تفجرت مؤخرا أزمة عنيفة فى القضاء تنذر بعواقب وخيمة على مناخ العدالة والحرية --- بعدما أعلن المستشار الخضيرى ومعه المستشار مكى وغيرهم أن الفساد طال القضاء وقد قال المستشار الخضيرى بالحرف الواحد أن هناك مالايقل عن 300 قاضى منحرف ومازالوا على رأس عملهم --- وبدأالناس يتهامسون فيما بينهم ياتُرى هل كان القاضى الذى أصدر الحكم ضدى من هؤلاء ومن ناحية أخرى يتسأل أخرون ممن حُكم لخصومهم بالبراءة قد يكون القاضى الذى حكم لخصمى بالبراءة من هؤلاء؟ --- وأظن أن كل المحامين الذين خسروا قضايا كانوا يترافعون فيها سيتسلل الشك فى نفوسهم أن يكون قاضيهم من هؤلاء --- ومابالكم لو كانت هذه الأحكام بالإعدام أو المؤبد ويكون المتهم قد قُضى ماذا يكون شعور أهله إذا تسلل الشك فى قلوبهم فى أن يكون الحكم الذى صدر عليه أو علي ذويه شارك فيه أحد هؤلاء القضاة المتهمين بالإنحراف على حد قول المستشار الخضيرى ---- قضية شائكة وخطيرة للغاية واذا لم يُتخذ إجراء عاجل بهذا الشأن وفى هذا التوقيت والذى يستعد فيه القضاء للفصل فى قضايا الفساد المتعلقة بالنظام السابق فكيف يثق الناس فى الأحكام التى ستصدر إذا كانوا متشككين فيمن سيصدرها ------ وهذا يأخذنا إلى منحى آخر الا وهو قناعة غالبية الشعب أن معظم العاملين فى السلك القضائى حصلوا على وظائفهم بالواسطة والمحسوبية والتوريث وهذا يضيف ملحا على الجرح ويزيد من يقين الناس ان ماأُعُلن عنه مؤخرا بخصوص هذا العدد من الفاسدين ليس بأمر مستغرب ولا مستبعد وقد يكون العدد أكبر من ذلك بكثير – لأنه من المنطقى أن من أغتصب حق غيره فى حصوله على وظيفة مرموقة وتخطى نظرائه وحطم أحلامهم --- ليس من المستبعد عليه أن يكون فاسدا ------- فما بنى على باطل فهو باطل نحن فى أزمة لانظير لها ---- ولى اقتراح قد يبدوا عجيبا ولكنى أستند فيه إلى قاعدة فقهية وقضائية يُعمل بها يوميا فى محاكمنا آلا وهى :" البينة على من إدعى واليمين على من أنكر" ---- وهى قاعدة تضع كل منا أمام ضميره عند غياب البينة وهذا وارد فى كثير من القضايا ---- ولذا أطلب ممن يملكون بينة على فساد قاضى أن يعلنوها فورا ويقدموها للمجلس الاعلى للقضاء والنائب العام وأولى الامر ولكن هذا وحده ليس كافيا لاإثلاج صدور المصريين وإستعادتهم لثقتهم الكاملة فى قضائنا النزيه ---- فكيف لنا أن نعرف من عُين بالواسطة والمحسوبية والتوريث ----- ولذا أعتقد أن الحل السريع الذى يبرئ ذمة القضاة أن يحلفوا يمين الله أمام المجلس الأعلى للقضاء وعلى الهواء مباشرة ويكون نص القسم كالتالى : "" أقسم بالله العظيم أننى عُينت فى وظيفتى هذه منذ البداية بدون اللجوء لواسطة أو محسوبية أو توريث من أبى أو اخى أو احد اقاربى ----- وأقسم بالله ايضا أننى لم أحكم الا بالعدل ولم أستغل منصبى فى الحصول على أية إمتيازات ليست من حقى ولم أساعد أحدا فى إغتصاب حقوق الأخرين ولم أسعى لتعيين أحدا من أقاربى فى سلك القضاء ."" وهنا أحب أن أذكًر من سيقوم بحلف اليمين بحديث رسول الله : في رواية عن عدي بن بحيرة قال: "كان بين امرئ القيس ورجل من حضرموت خصومة فارتفعا إلى النبي فقال للحضرمي: "بينتك وإلا فيمينه" ، قال: يا رسول الله إن حلف ذهب بأرضي، فقال رسول الله "من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها حق أخيه لقي الله وهو عليه غضبان" ، فقال امرؤ القيس: يا رسول الله فما لمن تركها وهو يعلم أنها حق؟ قال: "الجنة" ، فقال : أشهدك أني قد تركتها، فنزلت هذه الآية وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾آل عمران: 77 وقد قال صلى الله عليه وسلم(من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة. قالوا:وان كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: وإن كان قضيبا من إراك ) رواه مسلم أتمنى ألا يصيب هذا المقال أحدا بالضيق أو الكبر فيا قضاة مصر أنتم بشر مثلنا ينزغ لكم الشيطان كما ينزغ لنا وتملكون نفسا أمًارة بالسوء مثلنا وتخطئون وتصيبون مثلنا وكنتم زملائنا فى المراحل الدراسية المختلفة ولم تكونوا أكثرنا علما ولاخلقا ---- وعُين عدد منكم بالواسطة "سنعرف حجمه بعد حلف اليمين" ولذا لاتنزعجوا من هذا الطلب فهو يصب فى مصلحتكم وقدسية مهنتكم ولتتخصلوا ممن قد يسئ لقدسية المهنة --- فالحق مر ولكنه يشفى --- ومن يجد فى نفسه ضيقا مما كتبت فليراجع نفسه فأنا أعرض حلا يبرئ ذمة الشرفاء ولايكلفهم شيئا --- ويريح كل أهل مصر الذين مازالوا يعتبرون القضاء هو حصنهم الأخير ----- وبقاءه نزيها يعطينا الأمل فى أن نتخطى مانحن فيه من محن----- و من أجمل ما قيل عن القضاء ما ذكره و نستون تشرشل عندما تفشت الرشوة في المملكة المتحدة أيام الحرب العالمية الثانية عندما تقدم إليه أحد مستشاريه و اخبره إن الرشوة تفشت في المملكة فكان سؤاله له ( هل الرشوة وصلت ألي القضاء ؟ ) كانت الإجابة لا--- فكان رد رئيس وزراء إنجلترا تشرشل " إذن البلد في أمان وبخير ". وأذكركم بقول الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألاتعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) صدق الله العظيم ايها القضاة الشرفاء إحلفوا يمين الله لتبرءوا ذمتكم وتخرسوا الألسنة ولكم الأجر والثواب وعلى الله قصد السبيل