قررت الولاياتالمتحدة تشديد العقوبات ضد إيران، وإرسال قوات ومعدات ذات طابع دفاعى إلى الشرق الأوسط، مع تأجيل ضربة عسكرية لبعض الأهداف الإيرانية، ردّاً على هجمات استهدفت منشآت نفطية فى السعودية وحمّلت واشنطن مسؤوليتها لطهران التى نفت ضلوعها بذلك. ووافق الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على إرسال قوات أمريكية إضافية لتعزيز دفاعات السعودية الجوية والصاروخية بعد الهجمات على منشأتى نفط بالمملكة. وقال وزير الدفاع الأمريكى، مارك إسبر: «منعا لمزيد من التصعيد، طلبت السعودية مساعدة دولية لحماية البنية التحتية الحيوية للمملكة، كما طلبت الإمارات مساعدة أيضا». وأوضح أنه استجابة لهذين الطلبين «وافق الرئيس على نشر قوات أمريكية ستكون دفاعية بطبيعتها وتُركز بشكل أساسى على سلاح الجو والدفاع الصاروخى». ولم يتم بعد تحديد عدد القوات ونوع المعدات التى ستُرسل، لكن رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال، جو دانفورد، أوضح، فى مؤتمر صحفى فى البنتاجون، أن الجنود الذين سيتم إرسالهم فى إطار التعزيزات لن يكونوا بالآلاف. واجتمع ترامب مع مجلس الأمن القومى الأمريكى ووزير خارجيته، مايك بومبيو، ووزير الدفاع، مساء أمس الأول بالتوقيت المحلى الأمريكى، للبحث فى مختلف الخيارات، بما فيها الخيار العسكرى، للرد على الهجمات التى استهدفت منشأتى نفط سعوديتين، وألقت واشنطن المسؤولية عنها على طهران التى نفت بدورها أى ضلوع لها بذلك. وكانت تقارير إعلامية قد ذكرت، فى وقت سابق، أن البنتاجون ينوى إرسال بطاريات مضادة للصواريخ وطائرات مسيرة ومزيد من الطائرات المقاتلة إلى المنطقة، وتدرس الولاياتالمتحدة أيضا الإبقاء على حاملة طائرات بالمنطقة لأجل غير مسمى. وقال ترامب إن ضبط النفس عسكريا الذى أبداه أظهر حتى الآن «قوة»، مع فرضه بدلا من ذلك سلسلة أخرى من العقوبات الاقتصادية على إيران. وأضاف للصحفيين فى البيت الأبيض: «إن أسهل شىء يمكن أن أفعله أن أقول نعم امضوا قدما.. دمروا 15 موقعا رئيسيا مختلفا فى إيران.. لكنى لا أتطلع لفعل هذا الشىء، حتى وإن كان ذلك بوسعى». وأعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (أوفاك) التابع لوزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على البنك المركزى الإيرانى وصندوق التنمية الوطنى الإيرانى وشركة «اعتماد تجارت بارس»، بسبب تقديم كل تلك المؤسسات الدعم المالى للإرهاب. وأوضح وزير الخزانة الأمريكى ستيفن منوتشين أنّ الأمر يتعلّق باستهداف «آخر مصدر دخل للبنك المركزى الإيرانى والصندوق الوطنى للتنمية، أى صندوقهم السيادى الذى سيُقطع بذلك عن نظامنا البنكى». وأضاف: «هذا يعنى أنّه لن تعود هناك أموال تذهب إلى الحرس الثورى» الإيرانى «لتمويل الإرهاب». ويخضع صندوق التنمية الإيرانى لإشراف المرشد الإيرانى على خامنئى، وهو صندوق الثروة السيادية فى البلاد ويضم مجلس أمنائه الرئيس الإيرانى ووزير النفط ومحافظ البنك المركزى، وكان مصدراً رئيسياً للعملة الأجنبية لتمويل الحرس الثورى ووزارة الدفاع الإيرانية والدعم اللوجيستى للقوات المسلحة. أما شركة «اعتماد تجارت بارس» التى تتخذ من إيران مقراً لها، فتستخدم لإخفاء التحويلات المالية للمشتريات العسكرية، بما فى ذلك الأموال القادمة من صندوق التنمية. فى المقابل، اعتبرت إيران أن لا جديد فى تلك العقوبات، على الرغم من أنها المرة الأولى التى يصنف فيها بنك مركزى على لائحة العقوبات الأمريكية. ونقلت وكالة تسنيم للأنباء عن عبدالناصر همتى، محافظ البنك المركزى الإيرانى، قوله إن الخطوة الأمريكية بفرض عقوبات على البنك للمرة الثانية وبتهم جديدة تظهر فشل واشنطن فى إيجاد سبل جديدة للضغط على طهران. وقال همتى: «إن عودة الحكومة الأمريكية لمقاطعة البنك المركزى تظهر أنهم لم يجدوا شيئا فى البحث عن سبل جديدة للضغط على إيران». وأعلن وزير الخارجية الأمريكى، مايك بومبيو، أن الحزمة الأخيرة من عقوبات بلاده ضد إيران تأتى بهدف إجبار طهران على دفع ثمن الهجوم على شركة «أرامكو» السعودية. ووصف بومبيو، فى بيان للخارجية الأمريكية، الهجوم الذى استهدف قبل أسبوع معملين ل«أرامكو» بأنه كان «محاولة فاشلة لتخريب الاقتصاد العالمى» و«عملا عدائيا مركبا فى تخطيطه ووقحا فى تنفيذه»، قائلا إن جميع الأدلة تشير إلى وقوف إيران وحدها وراء الاعتداء، رغم محاولات طهران «العلنية» التهرب من المسؤولية عبر تحميلها إلى أطراف أخرى. وقال بومبيو: «مهاجمة دول أخرى وتخريب الاقتصاد العالمى له ثمن، ويجب ملاحقة النظام فى طهران من خلال العزلة الدبلوماسية والضغط الاقتصادى»، متعهدا بأن حملة الضغط القصوى الأمريكية ستستمر فى تكثيف الضغط على إيران «ما لم تراجع سياساتها المزعزعة للاستقرار فى مختلف أنحاء الشرق الأوسط والعالم». من جانبه، قال أمين الناصر الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين لشركة أرامكو السعودية فى رسالة لموظفى الشركة إن أرامكو باتت بعد الهجمات على معاملها فى بقيق وخريص فى 14 سبتمبر «أقوى من ذى قبل». وأضاف فى الرسالة التى وجهها بمناسبة اليوم الوطنى السعودى، الذى يحل فى 23 من سبتمبر «لا شك أن المعتدين كانوا يرغبون فى رؤيتنا منكسرين مزعزعين، ولكن بفضل الله كان لتلك الاعتداءات التى استهدفت ضرب الاقتصاد العالمى وزعزعة صناعة النفط السعودية من خلال تدمير بنية أرامكو السعودية أثر إيجابى لم يحسب له المعتدون حسابا». فى المقابل، حذر قائد الحرس الثورى الإيرانى، حسين سلامى، أمس، من مهاجمة إيران، وقال إن أى دولة تهاجم إيران ستصبح ساحة المعركة الرئيسية فى النزاع، وإن «إيران سترد بشكل صارم على أى هجوم عليها، وأن ردها سيكون قاسيا».