلال ال30 عاماً الماضية، لم أتوقف عن التردد على مصر، وفى كل مرة كنت أذهب إليها كنت أنظر لما يدور فيها وأفكر أنه لابد أن شيئاً ما سيقع فى هذا البلد، لقد كان الفساد والانحرافات السياسية يحتل كل شبر فى عصر الرئيس السابق حسنى مبارك، بطول البلاد وعرضها بصورة غير مسبوقة، وكان حال التعليم يتراجع بشدة إذا ما قارنته بالتعليم الذى حصلت عليه فى مصر فى الستينيات من القرن الماضى، وهو كان تعليماً راقياً بالتأكيد، وإلى جانب كل ذلك كانت الفجوة تتسع بين الأثرياء، الذين يتزايدون ثراءً بصورة فاحشة، والفقراء الذين يتزايد الواقعون منهم تحت خط الفقر.
والحقيقة أننى لم أكن أعرف ما الذى سيحدث أو من الذى سيتحرك.. هل هم الشباب أم الفقراء، ولم أكن أستطيع أن أتكهن بالضبط بالشكل الذى كانت ستسير عليه الأمور، هل كانت الثورة ستأتى سلمية أم عنيفة أم ماذا؟.. كنت أتساءل عن طبيعة الدور الذى سيقوم به الجيش أو جماعة مثل الإخوان المسلمين، وفكرت فى كثير من السيناريوهات لكنى لم أكن أتوقع أن تكون هناك تلك الثورة الشعبية السلمية الواسعة.
وعندما اندلعت الثورة كانت سعادتى غامرة قررت أن أدعم الشباب الذين قاموا بها، وكنت أعلم فى تلك اللحظة أن هؤلاء الشباب كانوا ينتظرون ممن هم مثلى أن يساندوا الثورة بالقول الواضح، ولم أتردد للحظة فى أن أتحدث بصراحة ووضوح، وفى لحظات حرجة وعصيبة أن أبعث برسالة من خلال وسائل الإعلام للملايين والملايين من أهلى وأبناء وطنى وأن أقول «إن الوقت قد حان للسيد مبارك لكى يتنحى عن رئاسة مصر».
ثم جئت إلى مصر لكى أشارك فى تأسيس هيئة الحكماء وهى الصياغة التى تلجأ إليها مصر دوماً فى المراحل الصعبة وبالفعل فقد تحركت نحو لقاء المسؤولين والقيادات الدينية، وبالتأكيد قيادات الثورة التى أطلقها الشباب، وقد كان هؤلاء بالذات عازمين على أن الوقت قد حان لإجراء التغيير، وبالفعل فقد كان لهم ما عقدوا العزم على تحقيقه، وبعد 18 يوماً من المظاهرات قرر «مبارك» التنحى وما تلى ذلك هو التاريخ الذى سطره المصريون وأصبح العالم كله يعرفه.
■ كيف كان شعورك فى تلك اللحظات؟
- تدافعت الدموع إلى عينى، فمصر كانت أول ديمقراطية فى الشرق الأوسط منذ عقود طويلة، وكانت النساء المصريات قبل الكثيرين فى العالم منخرطات فى العمل السياسى والعمل العام منذ العقود الأولى للقرن الماضى، إن مصر دولة لها حضارة وتاريخ ولم يكن ينبغى أن تمر بما مرت به وعايشته من معاناة ولا بما شهدته من تراجع.
■ بحسب مارجريت وارنر من «بى. بى. إس» فإن الجلوس معك فى الأماكن العامة فى القاهرة يشبه الجلوس مع أينشتاين وبونو فى نفس الوقت، ودعنى أسألك فى هذا الصدد عن طبيعة الدور المستقبلى الذى ترى نفسك تؤديه من أجل مصر، بما فى ذلك، كما يلح البعض عليك بالسؤال، ربما الترشح لرئاسة الجمهورية؟
- كانت هناك حركة تطالبنى بالترشح للرئاسة بالفعل، لكننى خلصت إلى نتيجة مفادها أن أفضل وسيلة يمكن لى من خلالها أن أدعم مصر فى هذه المرحلة من خلال سبل العلم، إن دعمى لمصر هو دعم العالم والمفكر، لأننى أظن أن أكثر ما تحتاج إليه مصر اليوم هو دور يقوم به شخص من خارج السياق السياسى، وبعيداً عن التباين فى وجهات النظر بين هذه الجماعة السياسية وتلك أو التنافس القائم بين هذا الحزب وذاك.
ويمكن لى، وهذا ما أفضله، أن أساهم ليس من خلال قوة دولة الحكم، لكن من خلال تأثير العلم، حيث أكون قادراً على المشاركة فى تقديم ما يلزم لإعادة بناء المؤسسات اللازمة لتحقيق الاستقلال والديمقراطية ومؤسسات العلوم والبحث، لأن هذا فى رأيى هو الطريق الذى يمكن لمصر من خلاله أن تستعيد مكانتها سواء العلمية أو الثقافية أو السياسية، وهنا يجب أن أؤكد أن هذا ليس بجهد فردى أتحدث عنه لكنه جهد جماعى يمكن لى بالتأكيد أن أشارك فيه وبفاعلية.
■ مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا التى تسعى اليوم لبنائها كنت قد أطلقت الدعوة لها والعمل على إنشائها عقب فوزك بجائزة نوبل عام 1999، أليس هذا صحيحاً؟
- نعم عقب تسلمى الجائزة توجهت لمصر والتقيت بالسيد مبارك وقلت له إن أكثر ما تحتاج إليه مصر فى رأيى هو نهضة علمية حقيقية وتطوير كامل لنظام التعليم، ثم عرضت عليه المشروع، وبحسب ما رأيت فى حينه فقد أصدر السيد مبارك تعليماته ليتم العمل على تنفيذ مقترح المشروع الذى تقدمت به.
وحقيقة الأمر أنه بعد 12 عاماً أمضيتها محاولاً يمكن لى القول إننى نجحت فى نشر الفكرة بين المصريين، حيث أصبح هناك الكثيرون يؤمنون بحتمية تحقيق النهضة العلمية للخروج من دائرة الظلمات التى وقعت فيها البلاد وإن كنت فشلت للأسف فى اختراق خطوط البيروقراطية الحصينة للبدء بالفعل فى المشروع، وأظن أن التفاف الناس حولى أثار غيرة البعض أو ربما أن البعض خشى أننى قد أكون مرشحاً للحصول على مواقعهم، وهنا بدأت كل الحيل للتلكؤ والتأجيل والمماطلة.
لكن هذا الوضع تغير بعد الثورة ومؤخراً قررت الحكومة العمل على بدء إنشاء مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وأنا سعيد جداً، بأننا وصلنا إلى مرحلة أصبح الجميع فيها يدرك أن اللجوء للعلم والتكنولوجيا هو الطريق لإخراج البلاد مما هى فيه.
إن المسائل السياسية للأمة فى هذه اللحظة بالغة التعقيد وكذلك الأمور الاقتصادية، وليس من سبيل لحلها فى وقت قصير أو خلال بضعة شهور، وأما الهدف الذى أسعى إليه فهو مشروع قومى تلتف حوله الأمة كما كان الحال مع بناء السد العالى فى الستينيات.
وأنا أجد أن هذه الفكرة تلقى الكثير من الحماس والبعض بدأ يتقدم بأموال للإسهام فى إطلاق المشروع، وأنا هنا لا أتحدث فقط عن الأغنياء لكن عن أناس ليسوا على أى قدر من الثراء بدأوا بالفعل التبرع بما يستطيعون من جنيهات قليلة لإطلاق هذا المشروع.
هذا المشروع يجب أن يكون محل اهتمام الجميع فى الداخل والخارج، ويجب أن يلقى الدعم الواجب من الدول الصديقة لمصر مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى والصين ودول أخرى، وأظن أنه لو سارت الأمور على ما يرام يمكن لنا فى مدة قصيرة أن نرى ثمار الصرح العلمى الجديد.
■ يبدو أن الهدف الذى تسعى إليه هو أن يتوقف الطلاب المصريون عن التوافد على الجامعات الأمريكية للحصول على درجات علمية عالية؟
- بالطبع يمكن لهم أن يأتوا لزيارة «كالتك» و«إم. آى. تى» وغيرهما من الجامعات لكن سيكون عليهم دوماً أن يجعلوا من أوطانهم مقراً لعلمهم وتعلمهم وإسهاماتهم العلمية، ويمكن أن نقول إننا نود أن نكون مثل مؤسس كالتك روبرت ميلكان الذى أسهم فى تحقيق نهضة علمية واسعة فى بلاده، لكن فى الوقت نفسه فإننى لا أسعى لأى منصب سوى رئيس مجلس الأمناء لهذا الصرح العلمى، وما أريد أن أقدمه هو الرؤية اللازمة لإطلاق المشروع ووضعه على الطريق السليم.
■ فى الكلمة التى ألقيتها بمناسبة حصولك على جائزة نوبل قلت إن المصريين كانوا سيحصلون على معظم الجوائز لو أنها كانت تمنح قبل بضعة آلاف من السنين، والسؤال اليوم هو ما الذى حل بهذا الجزء من العالم، وما الذى حل بالدول العربية التى خرج منها مؤسسو العلوم وأصحاب النظريات العلمية؟
- يجب القول إن الرد على هذا السؤال بالغ العمق ويحتاج للكثير من الشرح والحديث، ولكن ما يمكن أن أقوله لك إن المدينة التى أتيت منها، مدينة الإسكندرية، كانت بها مكتبة ليس كمثلها فى العالم كله، يمكن أن تصفها بأنها كانت «كالتك» العالم القديم، وارتادها علماء مثل أرشميدس «ويوكلد» وغيره كثيرون، لكن شيئاً ما تغير بصورة سلبية وبدلاً من استمرار الحضارة وتصاعدها انتهت هذه الحضارة وهبطت كما حدث مع العديد من الحضارات العريقة من الرومان، للإغريق ولكثير من الإمبراطوريات مثل الإمبراطورية البريطانية وغيرها.
لكن هذا حديث يطول شرحه، وفى كل الأحوال فإنه خلال المئتى عام الماضية، مرت مصر بمراحل من التطور والنهضة، وأنا هنا أتحدث على وجه التحديد، عما كانت عليه مصر فى القرن التاسع عشر وقت أن كان محمد على يعمل على تحقيق نهضة جديدة، وبالفعل كان هناك الكثير من الاستثمارات فى مجالات التعليم والعلوم، وعندئذ كانت مصر دولة رائدة فى المنطقة كلها فى مجالات الثقافة والعلوم وحتى قيام ثورة 1952، وعندما تولى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فقد كانت لديه النوايا الصادقة لتحقيق تنمية شاملة فى مصر حتى وإن لم يكن من المؤمنين فعلاً بدور الديمقراطية فى نهضة الأمم، ويجب هنا أن نعترف بأنه خلال العقود الستة التالية فقدت مصر كل مؤسساتها الديمقراطية الواحدة تلو الأخرى.
■ هل تعتقد أن الجماعات الدينية الراديكالية يمكن أن تمثل عائقاً أمام نهضة مصر العلمية والتكنولوجية التى تحلم بها لمصر؟
- أنا أتفهم أن لهذا الأمر أهمية خاصة بالنسبة للنظرة الغربية لمصر، لكن دعنى أقل لك ليس هناك فى الإسلام الحقيقى أى شىء يمكن بحال أن يتعارض مع السعى للعلم والمعرفة، وإلا لما كانت الحضارة الإسلامية، منحت العالم أكبر الأسماء فى مختلف مجالات العلم بينما كانت أوروبا مازالت أسيرة لعصور الظلمات، كما ينبغى أن أضيف أنه فيما يتعلق بالمشروع الذى نحن بصدده فإننى لم أجد معارضة له من أى من قوى التشدد بما فى ذلك التى لها آراء سياسية أو دينية محافظة أو حتى متطرفة، وفى كل الأحوال فإن التطرف موجود فى كل المجتمعات سواء مصر أو الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرهما.
■ إذن، أنت ترى أنه لو تحققت الديمقراطية لمصر فإن كل شىء ممكن؟
- هذا صحيح، لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت لأننا كان لدينا رئيس أمضى 30 عاماً فى رئاسة مصر ونتطلع إلى دستور جديد ينبغى علينا صياغته وهو مازال محلاً للنقاش والجدل، لكننا توصلنا لبعض الصياغات حول تحديد مدد الحكم لمن يتولى الرئاسة وهذا فى حد ذاته يمثل نقلة كبرى لمصر تكاد تكون الأولى منذ حكم الفراعنة.
■ ما نقاط التخوف المتبادلة بين مصر وأمريكا فى رأيك؟
- أظن أن الأمريكيين بصفة عامة ينظرون لمصر نظرة إيجابية بوصفها دولة ذات حضارة رائدة، حتى وإن لم يتم تصوير ذلك بدقة من خلال وسائل الإعلام، التى أحياناً ما تذهب إلى وصم العرب والمسلمين كلهم بالعنف، وتدعو للتحسب من الإسلام وأتباعه، وذلك فى رأيى جزء من تقليد سلبى ننتهجه أحياناً فى هذا البلد حيث البحث بشكل دائم عن عدو ما، وأنا هنا لا أنفى أن هناك من بين المسلمين من هو متطرف، لكن ذلك هو الحال بالنسبة لأتباع كل الديانات سواء الإسلام أو المسيحية أو اليهودية، فهناك دوماً المتطرف بينهم.
فى الوقت نفسه أعتقد أن المصريين فى المجمل ينظرون نظرة إيجابية إلى الأمريكيين والولايات المتحدة الأمريكية حتى وإن كانت لديهم تحفظات على سياساتها فى بعض الأحيان.
■ قلت يوماً إن العلم دون الدين سيكون فاقداً للإنسان الروحى، والدين دون علم سيكون فاقداً للعقل الإنسانى.. لكن الحقيقة أن كثيراً من العلماء لا يتبعون ديناً بعينه.. هل ترى أنك تمثل الاستثناء؟
- لا أظن ذلك، وأن إحصاء حديث يخبرنا إن نحو نصف العلماء لهم معتقد دينى ما، وبلايين البشر فى العالم كله لهم معتقد أو آخر يتبعونه، ولا أظن أننى كعالم يمكن أن أقول لهؤلاء إنكم أغبياء، فإذا كان الجمع بين الدين والعلم يفتح أبواباً نحو تحسين حياة البشر، فإن ذلك فى رأيى يمثل نعمة كبيرة يمكن بالتأكيد الاستفادة منها، وفى كل الأحوال لا داعى لأن نتشبث برأى ونرفض الآخر، وأن نصر على أن العلم وحده لديه الحل لكل مشاكل العالم لأن الجانب الروحى - بما فى ذلك الدين - له أهمية قصوى.
■ كتبت فى لوس «أنجلوس تايمز» أن العلم هو القوة الناعمة لهذا البلد ومع ذلك فأنت قلق بصورة ما حول مدى اهتمام الإعلام والرأى العام بالعلم؟
- لا يمكن لأحد أن ينكر أن العلم والاقتصاد هما سر قيادة الولايات المتحدة الأمريكية لعالم اليوم، لكننا فى الوقت نفسه لا نعنى بما يكفى بنقل العالم إلى مساحة اهتمام الرأى العام ذلك رغم أن أمريكا تقوم نهضتها بالأساس على العلم والتكنولوجيا.
وهناك مشكلة أخرى أن اهتمام الأمريكيين بتحصيل العلوم والتخصص فيها يبدو متراجعاً عما كان عليه الحال قبل ذلك، هذا أمر مقلق لأننى مقتنع بأنه إذا ما أرادت الولايات المتحدة الأمريكية الاحتفاظ بوضعيتها كدولة رائدة وقوية فى العالم فسيكون عليها دوماً الاستثمار فى العلم والتعليم، لأنه لو تراجع هذا الاستثمار فستكون تلك للأسف بداية النهاية.
■ لكن السؤال الذى كثيراً ما يطرحه الأمريكيون حول الأبحاث العلمية النظرية هو: ما فائدة هذه الأبحاث وما جدواها الحقيقية؟
- الإجابة عن هذا السؤال لها شقان الأول منه هو أنك إذا أردت أن تتوقف عن إنتاج العلم فإنك ستقع فى عصور الظلمات، لأن العلم والمعرفة فى حد ذاتهما يمكن أن يغيرا نظرة الإنسان للأشياء ليراها مهمة وجميلة.
أما عن الشق الآخر للسؤال فهو أن أى عالم، بمن فى ذلك الذين فازوا بجائزة نوبل، لا يكون لديه من القدرة أن يتوقع ما الذى سوف ينتج من البحث العلمى، انظر على سبيل المثال للأشعة المقطعية التى تستخدمها اليوم جميع المستشفيات، لقد كان بحثاً علمياً بسيطاً وراء الوصول إليها بما لها من تأثير بالغ الأهمية بالنسبة للخدمة الصحية التى يتلقاها الكثيرون، ولا أظن أنه ينبغى لنا أن نقول إننا نقوم ببحث ما لأننا نعلم ما الذى سنصل إليه.
■ أنت تعنى بدراسة الفيمتو - كيميا، أو ما يمكن إيجازاً وصفة بالتفاعلات الكيميائية بالغة السرعة، ما الذى تعمل عليه الآن؟
- إن المرحلة الحالية من حياتى العلمية هى مرحلة بالغة الإثارة لأن الأبحاث التى نلت عنها جائزة نوبل كانت معنية بالرصد الزمنى لحركة الذرات وترابطها وانفصالها أما الآن فقد توصلنا إلى رؤية ميكروسكوبية للأبعاد الأربعة للمادة فى الزمان والمكان، فعلى سبيل المثال لقد قمنا بعمل وتصوير بيانو بحجم النانو أى واحد على بليون من المتر ورؤية كل المفاتيح وهى تعمل فى نغمات مختلفة وكذلك الحال بالنسبة للبروتين أو الخلية الحيوية.
■ هل يمكن أن أرى نانو - بيانو؟
- دعنى أطلعك على جهاز الكمبيوتر الخاص بى ما يمكن وصفه ب«النانو - هارب» حيث ترى كل الأوتار وتستطيع التحكم فيها وتحريكها لتعزف لك ما تريد، بما فى ذلك النشيد الوطنى المصرى من خلال ملايين التحركات.. أليست هذه فكرة رائعة؟
مصريون نفخر بهم
قليلة هى المرات التى تكون فيها الأفعال عظيمة بما لا يدع لدينا قدرة على التعبير عما يجيش فى الصدور والعقول.. ومن ثم فإنه لا يسعنى إلا أن أعبر عن شكرى وامتنانى للشعب المصرى العظيم من صغار وأمهات وآباء يتبرعون بما يقدرون عليه لهذا العمل الوطنى.. انطلاقاً من ثقتهم فى شخصى وإيماناً بأهمية النهضة العلمية للبلاد وهنا أخص بالشكر الدكتور محمد العريان وهو من أبناء مصر فى الخارج والدكتور حسن عباس حلمى وهو من رواد صناعة الدواء فى مصر، ونجله يشار الرئيس الفخرى للجالية المصرية فى رومانيا، لما قدموه من تبرعات سخية لمشروع مصر المستقبل، هؤلاء مصريون نفخر بهم وسوف يذكر لهم التاريخ هذا العمل الوطنى النبيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.