الحديث عن احتقارنا للغة العربية واستهتارنا بها وإدراجها فى المرتبة الثانية ليس جديدًا أو مبدعًا، ولا أعتقد أنى كنت أول من دافع أو من سوف يستكمل الدفاع عنها. الحديث عن هذه «العقدة» بأن لغة «الخواجة» هى اللغة التى سوف تساعدنا أن نسمو إلى مراتب أعلى من خلال استخدامنا لكلماتها والتباهى بها وسط المجتمعات الراقية أو المدعية الرقى- أصبح مضحكًا. الحديث عن هذا الاستخفاف بقومية وعروبة وهوية لغتنا العربية والذى أصبح مجسدًا ونحن نشاهد بفخر أولادنا أيًا كان مستواهم الاجتماعى لا يتحدثون- أو يجتهدون للتحدث بلغة أجنبية- أصبح بالفعل شيئًا مقززًا.. ولا أريد استكمال هذا المقال حول هذا الموضوع المهم الذى تناولته مرارًا من قبل وتبّحر فيه كتاب غيرى كثيرون، ولكنى أريد أن أشارك معكم ملحوظة مضحكة تطرقت إليها من قبل تتعلق بكلمة عربية عامية اسمها «الجزمة»، يطلق عليها المصريون ال«Shoes».. تعالوا فسروا معى مفهوم الإحراج الذى يصيبنا عند النطق بهذه الكلمة. القصة تبدأ عندما اشتريت جزمة جديدة لا مؤاخذة «شوز» «Shoes» أصل عيب دلوقتى تقول «جزمة».. اختفت كلمة «جزمة» من القاموس العربى وقريبًا لا تستبعد أن تبحث من خلال قاموس عربى/ إنجليزى، عن حرف «ش» للتعرف على معنى كلمة «شوز». وكما ذكرت نحن على هذا الحال منذ سنوات، وإلى الآن لا أجد تفسيرًا منطقيًا يشرح الإحراج الذى يصيب الأغلبية من المصريين على جميع المستويات، عند استخدامهم كلمة «جزمة» واستبدالها بكلمة «شوز» «Shoes» التى تحمل نفس المعنى، ولكن باللغة الإنجليزية.. ربما فى هذه اللغة «شياكة» عن اللغة العربية؟!.. لا أعلم!!. وهناك تعبير إنجليزى راق يقول «put yourself in my shoes» أى ضع نفسك فى مكانى، وهو تعبير إنسانى مرهف فى رأيى الشخصى يتلخص معناه فى أهمية التفهم لمواقف وظروف الآخرين وتجنب الحكم القاسى عليهم، ما دمنا لا نرتدى جلبابهم «أعنى مشاكلهم أو ظروفهم». ولا أعتقد أن هذا المعنى الإنسانى هو الذى ساعد على استبدال كلمة «جزمة» ب«شوز»!!، بل أعتقد أن الغالبية العظمى المتنصلة أو المكسوفة من كلمة «جزمة» هى التى نسيت تعبيرًا مصريًا أصيلًا كنا نسمعه تقديرًا للجميل والعرفان فى زمن تلاشت معانيه الأصيلة وهو «ده أنا أحط جزمتك على راسى من فوق». «تعبيران» فى قمة من السمو والرقى الإنسانى والأخلاقى أحدهما إنجليزى والآخر عربى، والجزمة فى كليهما هى البطل.
