«الشيوخ»: الإضرار بالأمن المائي المصري يؤثر سلبًا على استقرار المنطقة بأكملها    القوات المسلحة تهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى 51 لنصر أكتوبر    برلمانية: مصر تعيش لحظات فارقة تستوجب التكاتف لمواجهة التحديات    بداية جديدة لبناء الانسان.. ماذا فعلت لأهالي قرية البراهمة بقنا؟    رئيس الوزراء: الدولة خسرت 60% من إيرادات قناة السويس بسبب أحداث المنطقة    البورصة المصرية تخسر 29.9 مليار جنيه في ختام تعاملات الأربعاء    محافظ القاهرة: «هيئة النظافة» حققت طفرة كبيرة خلال الفترة الماضية    «بنك مصر» و«أمازون» يعقدان شراكة مع «مصر للطيران» لتمكين المدفوعات الإلكترونية    رئيس مجلس الشيوخ: نشيد على الدوام بالموقف المصري تجاه الحرب في غزة    موعد مباراتي مصر وموريتانيا في تصفيات أمم أفريقيا والقنوات الناقلة    تشيزني يوقع عقود انتقاله ل برشلونة    بروتوكول تعاون بين الاتحادين المصري والتونسي لكرة اليد    200 مليون جنيه لحل أزمة زيزو.. وجوميز يرفض مصطفى أشرف    قرار جديد بشأن المتهمين باختلاق واقعة السحر للاعب مؤمن زكريا    سقوط المتهم بتزوير المحررات الرسمية وإثبات مؤهلات مزيفة في البطاقات بالشرقية    محامي المتهمين واقعة مؤمن زكريا ل الشروق: النيابة تحقق مع نجل التُربي والمتهمين أكدوا بحدوث الواقعة    ومن الميراث ما قتل.. أب يقتل شقيقه بمساعده نجلية في الشرقية    قصور الثقافة تعد برنامجًا مكثفًا للاحتفال بذكرى انتصارات حرب أكتوبر    مهرجان أسوان يبدأ استقبال أفلام دورته التاسعة    افتتاح الدورة السابعة لمعرض دمنهور للكتاب ضمن مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"    إيمان العاصي وابنتها وعائلة أميرة أديب ضيوف "صاحبة السعادة"    وزير الثقافة يلتقي أعضاء "نقابة الفنانين التشكيليين"    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة القادمة    جمال شعبان: نصف مليون طفل مدخن في مصر أعمارهم أقل من 15 عامًا    الرئيس الصينى لبوتين: مستعدون لمواصلة التعاون العملى الشامل مع روسيا    بروتوكول بين هيئة الاستشعار وجامعة المنصورة الأهلية لدعم الأبحاث والتدريب    وزارة الثقافة تعلن فتح باب التقدم لجوائز الدولة التشجيعية لعام 2025    فرنسا تدين بشدة الغارات الإسرائيلية الجديدة في قطاع غزة    استشهاد وإصابة 8 جنود من الجيش العراقى فى اشتباكات جنوب كركوك    الثانى والأخير ب2024.. تفاصيل كسوف الشمس الحلقى المرتقب خلال ساعات    النيابة تطلب تحريات مصرع عامل تكييف سقط من الطابق الثالث في الإسكندرية    أستاذ جامعي: شمولية «حياة كريمة» سببا في توفير مناخ جاذب للاستثمار    علي معلول يهدد فرص نجم الأهلي في الرحيل    عبدالواحد: المبالغة في الاحتفال؟!.. نريد جماهير الزمالك أن تفرح    10 مليارات دولار حجم صادرات الصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية    جامعة المنوفية: إحالة عضو هيئة التدريس صاحب فيديو «الألفاظ البذيئة» للتحقيق (بيان رسمي)    9 معلومات عن صاروخ «الفاتح».. قصة «400 ثانية من إيران إلى إسرائيل»    مواليد 3 أبراج محظوظون خلال الفترة المقبلة.. هل أنت منهم؟    رئيس مياه القناة: مستعدون لاستقبال فصل الشتاء بالسويس والإسماعيلية وبورسعيد    الجمعة المقبل غرة شهر ربيع الآخر فلكياً لسنة 1446 هجريا    رئيس جامعة الأزهر: الإسلام دعا إلى إعمار الأرض والحفاظ على البيئة    ضبط 27 طن لحوم ودواجن وكبدة فاسدة بالجيزة خلال سبتمبر الماضي    «الصحة»: ننفق 20 مليار جنيه على أمراض التقزم والأنيميا    «مستشفيات بنها» تحذر المواطنين من التناول العشوائي للأدوية.. تسبب في تسمم 136 حالة    الاعتماد والرقابة الصحية: القطاع الخاص شريك استراتيجى فى المنظومة الصحية    محطة معالجة سلامون بحرى تحصد المركز الأول فى تسرب الكلور بمسابقة تنمية مهارات السلامة    سقوط 6 تشكيلات عصابية وكشف غموض 45 جريمة سرقة | صور    الرئيس السيسي يهنئ غينيا وكوريا وتوفالو بيوم الاستقلال والتأسيس الوطني    البحوث الإسلامية يختتم فعاليات «أسبوع الدعوة».. اليوم    مساعد وزير الصحة: مبادرة «بداية» تهتم بالإنسان منذ النشأة حتى الشيخوخة    أذكار الصباح والمساء مكتوبة باختصار    كل الآراء مرحبٌ بها.. الحوار الوطني يواصل الاستماع لمقترحات الأحزاب والقوى السياسية حول ملف دعم    محمد فاروق: الأهلي يجهز عرضين لفك الارتباط مع معلول    جيش الاحتلال الإسرائيلي يوسع نطاق دعوته لسكان جنوب لبنان بالإخلاء    بالصور.. نجوم الفن في افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    أمين الفتوى: الأكل بعد حد الشبع حرام ويسبب الأمراض    عاجل - أوفينا بالتزامنا.. هذه رسالة أميركية بعد هجوم إيران على إسرائيل    انتخابات أمريكا 2024| وولتز يتهم ترامب بإثارة الأزمات بدلاً من تعزيز الدبلوماسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة والإصلاح الاجتماعى (2-2)
نشر في المصري اليوم يوم 24 - 05 - 2011


نهاد أبوالقمصان
أى مستقبل نريد؟ هذا هو التساؤل الذى يجب أن نجيب عنه بشجاعة، لذلك وفى هذا الجزء الأخير من المقال الذى نشر الجزء الأول منه أمس نتناول قانون الأحوال الشخصية، حيث شكل إلغاء تعديلات قانون الأحوال الشخصية بعد مقتل السادات صدمة للعديد من الإصلاحيين فى مصر، لاسيما بعد أن ربط المحرضون ضد القانون بينه وبين السيدة جيهان السادات، ومن ثم تلاه إصدار القانون رقم 100 لعام 1985، الذى ألغى حق النساء فى إقامة دعوى بالطلاق لمجرد أن الزوج اتخذ زوجة ثانية، إلا أنه من حق النساء الحصول على الطلاق فى حالة إثباتهن الضرر الواقع عليهن، بسبب هذا الزواج الجديد، وظل تعريف ما يمثل «الضرر» فى القانون شديد العمومية، مما يعطى القاضى سلطات واسعة فى عملية تفسير القانون، الأمر الذى أضر بالنساء وبالأسرة إجمالاً فى قضايا الطلاق، حيث حتم على كل امرأة تسعى للطلاق أن تحاول الحصول على شهود وتقرير طبى، حتى لو كان مزوراً، لإثبات الضرر، مما جعل هناك ضرورة لأن تشرك كل المحيطين بها من أقارب وجيران فى المشكلة للحصول على شهود، وتثبت فى أوراق القضية، بما لا يدع مجالاً للشك، لدى القاضى أن هذا الزوج وأب الأبناء من أسوأ الرجال ولا تطيق العيش معه، الأمر الذى تترتب عليه آثار وخيمة على هذا الرجل وأولاده، لاسيما عند التحرى لشغل منصب أو وظيفة مهمة!.. وهو ما ينطبق أيضاً على دعوى الطلاق للضرر بسبب اتخاذ الزوج زوجة ثانية فى خلال عام من علمها بهذا الزواج، حيث لا يعد الضرر النفسى سبباً كافياً.
ومع بطء عملية التقاضى فى مصر وقع العديد من النساء فى أسر عملية طويلة ومعقدة للحصول على الطلاق، تستغرق فى أفضل الحالات أربعة أعوام ليصبح حكماً نهائياً من محكمة الاستئناف قد تتزوج بعدها من رجل آخر وتنجب أطفالاً، ثم تفاجأ بحكم محكمة النقض يلغى حكم محكمة الاستئناف لتعود زوجة للزوج الأول والثانى معاً بموجب القانون.
بل إن من القصص الشهيرة لدى العائلات المحافظة التى ترفض وجود خطبة دون عقد قران أن يتم عقد القران لحين الانتهاء من إعداد المنزل، وعند نشوب خلاف بين أهل العروس والعريس ينصرف الثانى ليبدأ حياته مع زوجة أخرى ويترك الخطيبة فى أروقة المحاكم لمدة قد تصل إلى عشر سنوات، تنتهى معها فرصها فى إقامة حياة جديدة فى وقت قد يلتحق أبناؤه فيه بالمدرسة الإعدادية.
وفيما يتعلق بمنزل الزوجية لا يمنح القانون 100 لسنة 85 النساء حق الاحتفاظ بمنزل الزوجية أثناء حضانتهن الأطفال، وبدلاً من ذلك يفرض القانون على الأزواج دفع أجر مسكن، ومن المؤسف أن التطبيق العملى للقانون يبين أن المحكمة تلزم الأزواج- فى أغلب الحالات- بدفع مبالغ محدودة للغاية لتغطية أجر المسكن.
دفع هذا الوضع الملتبس ائتلافاً من الناشطات النسويات، والمحاميات والمنظمات غير الحكومية ومسؤولين حكوميين ومفكرين منذ الثمانينيات وحتى الآن للقيام بجهود متعددة من أجل إدخال سلسلة من الإصلاحات تتناول الفجوات فى قوانين الأحوال الشخصية الحالية، امتدت مجهودات الإصلاحيين لأكثر من عشرين عاماً فى وقت كانت فيه السيدة سوزان مبارك تقوم بالأدوار التقليدية لما سمى السيدة الأولى مثل الاهتمام بالطفولة من منظور خيرى وإقامة حفلات أعياد الطفولة وغيرها مع إنشاء المجلس القومى كآلية وطنية بدأ منفتحاً على العمل الأهلى فى مصر وذلك بقيادة الوزيرة المحترمة ميرفت التلاوى، لذا كانت من خطواته الأولى الدفع إلى إصدار قانون إجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000 الشهير ب«الخلع» الذى من المفترض أن يوفر إجراءات شاملة تتسم بالطابع البسيط والمباشر عند النظر فى قضايا الأحوال الشخصية، وبدلاً من مئات القوانين التى كانت تحكم الإجراءات الخاصة بالنزاعات الأسرية احتوى القانون الجديد على 79 مادة فقط. أكثر المواد التى أثارت معارضة كبيرة فى القانون رقم 1 لعام 2000 هى المادة رقم 20 الخاصة بالخلع، والمادة 17 الخاصة بالزواج العرفى، وقد اتسم الجدل فى مجلس الشعب بهذا الصدد بالسخونة والخلاف.
ولم يقتصر رفض مادة الخلع على أعضاء أحزاب المعارضة وإنما ضم أيضاً أعضاء من الحزب الحاكم ونظرة سلبية للقدرات المنطقية والأخلاقية والجنسية للنساء، عكست انعدام ثقة مفرطاً فى قدرة الرجال على الاحتفاظ بزوجاتهم فى ظل علاقة متكافئة، لكن الموقف الرسمى للأزهر كان داعماً للقانون رقم 1 لعام 2000 فقد رأى شيخ الأزهر أن مادة الخلع تتماشى مع تعاليم الدين.
أجمع كل من مؤيدى القانون ومعارضيه من العلماء على أن القرآن والحديث النبوى يقران الخلع، ولكنهما اختلفا حول تفسير كيفية تطبيق الخلع وفقاً للمصادر الدينية «السند الدينى للخلع يرتكز إلى الآية 229 من سورة البقرة، كما يستند إلى الحديث النبوى الخاص بزوجة ثابت بن قيس، التى أفادت الرسول بأنها لا ترغب فى الحياة مع زوجها على الرغم من أنه لم يؤذها، فطلب منها الرسول إعادة مهرها إليه (حديقة) ثم منحها الطلاق».
ومن الغريب أن جميع الأطراف الذين شاركوا فى هذا الجدل العام استخدموا الخطاب الدينى من أجل الدفاع عن حججهم، ودحض حجج الطرف الآخر، إلا أننا لا نستطيع أن نعتبر الجدل حول قوانين الأسرة فى مصر يعنى فقط بالتفسير السليم لتعاليم الشريعة حول العلاقات الأسرية فهو يعكس أيضاً المخاوف والإشكاليات المتعلقة بالظروف الاقتصادية والاجتماعية المتغيرة.
ورغم بعض الإيجابيات فى هذا القانون إلا أن المعنيين بالإصلاح لم يكونوا سعداء به، لأنه أجهض الحديث عن إصلاح شامل لقانون الأحوال الشخصية.
أدت التعديلات الجزئية المتعددة لقوانين الأحوال الشخصية وغياب رؤية كلية، فضلا على الظل الثقيل للسيدة سوزان مبارك على ملف الأسرة، إلى احتقان اجتماعى غير مسبوق ناتج عن إحساس مفرط بالظلم لدى النساء لطول وتعقد إجراءات التقاضى ورؤية اجتماعية بأن النساء حصلن على كل حقوقهن. وأمام ضغط المجتمع المدنى والمنظمات النسائية لإصدار قانون جديد أكثر انسجاماً وإلماماً بالتطورات الاجتماعية الحديثة ودور المرأة فى المجتمع- حدث التفاف على هذه المطالب وصدر القانون رقم 10 لعام 2004 الشهير بمحكمة الأسرة، بالإضافة إلى تأسيس صندوق للأسرة قائم بحد ذاته بمقتضى القانون رقم 11 لعام 2004 للمساعدة فى حل إشكاليات تنفيذ أحكام النفقة، لاستكمال استراتيجيات التعديلات الجزئية غير المستجيبة لمطالب المجتمع. من المفترض أن يستهدف القانون المكون من 15 مادة تحقيق التالى:
1- توفير عدالة متخصصة وفعالة، 2- توفير نوعية جيدة من الخدمة القانونية، 3- توفير آليات بديلة لحل النزاعات الأسرية، 4- توفير آليات لتنفيذ أحكام المحاكم، فبدلا من النظام القديم الذى كان يوزع قضايا الأحوال الشخصية ما بين المحاكم الجزئية والابتدائية، وينص القانون الجديد على أن تنظر الأخيرة جميع قضايا الأحوال الشخصية، إدماج التسوية فى العملية القانونية، فقبل أن يتمكن أى من الطرفين المتنازعين من إقامة دعوى، عليه أو عليها تقديم طلب تسوية، لو أخفقت التسوية، تستطيع الأطراف المتنازعة إقامة دعوى قضائية، أيضا يلغى هذا النظام درجة التقاضى أمام محكمة النقض، وقد رأى المهتمون بالقانون أن رؤية كلية تهدف إلى تحقيق المصالح الفضلى للأسرة أدت إلى خلق بيئة تشجع على العنف ضد النساء، حيث بات راسخاً لدى قطاع كبير من الرأى العام والقضاة فى بعض الأحيان أن النساء حصلن على حقوق ما كان ينبغى لهن الحصول عليه.
والواقع أن تجارب المتقاضيات المصريات تشير إلى أن هناك نواحى متعددة فى النظام القانونى منعت هؤلاء النساء من الحصول على حلول عادلة وسريعة فى النزاعات الأسرية، وهكذا وصلت قضايا دعاوى الطلاق إلى أعداد مذهلة سنويا، إذ تقدرها بعض الأدبيات بحوالى نصف مليون حالة سنويا، بل إن تنصل الدولة من مسؤولياتها تجاه تنفيذ أحكام النفقة التى تصدر بعد طول نزاع قد يصل إلى ثلاث سنوات للحصول على مورد لإطعام الأطفال، بل جعل تنفيذها مسؤولية النساء أنفسهن أدى إلى إحساس بالظلم البين لدى الزوجات.
لقد كانت مبادئ الثورة ومطالبها العدالة، الحرية، الكرامة الإنسانية، ولن تنتصر الثورة بتغيير الأشخاص وإنما بتحقيق ما نادت به، وذلك بمراجعة منظومة الأحوال الشخصية فى مصر بناء على حوار جاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.