انتهزت جريدة «واشنطن بوست» الإفراج عن أسرار حرب فيتنام التى تحتفظ بها الدول عادة لمدد معينة.. وأعلنت الجريدة لأول مرة صراحة أن أمريكا خسرت هذه الحرب التى خاضتها فى أول نوفمبر 1955.. تقول آخر إحصائيات إن أمريكا خسرت 59 ألف قتيل و300 ألف جريح.. وهذه الحرب بالذات لها صلة بكلاى بطل العالم فى الملاكمة.. وبمصر!! فبعد أن فاز كلاى ببطولة العالم أعلن إسلامه وسمى نفسه «محمد على كلاى» وكون «جماعة محمد المسلمة من السود».. هنا بدأت أمريكا تحارب كلاى.. صدر قرار بتجنيد كلاى وإرساله إلى فيتنام!! فقرر كلاى رفض قرار تجنيد!!.. ونشر فى الصحف أنه مستعد لمحاربة عدو ولكن فيتنام ليست عدوة!! وإنه متأكد بأنه لن يحارب لأن رصاصة ما ستأتيه سريعاً من الخلف لا من الأمام!!.. تقرر سجن كلاى لمدة عام.. خلال هذا العام نجا من أكثر من محاولة قتله بالسم فى السجن!! عندما خرج من السجن وهو يحمل لقب بطل العالم رسمياً قرر اتحاد ملاكمة المحترفين تنظيم مباراة عاجلة بين كلاى ومن يدعى «ليستون الشرير» فى لندن!! ليستون هذا أبعد ما يكون عن الجنس الآدمى.. عبارة من حائط طولاً وعرضاً وفوق الحائط رأس وذراعان على الجانبين.. كان التخطيط هو قتل كلاى على الحلقة بلكمات ليستون الشرير القاتلة!! والمباراة فى لندن بعيداً عن جماعة محمد الأمريكية التى كونها كلاى وبعيداً عن السود عموما.. خاصة أن كلاى نقص وزنه كثيراً فى السجن ولم يتمرن لا فى السجن ولا عندما خرج!! وهزيمته مؤكدة!!. ■ ■ ■ ظل كلاى يتلو بصوت منخفض آيات القرآن من صباح يوم المباراة حتى بدأت المباراة بالهجوم المستمر من جانب كلاى حسب تعليمات المدرب، لأن طول وقت المباراة فى غير صالحه.. ولم تمر دقائق حتى فرد كلاى «الخرطوم»- كانوا يسمون ذراع كلاى الخرطوم لطوله غير العادى- ليوجه ضربه قاتلة فى رأس ليستون فوقع على الأرض مغمى عليه واحتفظ كلاى بلقب بطل العالم.. وتحول كلاى إلى «أسطورة عالمية».. وهو لا يزال فى لندن قررنا توجيه دعوة له لزيارة مصر والالتقاء بعبد الناصر.. قال سفيرنا فى لندن لمصطفى البحيرى الملحق الدبلوماسى بالسفارة وكان زميلنا يوماً ما فى الجمهورية- إن كلاى «يعشق» عبدالناصر بجنون. ■ ■ ■ اتصلت بالمرحوم صلاح الشاهد كبير الياوران وقلت له: ما رأيك فى أن يزور كلاى مصر ويلتقى بجمال عبدالناصر؟.. شهق صلاح الشاهد ولم يصدق.. كان كلاى أهم شخصية فى العالم.. وسألنى ما الحكاية؟.. قلت له: سفيرنا فى لندن يحتاج للضوء الأخضر وسوف تجد كلاى فى القاهرة.. وبالفعل وصل كلاى مطار القاهرة ومعه شلة كبيرة فهو لا يمشى إلا وحوله كثيرون.. نزلوا فى فندق شيراتون وسط النيل فى حى قصر النيل.. وكان فى منتهى السعادة وهو يزور عبدالناصر فى منزله الذى دعاه لحفل شاى.. ورحب بالذهاب إلى جريدة «الجمهورية» ليقوم بتتويج صالح سليم «نجم الموسم».. وسافر إلى الإسكندرية مع كل شلته.. فقد سمع عن مدينة الإسكندرية ولم يكن قد رآها.. ومكث فيها يوماً. ■ ■ ■ وقبل أن يسافر من القاهرة إلى أمريكا رأساً.. اتصل بى مدير فندق شيراتون عبدالمجيد اللبان صهر ثروت عكاشة ليقول لى: هل تعلم فاتورة كلاى وصلت لكام؟، رقم مرعب.. صلاح الشاهد يسكن فى أول دور فى عمارة على النيل بالجيزة.. بعد الانتهاء من الجريدة تحسست الشوارع فى ظلام الليل.. كان صلاح فى انتظارى فتربطنا علاقة نسب.. دخلنا غرفة الصالون ففوجئت بثلاث صور ببرواز فخم حجم كبير.. صورة الملك فاروق وصورة محمد نجيب وصورة عبدالناصر فوق الكنبة الرئيسية فتوقفت أمام الصور.. فقال لى صلاح الشاهد: - عبدالناصر عندما جاء هنا ليحضر كتب كتاب ابنتى على الدكتور أحمد طلعت قريبك وقف مثلك تماماً وأخذ ينظر إلى الصور، فقلت له: لأننى أحب هذا الشخص وأخلصت له فى عملى كانت هذه الصورة، وأشار إلى صورة الملك، وأيضا لأننى أحب هذا الشخص وأخلصت له فى عملى كانت هذه الصورة، وأشار إلى صورة محمد نجيب، ولأننى أحب هذا الشخص وأخلص له حتى هذه اللحظة كانت هذه الصورة.. ضحك عبدالناصر وجلس بجوار المأذون تحت الصور وصدرت التعليمات للمصورين بعدم تصوير الصور مع صورة عبدالناصر. المهم بطريقة الهجوم خير من الدفاع قلت له: لماذا لم ترسلوا أى مبلغ للفندق حتى الحساب النهائى لأن السفر غداً.. ثم تذاكر السفر أيضاً غداً صباحاً لأن السفر فى المساء.. وقد كان.. دفعت رئاسة الجمهورية الفواتير المرعبة وكل التذاكر درجة أولى ونجت جريدة «الجمهورية» من الإفلاس!!. على فكرة.. كلاى كتب مذكراته ونشرتها فى ثلاثين حلقة صفحة كاملة كل يوم.. ثم حولتها لمسلسل فى الشرق الأوسط إخراج سمير عبدالعظيم بعنوان «قبضة حب»!! بطولة عزت العلايلى.
