الخوف هو واحد من الأحاسيس الإنسانية الكثيرة التي نشعر بها، والمبالغة في الخوف أو عدمه قد تؤدي بنا إلي نتائج درامية خطيرة . وأنبل أنواع الخوف هو خوف الأم علي صغارها ... خوف لا يهدف إلا لحمايتهم ... خوف غريزي عجيب يجعل الأم أحيانا تشعر بحال الصغير حتي وإن لم تكن معه في نفس المكان ... سبحان الله! فنري أحيانا أما تخاف بشدة علي صغيرها فتحبسه وتمنعه من اللعب مع أقرانه خشية أن يصيبه سوء ظنا منها أنها تحفاظ عليه وعلي سلامته لكنها ربما لا تدرك أنها تمنعه من أشياء أخري كثيرة أولها خوض التجربة التي يمكن أن تصقل شخصيته وتنضجها، وأم ثانية تترك لصغيرها الحرية ليمرح بلا حساب وهي غير عابئة أو مكترثة لدرجة نري معها أن ذلك يجاوز حد الأمان وقد نتهمها سرا أو جهرا بالإهمال في حق الصغير وأنها لا تعرف قيمته إلي غير ذلك مما درج عليه مجتمعنا من مقولات، وبين تصرف الأم الأولي والثانية تقع تلك المساحة من الوسطية والاعتدال لمعظم الأمهات اللائي يستطعن بفطرتهن الموازنة بين الأمور لما فيه صالح الصغير. فنري تلك المعتدلة إذا مرض صغيرها لا تفتح النوافذ كلها دفعة واحدة بعد أن طال إغلاقها وتسمم الهواء لأنها إن فعلت ذلك ودخل الهواء الجديد كله دفعة واحدة فلن يصح الصغير بسرعة أكبر ... لكنه ربما يصاب بصدمة الهواء الجديد الذي لم يعتد رائحته وانطلاقته فيزداد المرض وهي تعرف ذلك بفطرتها، فتقوم بفتح النوافذ تدريجيا حرصا علي حياته وسرعة شفائه، ولا تلجأ للمبالغة في احكام غلق النوافذ حتي لا يزيد تلوث الهواء فيزيد مرض الصغير العزيز فتصل الأمور إلي مالاتحمد عقباه. إن الاعتدال الذي وضعه الله في غريزة الأم هو مانحتاجه تحديدا هذة الأيام هو تلك الوصفة السحرية التي تكفل لنا الوصول إلي بر الأمان لانبالغ في خوفنا ولا نستهين بأمرنا لأنه حقا أمر عظيم جلل ولأننا بالفعل نشهد تاريخا يكتب ومصائر تتشكل ونهايات قد تتغير. فما بين داعي لحرية مطلقة منعدمة الضوابط وآخر يبغي انغلاقا كاملا سعيا وراء الحماية والأمان تقع الوسطية المطلوبة والتي طالما شكلت النسيج الأساسي في هذا الوطن علي مر التاريخ. فلم تكن مصرا أبدا موئلا للتطرف ناحية اليسار أو اليمين لكنها كانت دائما ذات طابع معتدل وهو ما يكسبها روحها وجاذبيتها وطابعها الخاص. فيا أيها المصريون، مصرأمانة بين أيديكم ... فلأول مرة كلنا مسئولون عن أنفسنا وعن اخواننا ... الكل مسئول عن الكل ... الكل فعله مؤثر ... الكل في واحد ... وفي النهاية الكل ... مصريون، فالاعتدال يا مصريين ... الاعتدال!