تعد مدرسة الناصر محمد بن قلاوون، إحدى روائع المنشآت، التى يزدان بها شارع المعز لدين الله الفاطمى، وقد وصفها المقريزى بأنها من أجلّ المبانى بالقاهرة، حيث تتميز عن بقية منشآت عصرها بمدخلها المصمم بشكل جمالى على الطراز القوطى، وهو ما كان تصميما غريبا على مصر فى ذلك الزمان، حيث صنع المدخل من الرخام، الذى تم نقله على يد الأمير علم الدين سنجر الشجاعى، من كنيسة سان جان فى عكا بعد أن تم فتح المدينة عام 1290 ميلادية، وبالإضافة إلى ذلك فإن الباب نفسه مزين بمئذنة مزخرفة، مما يعطى لمدخل المدرسة التميز المعمارى، ويقود الباب المزخرف إلى داخل المدرسة، التى يقال إن الناصر محمد بن قلاوون دفن ابنه بقبة فى داخلها، بجانب رفات والده الذى تم نقله إلى القبة ذاتها لتجمع المدرسة بين الجد والحفيد. ورغم أن المدرسة تحمل اسم قلاوون منذ البداية وحتى الآن، فإن نشأتها لم تكن على يد صاحبها المسماة باسمه، لأن الذى بناها هو السلطان العادل زين الدين كتبغا المنصورى، أحد مماليك المنصور قلاوون، الذى تولى مقاليد الحكم فى مصر بعد خلع الناصر محمد بن قلاوون من الحكم، وأتمها الملك المخلوع بن قلاوون، بعد عودته مرة أخرى عام 1299، وفرغ منها عام 1303 لتكون إحدى منارات العلم فى ذلك الوقت، حيث ألحق بها أيضا مكتبة ضخمة، وكانت تدرس فيها جميع العلوم الدينية. ومع مرور الزمن فقدت المدرسة، التى تنتمى إلى عصر المماليك البحرية، الكثير من مكوناتها المعمارية المميزة، ولم يتبق منها إلا إيوانان فقط.