يحكي عن اتفاق بين أسد وقرد في إحدي الغابات بأن للقرد العهد والأمان وأن الأسد لن يقدم علي افتراسه ما عاش أو افتراس أي من عشيرته، إذا دله علي مجري النهر وساعده في الوصول إليه لإنقاذ الغابة من الموت عطشا علي ألا يحاول القرد الإستئثار بمعظم الماء من مصب النهر حيث تسكن عشيرة القردة، وفي خضم سعادة القرد بأن يعيش في أمان هو ونسله من بعده، وأن يصبح مقربا من الأسد هو وعشيرته، نسي القرد أن الطبيعة لها أحكام لا تتغير وأن الأسد يمكن أن يفترس قردا إذا أراد! وخصوصا إذا خالف القرد الإتفاق وأعطي للأسد سببا وجيها لذلك مهما كان ذكاء وسعة حيلة هذا القرد ! وأنه كم من قرود سكنت بطون أسود منذ الأزل وحتي تقوم الساعة! أخطأ القرد التقدير للأسف! أما في عالم الإنسان فالخطأ في التقدير يحدث أحيانا كثيرة أيضا... نعم بلا شك! بل إن الإنسان بطبيعته خطاء وفي حديث سيد الخلق أجمعين عليه أفضل الصلاة والسلام يقول"كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" . لكن هل يمكن احتراف الخطأ؟! هل يمكن أن يصبح الخطأ جزءا لا يتجزأ من نسق التفكير؟! والأغرب هل يمكن أن يُدمن فيُكرر علي نفس الوتيرة وبنفس الخطوات وكأنه قد أصبح هدفا أقسم صاحبه ألا يتوب عنه أبدا فهذا هو العجب العجاب! ولن اتمادي في هذا الوصف العام المُجَّهَل فأنا أعني جماعة الإخوان المسلمين التي دأبت علي تكرار الأخطاء كما يشهد التاريخ وكما نري هذة الأيام. لقد احترف الاخوان عدة أخطاء قاتلة أولها أن مصلحة الجماعة قبل مصلحة الوطن وثانيها والمرتبط ارتباطا وثيقا بأولها هو التقرب للحاكم علي أمل الحصول علي ميزات خاصة فلا يلبث الحاكم "بعد أن تظهر نواياهم الحقيقية في التحكم في الأمور" لا يلبث أن ينقلب عليهم وينكل بهم وقد حدث ذلك في كل العهود السابقة منذ ماقبل ثورة يوليو وحتي عهد المخلوع. فما أشبه الليلة بالبارحة! فجماعة الإخوان كانت هي القوة الوحيدة التي أعلنت تأيدها لثورة يوليو بعد ثلاثة أيام من إندلاعها وبعد خروج الملك! أما في الحاضر فقد أعلنوا إمتناعهم عن النزول في بيان الرابع والعشرين من يناير حتي لا يكدروا الشرطة في عيدها!!! ثم لحقوا بعد ذلك بالقطار عندما اكتشفوا أنه القطار الرابح هذا لا ينفي ما قدموه من تضحيات خاصة في يوم موقعة الجمل وقبل أن تتسرع عزيزي القارئ معتقدا أنني أنتقص من حقهم إنني فقط أحاول إجراء هذة المشابهة الغريبة بين الحاضر والماضي وأجدها متطابقة بطريقة تستعصي علي الاستيعاب وكأنها خطوات معدة مسبقا لايمكن الحيد عنها؟! كانت الجماعة أيضا أيام ثورة يوليو تحضر المؤتمرات الشعبية لمجلس قيادة الثورة بكثافة لإظهار مدى قوتها، واليوم يقرر الإخوان متي ينزلون إلي الميدان لإظهار قوتهم علي الأرض وكثرتهم العدديه فيقررون أي جمعة تفشل وأيها تنجح من وجهة نظرهم!!! إلي غير ذلك الكثير من التشابهات بين الماضي والحاضر الكثير والكثير الذي لا أريد الاسترسال فيه فمعظمنا يعرف التاريخ ويحفظه عن ظهر قلب، ولكنني أصبحت أخشي أن نصل إلي اللحظة الحاسمة التي سينقض فيها الأسد علي القرد عندما يتمادي اعتمادا علي الإتفاق ناسيا "شروط الاتفاق" فيصل به الغرور لأن يعتقد أن الأسد سيتركه يعبث بمقدرات الغابة كلها، ويبدو أن اللحظة آتية لامحالة مهما حاول القرد بذكائه أن يؤجل المواجهة مع الأسد! بقلم: ريم عمر