هذا عالم يتحرك باستمرار حتى لتشعر أنه لا يقف، خاصه بعد الثوره ويتجدّد باستمرار حتى تشعر أنه في اللحظة الثانية غير اللحظة الأولى .. وهذا عالم يثير في كل يوم وفي كل حدث ألف مشكلة ومشكلة، تخترق في الإنسان المصرى أمنه السياسي والروحي والثقافي والاقتصادي والأمني، لأنه عالم يحرّك عقله في مناخ الجنون، ويبعث بجنونه حتى يدفع بالبعض إلى اللاعقل.. قامت الثوره فالله عز وجل ،أراد لنا أن نملأ مصر بالحق والخير والعدل وبما ينفع الناس وأن نعطي بلادنا جرعةً من العقل والوعي، لأن إعطاءها جرعةً من الجنون و معنى أن تقام الثوره فى عمرنا، هى جزءاً من هذا العمر عشنا مسؤوليته وسنتحمّل مسؤوليته، ولأن الله تعالى سوف يحاسبنا على كلِّ ما أسلفناه في هذه الوقت، لأنّه سوف ينعكس سلباً أو إيجاباً على المستقبل الذي يُصنع في الماضي والحاضر، ولذلك يمثل قرارنا عندما يمس بلادنا فهو من أخطر القرارات، لأنه سيصنع مستقبل اخرون ولذلك لا ينبغي لنا أن نرمح دون وعي وتأمل وتفكير لذا علينا أن نفهم ان افعالنا وأراءنا اساس لمسيرة هذا جيل جديد نحو المستقبل يضع أقدامه في اهتزازات الحاضر في عملية مثقلة بالأعباء إن الأزمة عندنا ليست أزمة اقتصادية فحسب، بل هي أزمة أخلاق، فهل أن الهدر ينحصر في الجانب الاقتصادي فقط، وهكذا في أمور الفساد والإثراء غير المشروع واختزال كل منا لطائفته!! نحن الآن يوجد عندنا عادات وتقاليد وأفكار، لربّما كان السابقون معذورين فيها أو غير معذورين، لكن لا يجوز لنا أن نتّبعها لمجرد أن آباءنا كانوا عليها، {أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون{أولو جئتكم بأهدى ممّا وجدتم عليه آباءكم}فقيمة الإسلام تتمثل في ما أعطاه الله للإنسان من عقلٍ حرّ، وقال له استعمل حرية عقلك وتحمَّل مسؤوليته، وغداً سيسألك الله عمّا صنعت بهذه الحرية، ومشكلة هؤلاء الناس أنهم أغلقوا عقولهم ولم يفكروا في ما كان عليه آباؤهم هل هو حقٌّ أم باطل. وهذا أمر موجود عندنا في مصربل ونتصارع على اثبات صواب هذه الافكار وعندها تنطلق القضية إلى حجم أكبر و هبّ انك تملك الحق في نظرك ولكن لماذا لا تفكر ان الآخر قد يملك وجهة نظر اخرى قد تضيء لك وجهة نظرك فتوسعها وقد وتقلب لك وجهة نظرك، وكم من المفكرين من كانوا يؤمنون ببعض الأفكار التي بنوا كل كيانهم الفكري عليها ولكنهم اكتشفوا من خلال حوار أو تأمل آخر الخطأ فعادوا عما كانوا عليه.. أن الله قد وهب كل إنسان العقل وزوَّده بكل العناصر التي يمكن أن يصل من خلالها إلى الحقيقة، وهيأ له كل الوسائل التي تمكنه من على أن ينمّي عقله ويقوّيه ويحركه في الاتجاه السليم، فعقل والدك شيء وعقلك شيء آخر، وعقل والدتك شيء وعقلك شيء آخر، لا تستعبد عقلك لعقول الآخرين، ضم عقلك إلى عقولهم، وفكّر معهم، ولا تدع عقلك ينحني لعقول الآخرين لأنهم قالوا ذلك، بل لأنك اقتنعت بذلك، وعندما نسمع من الآخرين علينا أن نقتنع ونتبعهم إذا اقتنعنا، أمَّا إذا لم نقتنع، فعلينا أن نرى ما هو الذي يقنعنا. لذلك أعطانا الله عقلاً، وقال للإنسان إني سأحاسبك يوم القيامة على أساس قناعاتك، وعندما تكون وحدك بعيداً عن والدك ووالدتك وعائلتك وجماعتك، فلا أحد يأتي معك: {وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً} (مريم/95) {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها} (النحل/111)، فأنت عليك أن تدافع عن نفسك بحسب قناعاتك، والله تعالى سيسألك عن الأساس الذي انطلقت منه... ولماذا أيدت أو رفضت. نحن نعرف ان اللغة التي نتداولها في واقعنا التكفير والتضليل بين المذاهب المتعددة وربما داخل المذهب الواحد، كل ذلك لأننا نخاف من الحوار ولأن كلاً منا يريد ان يبقى مختنقاً في داخل ذاته، لقد سجنّا انفسنا في الدائرة المذهبية والطائفية والحزبية وأضعنا المفتاح، ولذلك استبدلنا الفكر بالتخلّف والإلتزام بالعصبية.. فلماذا لا يتحدثون مع بعضهم عن الوطن؟! لماذا يبقى الحديث عن حقوق هذه الطائفة وتلك الطائفة بعيداً عن مسألة الوطن؟! لماذا لا نحدّد المصطلحات؟ فالكل يقول: إن مشكلتنا أنه ليس هناك وفاقٌ وطني، وأنا لا أفهم ما هو مصطلح الوفاق الوطني عند كل هؤلاء؟ والسؤال ما هو الوفاق الوطني؟ هل أن يكون لهذه الطائفة أو تلك أكثر يه _أن يكون للوطن وهو لكل الطوائف مكان في النفوس؟! كيف يمكن للوطن أن يبني مصانعه، ويُمَكْنِن مزارعه، وينتج الحلول لمشاكله؟ الوفاق الوطني الحقيقى هى ان تأخذ الطوائف حقوقها عندما يأخذ الوطن حقه، أما عندما تأخذ الطوائف حقوقها فإن الوطن هو الذي يخسر، وعند ذلك سوف يتحوّل الوطن إلى أوطان. لذلك نجد أن كل هذه المجالس المنتشرة هنا وهناك تمثلنفسها ، تحاول من خلالها كل طائفة أن تجمع سياسييها ورجال دينها ومثقفيها ليبحثوا في منطقة لهم، ولا يجوز للسياسيين الآخرين من الطائفة الأخرى أن يزحفوا إليها علينا ان ننطلق لنعتبر ان هناك فكراً يحاور فكراً لا ان هناك ذاتاً تفترس ذاتاً هنا وهناك، وهذا هو الذي يمكن ان يفتح لمصرنا باب التطوّر الفكري والتنوّع السياسي ويمكن ان يوحّدها فكلنا نتطلب الوحدة سواء الوحدة الوطنية والاسلامية والدينية والقومية، وما أكثر الوحدات التي نطلقها كشعارات ويبقى التمزق، لأن وسائلنا في حركة هذا التنوع هي وسائل العنف بالكلمة وبالموقف وفي ساحة الصراع الذي يصل الى العنف بالسلاح وعندها سيخسر الكل ...وينهار الجميعا