استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس، فى قصر الاتحادية، رؤساء المحاكم الدستورية والعليا المشاركين فى الاحتفالية الدولية للعيد الذهبى للقضاء الدستورى المصرى، فى مقر المحكمة الدستورية وذلك بحضور رئيسها المستشار سعيد مرعى، ونائب رئيسها المستشار عادل عمر شريف. وقال السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى لرئاسة الجمهورية، إن الرئيس وجه التهنئة إلى المحكمة الدستورية بمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبى للقضاء الدستورى المصرى، مؤكداً فخره وجميع المواطنين بالمحكمة الدستورية وما تتمتع به من خبرة وتقاليد قضائية راسخة تأسست منذ عقود طويلة، نجحت خلالها فى التغلب على العديد من التحديات التى واجهتها على مدار السنوات الماضية لإعلاء مبادئ العدالة، بجانب ما تمثله من حصن لحماية الحقوق والحريات. كما رحب الرئيس برؤساء وممثلى المحاكم الدستورية والعليا من مختلف الدول، مشيراً إلى حرصه شخصياً على الالتقاء بهم فى إطار جهود تعزيز علاقات التعاون القضائى المشترك، فضلاً عن أهمية الدور المحورى الذى تقوم به المحاكم الدستورية العليا فى تفعيل الحماية القضائية للمواطنين، وذلك فى إطار سيادة الشرعية الدستورية، وبما يحقق التوازن بين حقوق وحريات المواطنين من ناحية، ومباشرة السلطات العامة لوظائفها من ناحية أخرى. وأوضح المتحدث الرسمى أن رئيس المحكمة الدستورية العليا أشاد بحرص الرئيس على ترسيخ وتعزيز الوعى الشعبى بأهمية دور المحاكم الدستورية فى حماية مقدرات الدول وإرساء دعائم الديمقراطية ودفع التنمية، خصوصاً فى ظل المكانة المتميزة التى تحتلها المحكمة فى وجدان المواطنين، بالإضافة لنجاحها فى إثراء المفاهيم القانونية والدستورية فى ضمير المجتمع. وشهد اللقاء حواراً مفتوحاً بين الرئيس ورؤساء وممثلى المحاكم الدستورية والعليا حول عدد من الموضوعات، خاصةً فيما يتعلق بدور هذه المؤسسات فى الحفاظ على سيادة الدول، كما أعرب المشاركون عن تطلعهم للاستفادة من التجربة المصرية التى تعد نموذجاً لاحترام دولة القانون واستقلالية القضاء. وشدد الرئيس، خلال اللقاء، على أهمية الوعى الشعبى لتعزيز دور القانون والمؤسسات القضائية بغرض تمكين الدول من التصدى بفاعلية للتحديات التى تهدد كيانها، وأخطرها الإرهاب والفكر المتطرف، فضلاً عن صون أمنها واستقرارها، وهو الأمر الذى يستوجب من المؤسسات القضائية الإسهام فى الاضطلاع بتلك المهمة من واقع مسؤوليتها، جنباً إلى جنب مع سائر مؤسسات الدولة، وذلك بهدف ترسيخ أركان الدولة والحفاظ على حقوقها ومكتسباتها وسيادتها وحماية العقد الاجتماعى بينها وبين المواطنين. من جانبه قال المستشار سعيد مرعى، رئيس المحكمة، إن القضاء الدستورى المصرى يدافع عن حريات وحقوق المواطنين ويمارس دوره الرقابى على النصوص التشريعية لضمان اتساقها مع الدستور، مشيرًا إلى أن المحكمة نجحت على مر تاريخها فى تطوير أدائها لترتقى لمكانة متقدمة إقليميًا ودوليًا بسبب استقلالها وقدرتها على تجاوز أى عراقيل لممارسة دورها الذى لا ينعزل عن مجريات الأحداث. وأشار المستشار مرعى، فى كلمة ألقاها أمس، خلال احتفال المحكمة بيوبيلها الذهبى فى ذكرى مرور 50 عامًا على إنشاء القضاء الدستورى فى مصر، وذلك تحت رعاية الرئيس السيسى، إلى أن المحكمة تتطلع منذ نشأتها لتحقيق آمال الأمة ولا تتدخل برقابتها اندفاعًا ولا تعرض عنها تراخيًا، مشيراً إلى أن القضاء الدستورى يتخطى العراقيل التى قد تواجه قضاءه لضمان الحقوق والحريات العامة كارتكاز رئيسى لدور المحكمة. وشدد المستشار مرعى على أن المحكمة تلتزم بالمهمة التى أناطها الدستور بها لتحقيق العدل والدفاع عن الحريات لاستمرار الشرعية الدستورية، وكذلك تنقية النصوص القانونية من الشوائب، لافتاً إلى أن المحكمة تنظر لآمال المجتمع باعتبارها إطارًا للقيم التى احتضنها الدستور فلا يكون تطبيقها لأحكامها جامدًا عصيًا على التطور أو منعزلاً عن بيئتها أو مجاوزًا لحقائق العصر التى نعايشها، أو مقيدًا بأوضاع غض الزمن بصره عنها. وقال المستشار عادل عمر شريف، نائب رئيس المحكمة، إن 5 عقود مضت على إنشاء القضاء الدستورى المصرى من خلال المحكمة الدستورية التى تمثل القمة من خلال ما أسهمت فيه من رسم العدالة الدستورية ومراعاة حقوق وحريات الأفراد وضابطة للأمن والسلام فى المجتمع، مشيرًا إلى أنها وضعت الإنسان أمامها أيًا كانت جنسيته أو ديانته لتحقيق المساواة والعدل. وأضاف المستشار شريف إن دور المحكمة الدفاع عن التوازن بين اعتبارات الحرية والسلطة، فى إطار منظومة ديمقراطية متقدمة، كما نشرت مفاهيم الدستور والقضاء الدستورى بين المواطنين، منوهًا بأن القضاة الدستوريين على مر أجيالهم أسهموا بشكل متميز فى تحقيق العدالة الناجزة وربطها بالعدالة الدولية بما يتعارف عليه لدى الحضارة المتقدمة دون مساس بالهوية المصرية الأصيلة والثوابت التى شكلت الشخصية المصرية. وتابع أن المحكمة لم تكن بمعزل عن المتغيرات على الساحة الإقليمية والدولية، حيث لم تقصر نشاطها على نطاق الوطن وكان لها نشاط ملحوظ فى التعاون العربى والإفريقى والدولى لتصبح مقرًا لاتحاد المحاكم الدستورية العربية، ومظلة للتجمع رفيع المستوى للمحاكم الدستورية والعليا فى القارة الإفريقية. وأشار إلى أن المحكمة أصبحت مقرًا للعديد من اللقاءات الدولية للتعاون من أجل تبادل الخبرات وتكريس حماية الحقوق والحريات على المستوى الدولى فى العالم المعاصر، منوها بأن مؤتمراً علمياً يعقد على هامش الاحتفال، لبحث التحديات التى تواجه القضاء الدستورى فى العديد من الدول. ونقل المستشار محمد حسام عبدالرحيم، وزير العدل، تهنئة الرئيس السيسى والدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، للمحكمة الدستورية رئيسًا ونوابًا وأعضاءً بمناسبة اليوبيل الذهبى على إنشاء القضاء الدستورى، مشدداً على أن نجاح المحكمة مرتبط بإرادة شعبية جارفة تعلى مكانتها لإعلاء جميع سلطات الدولة ورؤسائها ونوابها، والمفوضون مستقلون لا يجوز فصلهم. وشهد الاحتفال حضور 48 وفدًا تمثل المحاكم الدستورية والعليا بعدد من الدول العربية والإفريقية والأجنبية، بالإضافة لوزراء العدل والتخطيط والنقل وعدد من رؤساء وممثلى الهيئات القضائية المختلفة. وتستمر الاحتفالية على مدار 3 أيام، وتشهد عقد جلسات حوار بين رئيس المحكمة ونوابه وبين رؤساء المحاكم الدستورية العليا وأعضاء وفودها المشاركة حول اهتمامات أمر القضاء الدستورى بمختلف أنظمته. ويناقش المؤتمر العلمى أهم التحديات والإنجازات التى قامت عبر القضاء الدستورى من خلال مائدة مستديرة تقام على مدار يومين تستعرض موضوعات حماية الحقوق والحريات الدستورية فى العصر الحديث، والتعاون بين المحاكم الدستورية والمحاكم العليا، والنزاهة القضائية ومكافحة الفساد، وتحسين تكنولوجيا المعلومات للمناخ القضائى.